في الصميم
فوجئت به باقياً على مبادئه
تاريخ النشر : الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٢
لطفي نصر
قرأت التصريح الذي أدلى به الأخ الفاضل الدكتور تقي الزيرة رئيس لجنة التحقيق في موضوع المخالفات الإدارية بغرفة تجارة وصناعة البحرين.
الدكتور تقي صديق قديم.. وقد شعرت براحة كبيرة تغمر نفسي، بأن أجده الصديق القديم نفسه الذي لم يتغير في شخصه ولا في مبادئه.. عهدت فيه شجاعة في الرأي.. يقول الحق ولو على نفسه.. وعرفته وكل أشقائه يمقتون الطائفية والطائفيين.
وعند قراءتي لتصريحاته أمس وجدت نفسي أحيي فيه شجاعة الموقف وسط بحر تتلاطم فيه أمواج التخاذل والمتخاذلين.. والكذب.. وتتغيير المواقف.. وتنكر أقوال قيلت على مشهد من الجميع.. ثم الافتراء على خلق الله!
قالها جريئة، إن التسجيلات الصوتية لما ورد في جلسة اجتماع الجمعية العمومية للغرفة في إبريل 2011، أثبتت أن عضوين بالجمعية العمومية طالبا، وبشدة، فصل أعضاء مجلس إدارة الغرفة الذين تواجدوا في الدوار في فبراير 2011 مع المنقلبين على النظام، وأنه - أي الدكتور تقي الزيرة - استطاع عبر شجاعة الموقف كشف هذه الحقيقة وأن يهدم أهم اتهام موجه إلى الرئيس التنفيذي للغرفة.. أو أن الاتهام الذي يعد مرتكز القضية المحاكة ضده، ومقتضاه أنه قد زور في محضر اجتماع الجمعية العمومية.. قد انقلب ليصبح اتهاما ضدهما.
وما صرح به الدكتور الزيرة ينقصه أنهما -هذان العضوان الموقران - صرحا للصحف بعد اجتماع الجمعية العمومية في وقت لاحق بأنهما يلومان مجلس الإدارة لأنه اكتفى بفصل عضوين فقط، بينما كان يجب على المجلس أن يفصل سبعة أعضاء في مجلس الإدارة ثبت تورطهم (من وجهة نظرهما طبعا).
ورغم هذا التأكيد الواضح وضوح الشمس فإنهما عادا في اجتماع الجمعية العمومية في إبريل 2012، وأنكرا كل ما قالاه وأكداه، بل إنهما شنا حملة ضارية ضد مجلس الإدارة وضد الرئيس التنفيذي، وطالبا بإحياء عضوية العضوين اللذين قرر مجلس الإدارة إسقاطها على ضوء قرار الجمعية العمومية!
وإذا تطرقنا إلى الاتهام الثاني الموجه إلى الرئيس التنفيذي، وهو أنه أبلغ هيئة التأمين الاجتماعي بمعلومات كاذبة عما يتقاضاه من راتب.. فإنه رغم أن الأمين المالي للغرفة فند هذا الاتهام وكذبه.. فإنني أتساءل: ما المعلومات المغلوطة التي تم إبلاغها للهيئة؟.. بحسب خبراتي في هذا المجال فإن المعلومات الملفقة أو الكاذبة التي تبلغ للتأمينات الاجتماعية تكون عادة بزيادة الراتب على غير الحقيقة، لأن ذلك يسهم في زيادة المعاش التقاعدي.. وليس هناك أي اتهام آخر يمكن توجيهه في هذا الخصوص.. ورغم ذلك فإنه يكذّب هذه التهمة أو يدخلها في باب الممارسات الكيدية أو الباطلة ضد الرئيس التنفيذي، أن أقصى حد للراتب الذي يحسب على أساسه المعاش التقاعدي هو (4000 دينار بحريني).. والكل يعرف أن الرئيس التنفيذي للغرفة يتقاضى راتبا يتجاوز هذا الحد الأقصى.. فلم اللجوء إلى الكذب أو الادعاء.. أو التزوير في الراتب إذن؟!
وهذا الاتهام ينبئ عن حقيقة ساطعة مقتضاها الاستماتة في البحث عن أي شيء يمكن أن يدين الرئيس التنفيذي.. ولو كان ذلك عبر الكذب والتلفيق وقلة الذمة.. وطالما هم يكذبون ويلفقون وينكرون.. فلا بأس من أن يلفقوا تهما من النسيج نفسه ضده.. ولسان حالهم يقول: ليس ببعيد أن تنطلي أكاذيبهم على الآخرين!
أما عن الاتهام الثالث الخاص بفصل موظفين من الغرفة على ضوء الأحداث التي وقعت في البحرين، والقول إن هذا الفصل صدر على غير سند قانوني.
فيبقى سؤال في هذا الصدد هو: إذا كان ما قيل وما تردد صحيح من حيث إن قرارات الفصل غير قانونية.. فهل الرئيس التنفيذي هو من أصدر قرارات الفصل؟.. وهل هو الذي يرخص له بإصدارها؟.. وهل هو صاحب الكلمة النهائية في هذا الأمر؟.. ثم أليس جميع من فصلوا من الغرفة قد عادوا إلى وظائفهم؟
على أي حال فهناك حالة من الاطمئنان الكامل لدى الكثيرين بأن رئيس لجنة التحقيق سيكون رائده النطق بكلمة الحق والعدل.. لأنه يأبى الميل إلى الهوى الطائفي أو غيره من مغريات الميل.. وهي شتى!
ولكنني أقول بعد ظهور هذا التجني من قبل البعض ضد الرئيس التنفيذي للغرفة، إنه عادة ما نجد في كثير من المؤسسات ظاهرة البحث عن كبش فداء يسهل الدوس فوقه والتضحية به.. وتبقى ظاهرة مجاملة الكبار لبعضهم البعض باقية من دون أي مساس وكل ذلك من خلال الحرص على أن تبقى «نصبتهم» كما هي من دون أن يمسسها أحد، ولو جاء ذلك عبر الكذب والظلم والتلفيق.. ولكن يقيني أن وجود إنسان مثل الدكتور عصام فخرو الذي عودنا أن يقف ضد ممارسات البطش بغير وجه حق، حتى ولو كان هناك من يغطون في حالة من الضعف والسلبية مسببين لي ولغيري استفزازا من غير مبرر على الإطلاق!
وأخيرا أقول للسيد إبراهيم اللنجاوي مخلصا، إن وجود لجنة تحقيق بها إنسان مثل الدكتور تقي الزيرة خير ألف مرة من لجنة من خارج الغرفة حتى ولو كانت اللجنة الخارجية التي تتمناها أشد نزاهة وحيادية!