المال و الاقتصاد
بعد ثورات الربيع.. ورحيل الوكالات الأجنبية
الأسواق العربية تهيئ فرصا للتوسع تستحق المخاطرة
تاريخ النشر : السبت ٩ يونيو ٢٠١٢
عقب هدوء الأجواء الثورية وقرب استقرار الأوضاع في بعض الدول العربية، مثل تونس وليبيا واليمن.. كان لابد من طرح تساؤلات حول فرص اختراق الوكالات الإعلانية المحلية للأسواق العربية، والتعرف على ما هو التوجه الأفضل للتوسعات الاستراتيجية للوكالات المصرية سواء بتعظيم وجودها المحلي في ضوء التغيرات الاستثمارية والاقتصادية التي طرأت على السوق المحلية، أو من خلال التوسع الخارجي، فضلاً عن أهمية الوقوف على المعوقات التي لابد من أخذها في الاعتبار عند القيام بهذه الخطوة.
وقد تباينت آراء خبراء التسويق والإعلان، فمنهم من يرى أن الوقت الحالي ملائم جدًا لنفاذ وكالات الإعلان المصرية إلى الأسواق العربية، لأن الوكالات الأجنبية انسحبت من هذه الدول بعد اندلاع شرارة الربيع العربي العام الماضي، بما أتاح فراغًا بهذه الأسواق أمام الوكالات المصرية، على الجانب الآخر يرى البعض أنه من الصعب الاتجاه نحو الاستثمار في دول لا تعلم مستقبلها ومازالت قوانينها غير مستقرة، ولم تصل إلى إطارها النهائي.
وقال الخبراء إن «السوق الليبية تعد من أبرز الفرص للاستثمار على مستوى جميع القطاعات وليس التسويق والإعلان فقط، لأنها أقرب الأسواق الى مصر، ولديها إمكانات مالية واستثمارية كثيرة تليها السوقان اليمنية والتونسية، بالإضافة إلى أسواق أخرى، مثل لبنان والسعودية، وأشار إلى أهمية التغلب على عائقين أساسيين، أولهما توفيق الأوضاع محليًا، وثانيهما صعوبة الاعتماد على الوكالات المصرية الخالصة مقارنة بالوكالات العالمية التي تروج لكثير من الشركات العالمية حول العالم».
بداية يؤكد رئيس مجلس إدارة وكالة (Look) للدعاية والإعلان د.حازم درع أن الوقت الحالي ملائم جدًا لنفاذ وكالات الدعاية والإعلان المصرية إلى الأسواق العربية، لأن الوكالات الأجنبية انسحبت من هذه الدول بعد قيام الثورات فيها العام الماضي، وبالتالي أصبح هناك فراغ في هذه الأسواق، ودور الوكالات المصرية أن تسعى لملء هذا الفراغ الذي تركته نظيرتها الأجنبية، مشيرة إلى أن الأخيرة أمامها وقت طويل لتعود الى الأسواق العربية، بعد أن تطمئن على الاستقرار التام للأسواق العربية.
ورتب درع الأسواق العربية التي يمكن النفاذ إليها من حيث أهميتها، حيث تأتى ليبيا في المقدمة باعتبارها يمكن أن تمثل أكبر سوق لوكالات الدعاية والإعلانات، نتيجة أن ليبيا تستورد كثيرا من المنتجات المصرية، تليها اليمن ثم تونس، لأنها سوق صغيرة، ولفت إلى أنه في حال استقرار الأوضاع في سوريا فإنها ستعتبر ثاني أكبر سوق بعد ليبيا وقبل اليمن للاستثمار الإعلاني.
وأشار درع إلى أن العائق أمام نفاذ الوكالات المصرية إلى الأسواق العربية هو مدى قدرتها على توفيق أوضاعها محليًا أولاً، بعد فترات من عدم الاستقرار التي عانت، مثلها مثل جميع القطاعات، نتيجة عدم استقرار أوضاع الدولة خلال الفترة الماضية، حيث انخفض الإنفاق الإعلاني عام 2011 بنسبة 40% مقارنة بالإنفاق في عام 2010، متوقعًا ألا تستعيد وكالات الإعلان حجم الإنفاق الإعلاني نفسه قبل مرور 6 أشهر من العام الحالي.
