مقالات
رأي الشـــارع
تاريخ النشر : الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢
جمعتنا جلسة بمنزل أحد أهل الفكر المقبولين عند أهل الدين واللبراليين والذي أخذ على عاتقه أن يحتضن أبناء الطوائف المختلفة في البحرين للاستماع إلى كل من يرغب أن يتكلم عن اوضاع البلاد ومصيرها والشعور العام سواء بالتفاؤل او التشاؤم والحلول المقترحة برأيهم.
وقد تجمعت فئة زادت على عشرين شخصاً ليتبين أن غالبية الآراء في المجلس عكست رؤى الشارع والمواطن والمقيم بالضبط كما جاءت في جريدة أخبار الخليج في الثالث من يونيو والتي عكست آراء تجمع الوحدة الوطنية حيث أشار غالبية المتحدثين في المجلس الى أن الحكومة تستهين ليس فقط بمطالب أهل الفاتح بل إن فئة معينة من المواطنين ترى أن دورها أصبح ثانويا إذا لم يبت مهمشا ومنسيا وإن غالبية المواطنين لديهم شعور عام بالاستهانة واللامبالاة والنكران من الحكومة مشيرين كذلك إلى أن هناك تعاط سلبي لقضايا هذه الفئة إذا لم يكن هناك تجاهل تام لهم، ويأتي هذا الموقف ولسان حال كثير منهم ليسألوا «هل هذا جزاء موقفنا في حفظ البحرين والوقوف مع الدولة والحكومة متى ما طلب منا ذلك؟». وقد استهجنت هذه الفئة هذا الموقف اللامبالي وطالبت أن تأخذهم الدولة بمحمل الجد والمسئولية اللازمة.
ولنا هنا ان نسأل ما سبب هذا الشعور المسيطر على عقول غالبية المواطنين؟ وهل الدولة تتصرف بالفعل هكذا؟ وما سبب ذلك؟ أم إن هذا شعور مواطن عجول؟
إن الفكرة التي تطغى الآن على بال الأغلبية في الشارع هي «أن تجمع الوحدة الوطنية بدأ عملاقا وانتهى صغيرا بسبب المصالح الشخصية وإن قياداتها هم من خانوا ثقة الناس بهم وبالتالي فإن الحكومة لن تعيرهم اهتماما»، فما الذي حدث بين المواطنين وقيادات التجمع وما الذي غير مشاعرهم؟
إن السبب كامن في احدى هذه السيناريوهات المطروحة, فمثلا هل استعانت الحكومة بقيادات التجمع لتجمع الطائفة السنية تحت راية واحدة لتبدي للمعارضة وللعالم أجمع أن هناك طرفا آخر في المملكة صوته - كما اعتدناه - غير مسموع وهو ما سمي «بالفئة الصامتة» ليس جبراً انما اختياراً وتقاعساً منها بل وفي غالب الأحيان حسداً وطمعاً, فهذه الفئة إذا ما لم تتغلب على مطامعها ومصالحها الشخصية فإن مصيرها هو الفشل وبالتالي التهميش والاستهانة واللامبالاة والنكران فهي منقسمة على نفسها فكيف بها ان تقود العامة.
أم هل أن السيناريو الحقيقي هو أن الحكومة استعانت بالفعل بقيادات التجمع لتجمع الطائفة السنية تحت راية واحدة والآن وقد انتهى دور التجمع المرجو كافأت قياداتهم بالتهميش والإبعاد. علما بأن التهميش والإبعاد ما جاء إلا علما من الحكومة أن هؤلاء من «أهل السنة» وعليه فإن شرهم مأمون وإن احتمال نزولهم إلى الشارع لحرق إطارات أو لسكب زيت أو للخروج في مسيرات غير مرخص لها تنادي بإسقاط الحكومة مستحيل بل شبه معدوم فلم لا نهمشهم فما بيدهم حيلة ولن يتحرك أي فرد منهم بدون إشارة من قادتهم, وقادتهم قد خنعوا طمعا في المراكز ليكون بهذا الخاسر الأكبر هو المواطن العادي.
أم إن السبب وراء هذا أن الشعب الذي ساند التجمع ووقف معه ليبين للعالم أن هناك فئة صامتة لن تسكت من بعد اليوم اكتشف أنه كان منغشاً بالجري وراء قيادات التجمع التي من الوهلة الأولى كانت تمثل مزيجا لا يتحمل الخلط فقد زج أناس بأنفسهم من ضمن قيادات التجمع في حين أنهم لم يكونوا كفأً لقيادة حياتهم الخاصة ناهيك عن قيادة المواطنين الأشراف الذين لبوا النداء ووقفوا بساحة الفاتح, فضلاً على أن القيادات الحقيقية التي لبى المواطنون نداءهم لم يتحققوا من خلفية من زجوا بأنفسهم وقبلوهم من ضمن القيادات لينطبق عليهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال «المرء على دين خليله» فلا هذا كان يكمل هذا ولا ذاك يتحدث بلغة هذا وإن الهدف الوحيد الذي جمعهم كان هدفا مؤقتا هو إظهار قوة وعدد الفئة الأخرى, وعندما تحقق ذلك كان التجمع قد أدى دوره مشكورا لتكون تلك نهايته.
ثم إن المآرب والأطماع الشخصية طفحت لتبدي لكل من ساند التجمع أن أهداف بعض القياديين في التجمع كانت مبنية على مصالح شخصية وبروز ذاتي فقط إلى درجة أنهم استعجلوا بتصريحاتهم التي سارعوا لينكروها بعد فوات الأوان.
وعليه فإن كان السبب وراء التهميش والاستهانة واللامبالاة والنكران أن الحكومة قد اكتشفت أن قياديي التجمع لهم مآرب ومطامع شخصية اكتشفها المواطن العادي ومن ثم فقد الثقة فيهم وبالتالي بدت أوراقهم مكشوفة إن لم تكن محروقة فإن الحكومة تكون بذلك معذورة لسحبها أي مساندة لمن لا أتباع له. أما إذا كانت لسبب أن الحكومة استغلتهم لتأدية غرض معين ومن ثم همشت التجمع بقادته فإن السؤال هنا ما الذي قدمناه هنا للساحة السياسية لنطالب بعدم التهميش والنسيان وعدم الاستهانة واللامبالاة والنكران علما أننا لم نقدم حتى قائداً يضع أتباعه أولاً ومصالحه وحبه للبروز آخراً لتلتف الحشود حوله.
والآن وقد فقد قادة التجمع مصداقيتهم يقول بعضهم «إن الحل هو في استقالة فلان أو تنحية علان». أما أنا فأقول إن هذا يذكرني بقصة البدوي والطائر السمين التي سردتها في مقالة بهذه الجريدة في عددها رقم 8742 بتاريخ 28 فبراير 2002. هذا والله الموفق وهو العليم الحكيم.
* محام ومستشار قانوني