الجريدة اليومية الأولى في البحرين


إشارات


إيران على أعتاب ثورة

تاريخ النشر : الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٢

عبدالرحيم فقيري



في خضم مسلسل السياسات العدائية التي ينتهجها الساسة في إيران، تستمر معاناة الشعب في ازدياد على كافة الصعد، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن جميع عناصر مقومات الحياة لدى الشعب الإيراني شهدت تدهورا كبيرا في السنوات القليلة الماضية، وازداد الأمر سوءا في 2010 و2011، بسبب تمسك الساسة هناك ببرنامح تخصيب اليورانيوم في محاولة لاستخدامه في الأغراض غير السلمية، والخروج في نهاية المطاف بما يسمى السلاح النووي.
فالشعب اليوم يعاني من نقص وندرة في الغذاء، ونقص وندرة في الأدوية، ونقص حاد وندرة في التنوير، فقد بدأت مؤسسات التعليم تتداعى، فيما يركز القادة صرف كل (تومان) على تعزيز المقدرات الحربية وبرنامج التسليح الذي استهلك كل مقدرات الشعب الإيراني وثروته، وهو شعب محروم ليس من حق التداوي والتعليم وطعام فحسب، بل محروم حتى من حقوق السؤال المباح عن مصير المئات من المليارات التي تكسبها الدولة من مبيعات النفط، كثالث أكبر قوة نفطية في الشرق الأوسط، وخامس دولة في العالم من حيث المخزون الاحتياطي، بعد فنزويلا والسعودية وكندا والعراق، ويقدر الاحتياطي بنحو138.4 مليار برميل.
فالسؤال عن مثل هذه الحقوق في إيران يؤدي إلى التهلكة والجلد على قارعة الطريق والشنق على الأعواد المنصوبة في شوارع طهران جهارا نهارا.
السياسات الغبية التي يمارسها الإيرانيون على مستوى اتخاذ القرار، جعلت كثيرا من الدول الغربية والآسيوية التي كانت تستهلك النفط الإيراني ومشتقاته، تقلص وارداتها من طهران، وتدرس مستقبلا كيف تقاطع هذه المنتجات، وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى خفض الصادرات الإيرانية من النفط بواقع 400 ألف برميل يوميا، إلى 301 مليون برميل، مما أرغمهم إلى تخزين فوائض الإنتاج في أبراج مائية وسفن تقدر بنحو 300 ألف برميل يوميا، طهران غير قادرة على تصديرها، وبهذا تكون قد حرمت شعبها حتى من هذه العوائد، وهو أمر يمكن لإيران أن تحاول استعاضتها من خلال فرض ضرائب مرهقة على شعب 70% منه يعيش تحت خط الفقر.
بالطبع فإن للأبراج المائية والسفن الإيرانية سعة محددة للتخزين، مما يجعل طهران عاجزة قريبا عن اتباع سياسة التخزين النفطي، وهو ما سيدفعها ليس إلى تقليص إنتاجها في كثير من الحقول فحسب، بل إلى وقف إنتاج تلك الحقول، مع تبعات الوقف والتشغيل مرة أخرى، وهو ما يقول عنها الخبراء الجيولوجيون أنه أمر مكلف للغاية.
ونذكر، أن دول العالم لما هددت إيران بوقف استيراد نفطها ومشتقاته، استخدم الساسة هناك كل غبائهم السياسي، وهددوا أية دولة تحاول تعويض النقص الذي سوف ينشأ عن مقاطعة المنتجات النفطية الإيرانية، وتوعدوهم بدلا من أن يقوموا بدراسات استراتيجية توصلهم إلى الحقائق المرة التي وصلت إليها طهران اليوم، فالعالم به اليوم ما يكفي من المخزون النفطي، حيث يبلغ حجم المخزون النفطي الاستراتيجي في أمريكا وحدها يبلغ اليوم أكثر من 740 مليون برميل، وإيران لن تكون قادرة في أي وقت من أوقاتها التعيسة على التأثير لا في الاستهلاك العالمي من النفط، ولا في أسعار النفط، فقد هبطت أسعار النفط إلى مستويات 97 دولارا في آخر التداولات في أسواق النفط العالمية يوم الجمعة رغم تقليص العالم الواردات الإيرانية، من المستويات القياسية التي فاقت مستوى 128 دولارا للبرميل في مارس الماضي.
وبهذا، فإن الأوضاع المعيشية في إيران مرشحة إلى المزيد من التفاقم، حيث أكدت رابطة فرنسية لتصدير الحبوب، أن إيران بحاجة ماسة هذا العام، إلى مليوني طن من القمح، وسوف تزداد الأمور سوءا، كلما أصر الساسة الإيرانيون على التمسك ببرنامجهم النووي غير السلمي، كما أن الأوضاع الصحية والتعليمية مرشحة إلى المزيد والمزيد من التهالك، وهو أمر لا نستبعد أن يلهب الشارع الإيراني ويقوم شعبه الفقير بثورة عارمة لا تنتهي إلا بتقديم الساسة المسئولين، أيا كانت انتماءاتهم السياسية أو الدينية إلى المقاصل وأعواد المشانق، تماما كما يفعلون مع شعبهم الأعزل، فكل مقومات ومبررات الانقلاب الشعبي على الحكومة الإيرانية، وكل مبررات نجاحها، مع جاهزيات التدخل الغربي الذي سيكون سريعا وحاسما، موجودة، فما على الشعب إلا تحريك غضبهم إلى ميادين إسقاط الحكام المستبدين.



عبد الرحيم فقيري