واتفقت دينا هلال، مدير عام وكالة (A&B) للدعاية والإعلان مع الدكتور حازم درع، حيث أكدت أن الوقت الحالي يمثل فرصة أمام الوكالات الإعلانية المصرية لاقتحام الأسواق العربية، وخاصة لبنان والسعودية وليبيا، فالأولى اتجهت إليها بالفعل وكالة (editor) للعلاقات العامة للاستثمار بها، التي ترأستها دينا هلال أيضًا، بينما تتسم السوق السعودية بضخامتها، أما بالنسبة الى السوق الليبية فأوضحت دينا أنه بعد هدوء الأوضاع، فإن ليبيا تعتبر أبرز الفرص للاستثمار على مستوى جميع القطاعات وليس التسويق والإعلان فقط، لأنها أقرب الأسواق لمصر، وتحتوى على إمكانات مالية واستثمارية كثيرة.
ولم تنف دينا أن اتجاه وكالات الإعلان المصرية إلى فتح أسواق لها في الدول العربية يعد خطوة جريئة تتضمن قدرًا كبيرًا من المخاطر، وخاصة في ظل الظروف الحالية وعدم الاستقرار التام للأوضاع بهذه الدول.
لكن في الوقت نفسه اعتبرت مدير عام وكالة (A&B) للدعاية والإعلان، أن المخاطرة أمر طبيعي في أي استثمار، بالتالي لابد منها في هذا الوقت، موضحة أن الوكالات المصرية لن تواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع الأسواق العربية الأخرى الأصغر، بعد أن استطاعت التعامل في السوق المصرية الكبيرة، إضافة إلى أن اللغة ليست عائقًا أمام الوكالات، لأن الدول العربية تتحدث باللغة العربية، خلاف الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وغيرهما التي يمكن أن تمثل اللغة مشكلة عند محاولة النفاذ إليها.
وأوضح هاني شكري، رئيس مجلس إدارة وكالة (TWT) أن وكالات الدعاية والإعلان في مصر لا تستطيع التوجه إلى أي سوق عربية في الوقت الحالي، حتى بعد هدوء الأجواء، لأنه من الصعب الاتجاه إلى الاستثمار في دول لا نعلم مستقبلها ومازالت قوانينها غير مستقرة في شكلها النهائي، وبالتالي لابد أن تنتظر الوكالات حتى ترى اتجاهات هذه الدول.
وأشار شكري إلى أن الوكالات الأجنبية الموجودة في الأسواق العربية ليست بالضرورة ستغادر هذه الأسواق نتيجة عدم استقرارها، حيث إن المغادرة تكون مترتبة بناءً على اتجاهات العملاء لدى هذه الشركات، وهو أمر مازال أيضًا غير واضح في الأسواق العربية.
وأضاف: انه بشكل عام فإن توجهات الوكالات الإعلانية سواء التي تستهدف الأسواق العربية أو الموجودة فيها بالفعل، مرتبطة بكل من المناخ الاستثماري للدولة والعملاء الموجودين فيها، فالمناخ الاستثماري للدولة والعملاء الموجودين فيها، فالمناخ الاستثماري قد لا يرتبط بالثورات ضاربًا مثالاً بدولة مثل الجزائر لم تقم بها ثورة، لكن رغم ذلك تنسحب منها الوكالات لضعف المناخ الاستثماري، بينما تترقب الوكالات والشركات استقرار الأوضاع في دول قامت بها ثورات، مثل تونس ومصر حتى تتجه إليه.
وأوضح رئيس مجلس إدارة وكالة (TWT) أن الوكالات العالمية هي المسيطرة على الوكالات الإعلانية في مصر، ومختلف دول العالم، وبالتالي فإن الوكالات المصرية الخالصة لا تستطيع اقتحام الأسواق العربية، وإلا ستكون مخاطرة كبيرة جدًا.