فريج الفاضل.. أيام جميلة ليتها تعود
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٥ يونيو ٢٠١٢
خلال شهر مايو الماضي ضم نادي الخريجين بالعدلية جمعا غفيرا من نساء أهالي حي الفاضل العريق.. هذا الحي الذي تضمه طرقات ودروب المنامة الحبيبة والعزيزة على قلوبنا جميعاً وقد كانت كل منهن تسابق الريح كي تصل في الموعد المحدد وكلها شوق لرؤية بنات الفريج الواحد الذي فرق الزمن بينهن إثر مشاغل الحياة اليومية والظروف الاجتماعية والمعيشية الطارئة وقد تم إعداد فكرة الملتقى النسائي من قبل الأستاذة وداد الفاضل وفوزية زباري ومها الزامل بالإضافة إلى مشاركة مجموعة أخرى من نساء أبرز العوائل التي سكنت هذا الحي.. هذا الحي الذي يطل على البحر في كل لحظة.. هذا الحي الذي تحيط به العيون العذبة من كل اتجاه «يا من يرويني بعذب عيونها فقد ظمئت نفسي وعز الشراب».
من منا لا يعرف حي الفاضل بالمنامة.. هذا الحي المنيع الذي لم يكن يجرؤ الأغراب في يومً من الأيام على اقتحامه ولو مروراً وعندما يجرؤ أحدهم على المرور يتم إيقافه ثم مساءلته فكم كان أهالي فريج الفاضل يعشقون البحر وعين ماء الباكر فليس ثمة سيرة طفل أو رجل أو امرأة بدونهما فعين الباكر قريبة من البحر يزورها القادمون من كل مكان كما أن الكثير من موزعي الماء السقائين يحرصون على ملء خزاناتهم الصغيرة منها قبل أن يحملوها على أكتفاهم ليزودوا منازل الحي بمائها.
في حي الفاضل تتلاصق البيوت وتتقارب الجدران وتضيق الطرقات والدروب وتتصاعد روائح الطعام.. كان الجميع يسلك طرقات الحي نفسها ويقابل الوجوه نفسها الدالة على الطيبة والتواضع التي تسود نفوس ووجوه أهالي هذا الحي وقد كانت الجاليات اليهودية تعيش مع أهالي الحي دون أي حساسية.. كان الجميع يدخل بيوتهم ويشاركهم بعض طقوسهم واحتفالاتهم الدينية ولم يكن ثمة حرج.
وقد تضمن الملتقى عرض فيلم وثائقي قصير مدعم بالصور عن أبرز العوائل البحرينية والسعودية التي سكنت هذا الحي كما تم عرض صور للعديد من الشخصيات التي سكنت هذا الحي ومنها المحامي أحمد الذكير والفنان عبدالله المحرقي والفنان التشكيلي عزيز زباري والفنان خالد الشيخ والشاعر غازي القصيبي والكاتب أمين صالح والكاتب خالد البسام وغيرهم الكثير من الشخصيات التي سكنت الحي وقد تخلل عرض الفيلم الوثائقي أغنية الفنان أحمد الجميري يا الزينة ذكريني لي غيبت البحور.
في هذا الملتقى انشغل الحضور بالشوق والحنين إلى الماضي العريق.. إلى تلك البقعة الصغيرة في العاصمة المنامة فعلى الرغم من مرور الزمن فإن هذا الحي العريق يبقى محل سكن للكثير من التجار والعرب وتبقى منارته شامخة قد وقفت في وجه تغيير الزمن التي أبت ألا تكون رمزاً إسلامياً بحرينياً أصيلاً منذ إنشائها.
فكم نحتاج في أيامنا هذا إلى هذا النوع من التجمعات التي تؤلف القلوب وتقرب المسافات، فألف شكر لكل من نظم لهذا الملتقى.
المحامية نورة حسن عيسى
.