بالشمع الاحمر
«مراهقون» يديرون صحف البحرين..!
تاريخ النشر : الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
في الدول المحترمة، نجد أن المسئولين، وبالذات الوزراء منهم، حينما يحالون على المعاش (يعني يتقاعدون) أو يتركون مناصبهم، يظل احترامهم قائماً وتظل كلماتهم وتصريحاتهم محلّ اهتمام وتؤخذ بشكل جدّي. لكن إذا ما طبقنا هذه الوضعية على البحرين فسوف تكون كارثة، ليس مع الجميع، ولكن على الأقل مع فئة تمارس التناقض من أوسع أبوابه، ولذلك فإن هذه الفئة، سواء كانت في مناصبها الوزارية أو خارجها، لا تتغير صورتها في أعين الناس..!
الوزير السابق، الذي يتحدث كثيراً عبر «تويتر»، إلى درجة فقد معها كل الحس الدبلوماسي الذي لم يكن يمتلك سوى الشيء اليسير منه في السابق (وتشهد تصريحاته المشهورة على ذلك) كتب يوم أمس الأول في حسابه كلاماً يجدر بجمعية الصحفيين أن يكون لها موقف منه، حيث قال: «غالبية صحف البحرين تدار من قبل: مراهقين يلعبون بالنار، مترزقون، أجهزة دعاية رخيصة الطرح غالية التكاليف وجهات أمنية تلعب بأمن البلد».
كلام ذو مستوى منخفض، صدر عن شخصية تسمي نفسها على الدوام «الوزير السابق»، ويمثل تطاولاً في حق الصحافة البحرينية، فماهو رأي الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس تحرير أقدم جريدة في البحرين؟ وماهو رأي الأستاذ عيسى الشايجي وهو رئيس تحرير ثاني أقدم جريدة في البحرين؟ وماهو رأي الأستاذ مؤنس المردي وهو رئيس تحرير «البلاد» ورئيس جمعية الصحفيين أيضاً؟ ولن أوجه السؤال إلى رئيس تحرير «الوسط» لاعتقادي الشخصي بأن «الوزير السابق» يستثنيه من هذا الكلام.
لكن إليكم القنبلة التي تكشف التناقض في مثل هذه الكتابات، حيث أدلى نفس الشخص «الوزير السابق»، لصحيفة «البلاد»، وتحديداً بتاريخ 2 يوليو 2009م بتصريح أشاد فيه بالصحافة البحرينية، حيث نقل عنه ما يلي: «مشيداً (الوزير) بالدور الذي تلعبه الصحافة البحرينية في دعم جهود الوزارات لما فيه خير البحرين». هذا هو تصريح نفس الشخص حينما كان وزيراً، حيث كان ينظر الى الصحافة البحرينية على أنها تعمل لما فيه «خير البحرين»، أما اليوم، وهو خارج الوزارة - وربما لشيء في نفسه - فتغيّر رأيه، وأصبحت الصحافة التي تعمل «لما فيه الخير للبحرين» فجأة تدار من قبل مراهقين ومن قبل أجهزة أمنية تلعب بأمن البلاد ومترزقين وأجهزة دعاية رخيصة الطرح..!
الكلام مسيء الى رؤساء تحرير الصحف البحرينية والقائمين عليها ومنسوبيها، ومسيء أيضاً الى وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية في البلاد، حيث يتهمها «الوزير السابق» بأنها تدير صحفاً في البحرين وتلعب بالأمن، ولا نعلم ما حقيقة ما يمتلكه من أدلة تثبت هذا الكلام المرسل.
يقولون إن التوزير جزء أصيل من العمل السياسي، وعندما يترك الوزير مكانه فإن كلامه يظل محسوباً باعتباره «وزيراً سابقاً»، له رؤيته، وله دبلوماسيته وتعبيره عن الأمور بنظرة ثاقبة، بعيداً عن الكلام الذي لا يختلف في مضمونه عن ذاك الذي يردد في الشارع. هكذا يعرف الوزراء حينما تتم استضافتهم في الإعلام والمنتديات والمحافل، حتى إن تركوا مناصبهم، يقولون عنهم «وزراء سابقون»، فما بالكم بمن يتمسكون بصفة «وزير سابق» ولا تخلو أحاديثهم من إشارات هنا أو هناك الى قربهم «الشديد» من مواقع صنع القرار؟