الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


أزمة وطن أم أزمة معارضة في وطن؟

تاريخ النشر : الاثنين ١١ يونيو ٢٠١٢

فوزية رشيد



} اذا كان المراقبون والمحللون المنصفون داخل وخارج البحرين، يتفقون على ان البحرين في ظل عهد جلالة الملك الاصلاحي والديمقراطي، وفي ظل التطورات والانجازات المختلفة، ليس فيها ما يستدعي الدخول في اي ازمة أصلا، لأن الأسس المنطقية والموضوعية وعناصرها الحقيقية، وليست بالطبع المفتعلة، هي غير موجودة بل مفتقدة في المشهد البحريني، فان الجماعات التي دخلت على الخط الاصلاحي باسم المعارضة، وحدها لا ترى اي صحة في مثل هذا التحليل، بل هي ترى العكس تماما، بأنه لم يتحقق شيء حقيقي في البحرين، ولا توجد منجزات أو تطورات أو ديمقراطية أو اصلاح أو حريات، ولا تكتفي بذلك بل هي تعمل وفق تحركات اقليمية وعربية ودولية على تسويق ابشع صورة بالامكان تخيلها عن اوضاع البحرين، وعن القيادة السياسية وعن النظام السياسي بشكل عام، ومرة اخرى لا تكتفي بذلك، بل هي تعمل على لي ذراع السلطة ومقايضتها عبر العنف والارهاب، ولا تكتفي بذلك أيضا، بل تدخل في علاقات مشبوهة مع السفارات الاجنبية والاقليمية، وتعمل على التدخل الاجنبي، بعد اعتمادها على الدعم والتمويل والتدريب من الجهات الخارجية ولا تكتفي بذلك ايضا،وانما تعمل ليل نهار لقلب الطاولة على الشعب البحريني وحياته من خلال الكذب والفبركة والمبالغة وتسويق «المظلومية العابرة القارات» والقاء التهم الجزاف على الدولة وعلى المكونات الاخرى، من اصل ما تفعله هي وتمارسه وتحاول فرضه بديكتاتورية واستبدادية، لا مثيل لهما في قواميس اي معارضة في اي مكان في العالم وعلى الاطلاق.
} إذًا حقيقة الازمة في البحرين هي ان هناك جماعات تعمل من الداخل واخرى من الخارج، وتحت مسمى المعارضة لديها ازمة خاصة مع نفسها ومع الوطن، وبالتالي فقد عملت ولاتزال تعمل على اسقاط ازمتها الخاصة على الجميع، فهي لا يعجبها اي شيء، وترى ان كل شيء في البحرين مزيف وشكلي، وترى الديمقراطية الحقيقية في ان يتنحى النظام السياسي لتستولي هي على السلطة، وان يتنحى جميع المكونات الاخرى لتتيح لطائفة واحدة حرية العمل والتحرك والانقضاض، وان يتنحى الوطن من وجوده وهويته وانتمائه وعمقه الخليجي، ليترك المساحة مفتوحة للتبعية المطلقة لاحقا للجار الايراني ذي الاطماع التاريخية، وان تتنحى كل الرؤى والمشاريع السياسية المدنية والديمقراطية والاصلاحية، لكي يحل مكانها «مشروع ولاية الفقيه» وان يرحل الجميع نظاما واهل سنة ومكونات اخرى من البلاد، كما رفعوا الشعارات في ذلك في الدوار العام الماضي، ولايزال يتردد صداه في مسيراتهم الليلية حتى اليوم وكل يوم.
} حينها فقط سيرضى هؤلاء وسيعجبهم الوضع في البحرين، وحينها ستكون البحرين واحة الديمقراطية التي يريدون، وسيتحقق الاصلاح الذي يشتهون، فأين المنطق في كل ذلك؟ المنطق موجود في رؤوسهم وحدها فقط، وحلم نسف النظام والحياة البحرينية لاحلال نظام الولي الفقيه في النهاية موجود في رؤوسهم وحدها أيضا.
