الثلاثاء وكل يوم
البحرين والهند.. تجارة خمسة آلاف سنة
تاريخ النشر : الثلاثاء ٥ يونيو ٢٠١٢
أحمد عبيدلي
يعتقد محللون أن الخليجيين يخطئون حين يسبغون على علاقات الخليج والهند أهمية كبرى وبعدا استراتيجيا، وأن يروا بعداً تاريخياً، يطبع الحاضر والمستقبل. وواقع الأمر أن البحرين مثلاً ارتبطت اقتصادياً بشبه القارة الهندية، منذ أن تاجرت البشرية عالمياً لأول مرة. ففي بواكير الزمن وقبل خمسة آلاف سنة، أسست أربع دول أول سوق دولي بالعالم وهي: البحرين (دلمون) وبلاد الرافدين وعُمان (ملوحا) وشبه القارة الهندية (موهنجو دارو). ومنذ ذلك الحين استمرت البحرين تلتفت شرقاً في الجغرافيا والاقتصاد، وشمالاً وغرباً في التاريخ والتفاعل السكاني.
وتفسر تلك الحقيقة جزئياً استمرار العلاقات للعصر الحديث، والاهتمام المتبادل وتبادل الوفود وآخرها الوفد الاقتصادي الأخير والرفيع المستوى. ولكن بعد أحداث العام الماضي خاصة، وهضم دروسه يمكن النظر الى تلك الزيارة من منظار مختلف. فلقد اكتشفت البحرين، ودول خليجية أخرى، أن دولاً غربية وتحديداً بريطانيا والولايات المتحدة يمكن لها أن تغير سياساتها بناء على معلومات خاطئة، ورؤية غير مدققة وتوخياً لتحالفات جديدة. عرفت البحرين في شهور ماضية، ولأول مرة، أن منظمات دولية كجمعيات حقوق الإنسان يمكن لها أن تخطئ وتسبب خسائر فادحة للشعوب حين تصر على قبول معلومات خاطئة وتسمع نصف وجهة النظر. وأن لتلك المنظمات علاقات، ومصالح، وحدوداً في تفادي الخطأ والتجرد في الحكم. ورأت أن مؤسسات مرتبطة بالدفاع عن الشعوب وقضاياها قد تتبنى مواقف غير عادلة وتسبب خسائر فادحة بحق شعوب ودول. ليس ذلك فقط، وإنما وبعد أزمة 2008 المالية، اتضح أن النظام الاقتصادي القائم بزعامة الولايات المتحدة وبريطانياً قد أصابه العطب. وبينما أدارت تلك المراكز العالم اقتصادياً ومالياً وأوجدت حلولاً لأزماته منذ أول أزمة بالعصر الحديث عام 1929، فإن تلك الدول باتت تشكل جزءاً من المشكلة. لقد سادت تلك المراكز لقرون، وبات متوجباً عليها الآن أن توجد أسساً اقتصادية ومنظمات مالية وشبكة قانونية مؤطرة أكثر عدلاً وتجرداً وديمقراطية وتستجيب لمتغيرات الأحوال.
وعرفت البحرين ودول الخليج أنها قد أُتيت من حيث لا تتوقع. وأن المصائب قد تأتي حتى من أقرب الحلفاء. وهكذا فرضت الأحداث الأخيرة على المملكة أن تلتفت إلى الشرق، بدلا من الغرب والشمال، وأن تبدأ أولاً بتطوير الاقتصاد مع الهند كمقدمة لتطوير علاقات أخرى في المستقبل. وشهد الأسبوع الماضي وفرة من البيانات الإخبارية التي حوت معلومات اقتصادية عن البلدين: فالتبادل التجاري يبلغ بينهما 1.7 مليار دولار. ويقيم مائتا ألف هندي بالبحرين وهناك شركات هندية مسجلة بالمملكة كتاتا للخدمات الاستشارية وتيك ماهيندرا للتقنية وجيه بي إف للصناعات، وبنك كانارا وبنوك آيسي سي، وبورودا والهند الوطني.
ويرى عضو مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة البحرين رئيس لجنة السياحة نبيل كانو فرصاً كثيرة بالهند في قطاع الاستثمارات السياحية والفندقية والطبية والخدمات المالية والمعلوماتية والاتصالات.