الجريدة اليومية الأولى في البحرين


بريد القراء


عينان لا تمسهما النار

تاريخ النشر : الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٢



(العين التي بكت من خشية الله والعين التي باتت تحرس في سبيل الله).
فنعم عينا قد حرست بحريننا في المحن فذاك هو الجهاد.. عين لم تغفل جفونها عندما غفت الأنام.. باتت ولم ترتض للنوم سلطان.. ونعم السواعد التي صدت خفافيش الظلام.. فشيمة الشباب هبوا حماة للديار.. وفي أروقة الضواحي انتظموا صفوفا كالفرسان، وتبادلوا العصي والأخشاب دفاعا عن الأحياء.. لم يجدوا سلاحا لو كان بيدهم لاستعانوا حتى بالنبال.. لا ساعات اللوم تجدي ولا وقت للحساب.. ففزعة الشباب هلعا حماة للأعراض.. يعدون العدة لكل غاز دفاعا عن النساء والأطفال.. مشمرين عن سواعدهم مفتولي العضل في شجاعة وإقدام.. قد ظننا أياما أنهم قد هاتوا في ضياع..، ففاجأتنا الأيام بنخوة وشهامة الرجال.. تجمعوا معا في تجمع الوحدة من المحرق حتى الرفاع.
قد ازينت وأبرقت شوارعنا بوميض الأضواء.. فأنارت الطرقات بأضوائها في كل اتجاه.. ورجال قد سهروا على أمننا ونحن في سبات.. فباتت عيونهم تحرس المواقع باحتراس.. تغيب الشمس فيتوافدون عند غشاء الليل في الطرقات بانتظام.. إن نظرت لوجوههم لرأيت الصفح والسماح.. وارتسمت قسمات الرجولة وشيم الأمجاد.. لتسمع تحيتهم بمجرد إبداء السلام.. وإن تعذرت بأمر لوجدتهم يهبون إليك باندفاع.. عاليهم تسمو قبعته كأنه القائد المغوار.. فذاك الذي أشرقت وجنتيه في ثقة واحترام.. يتخطى في اعتزاز من دون أن يتفصد جبينه الإجهاد.. وأوسطهم قد حمل العداد كالفارس الخيال.. تنعكس الشارات على سواعدهم وصدورهم كالنجم الوضاء.. صدورهم في وجه الرياح وكأنها الحصن البنان.. تتخطى أرجلهم عند المواقع كالأسود في العريان.. هبوا لبحريننا في فدى على ذروة سنام.. تصدح أصواتهم الجهورة كأنهم أسراب امتدت لتطلق العنان.. تتفارق نقاطهم تارة وتتجاور تارة أخرى نحو المساق.. تجدهم في منتصف الطرقات وأجواء الطيران ووسط أمواج البحار.. وتتلاحم أكتافهم صفا في وجه الأحداث.. لا يهابون المحن عند الشداد ولا عند المشاق.. لبوا نداء الوطن والعروبة في كفاح..يعملون بقلب رجل واحد فذاك هو الرباط.. فمنهم من قضى نحبه من الشهداء.. فهنيئا أيها اللحد حينما احتضنت الجثمان.. قد ترك قلوب الثكلى في فراغ.. تاركا حزنا مخيما على فلذات الأكباد.. صغارا أو كبارا قد أودعتهم أيتاما.. فصبر جميل والله المستعان.. يا لحد أنعم قد غطى ترابك ثغرا مودعا في ابتسام.. فأبشر فقد تسارعت إليك حور العين في اشتياق.. ومنهم من ينتظر أمر الله ورضاه فقد أعاد العزة والفخر للأوطان.. إنهم من كفوا عن شبابنا شر القتال.. فهم أحق الناس بالمديح وشرف الوفاء.. فلولا دروع الأبطال ما نأت الفتن مشارف العراك.. فلهم كل التقدير والإكرام.. فيا فخرنا ويا مجدنا بكم بل تستحقون الوسام.. قلوبنا معكم تلهج دوما لكم بالدعاء.. قد استعادوا لنا الأمن والأمان.. ستبقى وحدتنا ورايتنا على مر الأزمان.. فالوطن أحق بالفداء حتى الممات.. انه الأمان وما أداراك ما نعمة الأمان. فكم أنشدنا سلامنا الملكي في طابور الصباح.. لم ندرك قيمة بلد الأمان إلا الآن.
صباح خليفة هجرس