وفي إطار مثل هذا الطرح وهذه الرؤى وهذه الاحلام او الاوهام، هم يفعلون كل ما يفعلون منذ بداية المشروع الاصلاحي، ويسعون بكل جهد إلى تدمير المنجزات حتى تسود حالة من الفوضى وانعدام الأمن واللااستقرار، واليوم العنف والارهاب، لأن مثل هذه الاجواء التأزيمية هي التي تقربهم في نظرهم من تحقيق احلامهم الطوباوية وعلى وقع ترسيخ «الديمقراطية الفوضوية».
} اذًا مع جماعات كهذه تتستر بغطاء المعارضة، وبعد ان انكشفت الاغطية والأقنعة والسواتر والخفايا، واذا اردنا وضع النقاط على الحروف، فاننا سنجد انفسنا امام «عصابات سياسية واخرى ميدانية»، مهمتها احداث التأزيم بشكل متعمد ومتواصل، تعيد المحاولة بعد الاخرى منذ انقلاب الثمانينيات وعنف التسعينيات، والانقلاب المستتر على مشروع جلالة الملك الاصلاحي وصولا إلى ادخال البحرين في ازمة فبراير 2011، ومواصلة التأزيم حتى اللحظة، وفي هذا لا يهمنا (الفوارق التكتيكية) بين الجمعيات المختلفة او بين اتجاهات الرأي إن وجدت في احدى الجمعيات كالوفاق، لأن الهدف الذي تعمل عليه قيادات تلك العصابات السياسية هو هدف واحد، وذو لون واحد، رأيناه بأم العين في احداث السنة الماضية وهذه السنة، وحيث كل تحركاتها لاتزال تدور في إطار (صناعة الأزمات) الواحدة بعد الاخرى، والعمل على نسج خيوطها وعواملها الداخلية، وفي إطار اجندة يجمع اصحابَها (الحالة الولائية لقاسم او للمرجعيات الخارجية) ومن خلال خلايا تتحرك على المستويات الاعلامية والحقوقية والسياسية كافة، فيما هي ترتكب كل اشكال المخالفات والجنايات بل الجرائم، وحادثة (الظفيري) رحمه الله، خير دليل اخير على ما تحدثه هذه العصابات في بلدنا وفي شعبنا.
} مع هؤلاء لن يغير الحوار اي شيء، لأن الحوار من المفترض ان يجمع بين القوى الوطنية، وان اختلفت اراؤها أو تطلعاتها بحيث يكون الولاء للوطن شيئا بدهيا، وهذا في رأينا ورأي غالبية الشعب البحريني ما تفتقده هذه الجماعات التي تسمي نفسها المعارضة، وحسب برهان الوقائع والسلوكات والممارسات، لذلك فان اي حوار لن يجدي طالما (الوفاق) التي على رأس تلك الجماعات لا تستطيع حتى لو ارادت تغيير نهجها ومواقفها وانتماءاتها او التخلي عن الارتباط بمرجعياتها أو الارتبط بالقوى الاقليمية والدولية، التي تعتمد على اسنادها ودعمها، وخاصة ان ما تعيشه البحرين ويعيشه شعبها بمكوناته كافة ويعيشه النظام السياسي بمجمله هو (انعكاس ازمة هذه الجماعات) عليها، في ظل الطموحات «السلطوية» والاوهام، وان رفعت شعارات المطالب السياسية والاصلاحية، التي كان بامكانها ان تُناقَش (بفتح القاف) عبر المؤسسات الدستورية ومنها المجلس الوطني، ويتوافق عليها الشعب، حالها حال كل الرؤى من اي جمعية سياسية او جمعيات في اي بلد ديمقراطي في العالم سواء المتقدم او النامي.
وللحديث تكملة تحت عنوان آخر.