الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


لغز الحديقة

تاريخ النشر : الثلاثاء ٥ يونيو ٢٠١٢

جمال زويد



هي أرض ممتدة الأطراف، واسعة جداً حيث تبلغ مساحتها 93 ألفاً و547 متراً مربعاً، تقع في وسط المحرق بالقرب من مطار البحرين الدولي، محاطة بشارعين رئيسيين، قد يكونان من أهم شوارع المحرق (شارع المطار، وشارع خليفة الكبير)، لاتنقصها الخدمات ولاتغيب عن جوارها مرافق ومتطلبات البنية التحتية، هذه الأرض ترتبط بشبكة الطرق والمرافق العامة وما شابهها من خدمات باعتبار أن موقعها في منطقة مأهولة بالسكان، وليست في أطراف البر أو مناطق التصحّر.
كانت فيما مضى بمثابة الرئة لأهل المحرق، اخضرّ زرعها وتمايلت أغصانها وتعطّر الجو بشذاها، فالحدائق هي حلية المدن وروحها ومتنفسها ومكان استجمام الناس وراحتهم وخاصة في بعض أسابيع الصيف الطويل عندنا الذي تكاد تشعله الشمس ناراً فلا يجدون أمامهم سوى تلك (الملاجئ) الطبيعية، ليست للكبار فحسب وإنما حتى الأطفال الذين كانوا يجدون في مثل تلك الحديقة جنتهم البهيجة ورياضهم الرائعة، حيث يمرحون بها ويرتعون، ويجرون في طرقاتها وممراتها ويتظللون بأغصانها ويلعبون على حشائشها الناعمة.
وكان كلّ ذلك قبل أن يجور عليها الزمان وتمتد إليها أيادي الغفلة والإهمال فتتحوّل إلى أرض بوار، تساقطت أوراق شجرها وماتت أغصانها واهترأت مرافقها وغاب اللون الأخضر منها حتى هجرها أهلها ومرتادوها. وبينما هذه الأرض تشكو حالها وعزلتها وتوقف خدماتها استبشر أهالي المحرق في شهر نوفمبر 2007م – أي قبل خمس سنوات – بخبر عن عودة الروح إلى تلك الأرض الحبيبة إليهم، فقد تم آنذاك الإعلان عن توقيع عقد مشروع تطويرها، بين وزارة شؤون البلديات وإحدى شركات المقاولات الكويتية الكبرى بكُلفة قيمتها خمسون مليون دولار. وقال وزير شؤون البلديات والزراعة السابق (آنذاك) منصور بن رجب: «إن مشروع تطوير حديقة المحرق الكبرى سيستمر مدة عامين لتصبح الحديقة بعدها من أكبر الحدائق في مملكة البحرين ومنطقة الخليج بصفة عامة، بما تتضمنه من مرافق ترفيهية وسياحية متعددة تعكس الوجه الحضاري لمملكة البحرين».
ثم مضت السنتين - بحسب الوعد والعقد – من دون أن يتغير شيء من الحالة المَرَضيّة لهذه الأرض، بل بات ينخر فيها الخراب والإهمال أكثر فأكثر، يبست أغصانها وحشائشها وتعفنت مياهها ثم جفّت وصارت مرتعاً للنفايات والأوساخ وأشياء أخرى من دون أن يرى أحد أي أثر لأعمال تطوير وإنشاءات في ربوع هذه الحديقة المراد إحياؤها.
لم ينته الأمر عند هذا الحد؛ فقد تجددت الآمال مرة أخرى في عام 2009م، بالضبط في شهر مايو 2009م حيث أقيم حفل كبير لوضع حجر أساس تطوير هذه الحديقة وبثّ الروح فيها من جديد، لكنه مع ذلك ما زالت من دون روح، ولم يتغير من أمرها شيء رغم مرور كل هذه السنوات عليها من دون أن يدري أحد السبب في ذلك أو على الأصح أن يقتنع أحد بأسباب بقائها على هذه الحالة من الهجران والأعطال وعدم الاستفادة منها وفتحها للجمهور، على الأقل زراعة (شويّة) حشيش وتنظيف الحديقة وعمل بعض مرافق خدمية داخلها ووضع بعض الكراسي، وفقط. وهذا ليس بكثير وليس مكلفاً.