الجريدة اليومية الأولى في البحرين


سينماتك

من ذاكرة السينما..

«أحلى الأوقات» في السينما المصرية

تاريخ النشر : الاثنين ١١ يونيو ٢٠١٢

حسن الحداد



أحلى الأوقات.. الفيلم الأول للمخرجة هالة خليل.. هذا الفيلم الذي ذاع صيته وأضحت شهرته تسيطر على ما تقدمه السينما المصرية في السنوات الأخيرة.. هذا الفيلم شاهدناه متأخراً.. حيث أن فيلمها الآخر «قص ولزق» بدأ عرضه في صالات القاهرة والعالم العربي منذ أسبوع..!!
هالة خليل مع فيلمها الأول نبأت عن فنانة جادة تحب السينما وتعشقها كالحياة التي تناولتها في «أحلى الأوقات» الذي قدمته عام 2005.. فيلم يقدم لنا شخصيات تمارس الحياة بطبيعتها وبساطتها.. تلك الشخصيات التي تحاول أن تتأقلم مع مجتمعها.. هذا المجتمع الصعب.. القاسي..!!
وهو في نفس الوقت فيلما يتحدث عن الصداقة.. الصداقة بمعناها الجميل.. بكل ما تحمله من سلبيات وإيجابيات.. صعود وهبوط.. وبكل تناقضاتها الحياتية..!!
فنحن هنا أمام ثلاث صديقات تعرفن على بعضهن منذ أيام الدراسة المبكرة.. سلمى «حنان ترك»، يسرية «هند صبري»، ضحى «منة شلبي».. ثم اختلفت بهن السبل.. إلا أن الذكريات وظلال الصداقة المتلاشية بفعل انقطاعهن عن رؤية بعضهن، يكون لها فعل السحر لتتكشف هذه الصداقة وتنتعش من جديد.. فعندما تموت والدة سلمى «مها أبوعوف».. تبدأ في الشعور بالوحشة، وتكشف عن انطوائها الذي سبب لها ذلك الشعور بالوحدة القاسية.. هذا الانطواء الذي جعلها تعيش بمفردها وتحاول قدر الإمكان العيش بعيداً عن الآخر.. فتبدأ باستلام رسائل مجهولة وصور وأشرطة للمطرب محمد منير من مجهول تذكرها بحي شبرا.. الحي الذي عاشت فيه سنوات طويلة، لتعيدها لذكريات الطفولة وسنوات الدراسة وتلك الأحلام الصغيرة التي بدأت تكبر في مخيلتها، ذكريات اعتبرتها أحلى أوقاتها.. مع صديقاتها.. هنا نشاهد سلمى وقد جذبها الحنين لتلك الذكريات وذلك الحي الشعبي..!!
فنتابع كيف أن هذه الصداقة بين الثلاث قد بدأت في التجدد على نحو أعمق بعد أن تكون الحياة قد أنضجت هذه الشخصيات.. بالرغم ما شاب مشوار كل منهن من صعاب.. في ظل مجتمع مليء بالمعوقات الاقتصادية والأخلاقية.. ساهم في فقدانهم للمتعة الشخصية بأشياء الحياة الجميلة.. لذا نراهن قد صممن على خوض تجربة أخرى للتمتع بما لديهن وانتزاع اللحظات الجميلة واختبار معدن صداقتهن.. مشاهد سجلها الفيلم بعذوبة مؤثرة.. أثناء مرحهن ولعبهن بالكرة وغنائهن لأغاني محمد منير.. أكلهن لطبق الكشري اللذيذ..!!
ومن المؤكد بأن أحداث الفيلم جاءت متماسكة ومحبوكة وتكشف عن موهبة فذة في كتابة السيناريو والحوار.. إنها الكاتبة «وسام سليمان».. في أول فيلم لها أيضاً.. حيث قدمت رؤية نقدية لواقع الشخصيات الثلاث، ولمسات درامية موفقة ومتقنة على الصعيد الفني والدلالي المتناسب مع كل شخصية.. فشاهدنا أحداثاً متقنة تعتمد على مبدأ المفارقة الفنية اللماحة.. مع مصاحبة حوار جذاب رغم بساطته.. يضيف الكثير لتلك الشخصيات الواقعية.. في ظل ذلك الانسجام الجميل بين رؤية الكاتبة ورؤية المخرجة.. فكانت النتيجة مذهلة..!!
هالة خليل قدمت في فيلمها الأول هذا، مشاهد تنبع بالصدق والواقعية الرومانسية.. ونجحت في التعاطي مع فريق التمثيل وإدارته بشكل ملفت، بحيث استطاعت الكشف عن إمكانيات دفينة لحنان ترك وهند صبر ومنة شلبي.. هذا إضافة إلى بقية الأدوار الثانوية التي جاءت بمثابة المفاجأة للمتفرج..!!
فيلم «أحلى الأوقات» سيمفونية عن المشاعر وتحكي عن صداقة حقيقية تربطها علاقات إنسانية وظروف محددة.. هي الحياة الحاضرة بقسوتها وبساطتها.. شخصيات تعيش الواقع ولا تنفصل عنه.. شخصيات تجسد مشوار حياتي قاسي. إن فيلما بهذه العذوبة.. لكفيل بشد الانتباه لما ستقدمه مخرجته المتميزة هالة خليل فيما بعد.. وها هو «قص ولزق».. فيلمها الجديد، ـ بعد عرضه مباشرة ـ قد حضي بردود فعل إيجابية.. فيلم من بطولة حنان ترك وشريف منير..!!
وهالة خليل مخرجة من جيل التسعينات من القرن الماضي، حاصلة علي بكالوريوس قسم الإخراج من المعهد العالي للسينما في القاهرة، فضلاً عن كونها خريجة كلية الهندسة التي مثلت وأخرجت فيها بعض الأعمال الفنية. ومنذ مشروع تخرجها عام 1993، أخرجت العديد من الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة من بينها «أصحابك عشرة»، «جمال الثورة»، «هيليوبليس» و«طيري يا طيارة»، الفيلم الروائي القصير الذي مثل مصر في بعض المهرجانات العربية والعالمية وحاز علي عدة جوائز.