هل نأكل السوشي بعد كارثة فوكوشيما؟
 تاريخ النشر : الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢
بقلم: د. إسماعيل محمد المدني
كتبت مقالا في ٢٩ ابريل ٢٠١١ في صحيفة «أخبار الخليج» بعد انبعاث المواد المشعة إلى الهواء الجوي ومياه البحر من كارثة انفجار المفاعلات النووية في مجمع دايشي )srotcaer ihci-iaD amihsukuF( بمقاطعة فوكوشيما اليابانية في ١١ مارس ٢٠١١، وكان المقال تحت عنوان: هل نأكل السوشي؟
واليوم، وبالتحديد في ٣٠ مايو من العام الجاري، أي بعد أكثر من عامٍ واحد على مقالي، تنشر الجارديان استطلاعا عاما لإبداء الرأي حول السؤال التالي:هل وجود السيزيم المشع من فوكوشيما في التونا سيجعلك تتوقف عن أكل السوشي؟
وما الذي أحيا كارثة فوكوشيما من جديد ليسأل الناس عن سلامة وصحة الأسماك والكائنات البحرية المستوردة من اليابان؟
لقد تم اكتشاف حقائق مثيرة جدا حول مصير الملوثات المشعة التي انطلقت إلى مكونات البيئة من ماءٍ وهواءٍ وتربة، وهذه الحقائق نُشرت الآن في ٢٨ مايو ٢٠١٢ في مجلة أمريكية معروفة هي وقائع أكاديمية العلوم الوطنية)secneicS fo ymedacA lanoitaN eht fo sgnideecorP(.
فقد أكدت هذه الدراسة الحالية عدة حقائق متعلقة بكيفية تصرف الملوثات المشعة عندما تنتقل في عناصر البيئة، والمصير النهائي لهذه الملوثات.
أما الحقيقة الأولى فهي أن الملوثات المشعة التي انبعثت من المفاعلات النووية المحترقة دخلت أولاً إلى الهواء ثم إلى ماء البحر، وبعد فترة من الزمن انتقلت إلى المكونات الحية في البيئة البحرية، مثل الكائنات الدقيقة النباتية والحيوانية التي تعيش في عمود الماء، ثم إلى الأسماك الصغيرة وأخيرا إلى الأسماك الكبيرة مثل التونا.
أما الحقيقة الثانية فهي أن الملوثات المشعة تراكمت رويدا رويدا في الكائنات البحرية، وعلى رأسها الأسماك الكبيرة مثل التونا، مما يعني أن المواد المشعة التي دخلت البحر، ولو كانت بأحجام منخفضة، إلا أنها تركزت مع الوقت وتضخمت في أنسجة الأسماك الدهنية أو العضلية، وأصبحت هذه الأنسجة الحيوانية كمقبرة لهذه الملوثات.
والحقيقة الثالثة هي أن التلوث الإشعاعي الذي بدأ بالإنسان عندما انطلق إلى البيئة، انتهى بالإنسان أيضا في نهاية المطاف، فنحن بني البشر نأكل الأسماك ونتغذى عليها، فعند تسممها وتلوثها بالمواد المشعة يعني تسمم أجسامنا وإصابتنا بالأمراض.
أما الحقيقة الرابعة والأخيرة فهي أن التلوث الإشعاعي ينتقل من خلال الأوساط البيئية، كبيئة البحر، أو من خلال الكائنات البحرية المهاجرة، كسمك التونا، فيصل إلى مناطق لا علاقة لها بمصدر التلوث، وتبعد آلاف الكيلومترات عنه، فالكرة الأرضية بيئة واحدة كبيرة، إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
كل هذه الحقائق أثبتتها هذه الدراسة التي قامت بتحليل عينات من أسماك التونا ذات الزعانف الزرقاء)nifeulb( التي تضع بيضها في بحر اليابان وتتحرك في سواحلها، ثم تبدأ هجرتها عبر المحيط الهادئ إلى مسافة تزيد على ٩٦٠٠ كيلومترٍ حتى تصل إلى سواحل كاليفورنيا، فتبقى هناك فترة من الزمن وتعود مرة ثانية إلى مسقط رأسها لتُعيد دورة الحياة، فأسماك التونا القادمة من اليابان التي تم اصطيادها في سواحل مدينة سانت دييجو بولاية كاليفورنيا، تؤكد وجود مستويات غير عادية من الملوثات المشعة التي انبعثت من مفاعلات فوكوشيما قبل أكثر من عام، مثل العنصر المشع السيزيم.
وحيث إنه من المعروف أن التونا من المكونات الأساسية للسوشي والسشيمي، فماذا سيكون قرارك بعد أن عرفت هذه الحقائق العلمية؟
.