محطات
«الغراب».. يعيد ابتكار حياة إدغار آلان بو
تاريخ النشر : الاثنين ١١ يونيو ٢٠١٢
بحسب المعلومات الموثوقة، توفي إدغار آلان بو في 7 أكتوبر 1849، عن عمر أربعين سنة، بعدما وجد تائهاً ومشرداً في شوارع مدينة بلتيمور. وما من معلومات مؤكدة حول مكان وجوده في الأيام الأخيرة قبل وفاته. وتعزى وفاته لأسباب عدة غير مؤكدة، منها إدمانه على الكحول، وداء الكلب، وغيرها من أمراض أخرى.
إلا أن الفيلم الروائي المثير «الغراب» يطرح حلاً مختلفاً لكن أقل بساطة، لهذا اللغز.
يتطرق فيلم «الغراب» إلى أفضل أعمال إدغار آلان بو الروائية، ويصور جانباً مختلفاً كلياً عن شخصية الفنان الغامضة والمتداولة في سير حياته. يؤدي الممثل جون كوزاك شخصية بو، ويكشف أداؤه عن شخصية الفنان المليئة بالتناقضات. فهو مغرور ولكنه لا يشعر بالأمان، مرح ولكن متذمر، مدمر لذاته ولكن غير عطوف. عن تلك الشخصية، يعلق كوزاك قائلاً: «ثمة تناقضات إيجابية وسلبية عدة في ذلك الرجل.
وقد حرصنا على أن نظهر جميع تلك الجوانب المختلفة في شخصيته. فكان يصف نفسه بالكاتب الاستفزازي والتهكمي. وكان يدرك تماماً أن أعماله لا تجذب الذوق العام، بل كانت مستفزة وفكاهية في آن. وكان يتمتع بروح المنافسة ويتعمد التهجم على الكتاب الآخرين. وكان ناقداً لاذعاً وحذقاً. تلك الصفات كافة جعلته شخصية معاصرة مميزة، على رغم أن الرواية تعود إلى سنة 1849».
يرى كوزاك أن شخصية بو المستفزة والاستثنائية وغير الممتثلة للقيم والعادات، التي انعكست في قصائده، ورواياته الخيالية وأعماله الأدبية، هي التي ساهمت في الحفاظ على إنجازاته الموروثة من جيل إلى جيل، حتى يومنا هذا. اليوم، يعتبر بو أحد عرابي روايات الرعب الحديثة. ولا شك في أن أفلام الرعب والتشويق المقتبسة من روايات بو، تتساوى في الحبكة والرسالة، مع أفلام الرعب المعاصرة. بحسب رأي كوزاك، يعتبر بو أحد أهم عرابي الفن المعاصر، أمثال الفنانين كوورت كوبين أو هانت س. تومبسون اللذين ضحيا أشد تضحية لأجل فنهما.
ويضيف كوزاك: «تميّز بو بشخصية ثائرة ومتمردة في طرق عدة. فقد كان يدوس على النهج السائد ويبتكر نهجاً مغايراً. ولم يتوان عن كتابة القصائد مضمرة المعاني، وروايات التشويق والرعب متدنية المستوى، والقصص ذات النهايات المشوقة، والروايات الشاذة.
وتصور إحدى رواياته قرود البابون الضخمة وهي تتسلل من المدخنة ومعها أداة حادة تزهق بها أرواح الناس. لكنه تميز أيضاً في كتاباته بشغفه لتجسيد الجمال وكان ريادياً في كتابة الروايات التي تغوص في غور العقل الباطن. وتميزت روايات الكاتب في تجسيد هواجس العصر التي لم يخف من التعبير عنها بصراحة».
تم التباحث في تصوير «الغراب» لمدة عقد كامل تقريباً، ويروي الفيلم جوانب عدة من حياة بو في إطار روائي خيالي يستند إلى أشهر رواياته. وقد تولى بن ليفنغستون وهانا شيكسبير كتابة سيناريو الفيلم عام 2002، وتم الاتفاق على تصويره بعدما صرح كوزاك على موقع «تويتر» بقبوله بالدور. تتمحور قصة «الغراب» حول قاتل يرتكب جرائم عدة مستوحاة من روايات الكاتب بو، ويستهدف في نهاية المطاف حبيبة الكاتب (تمثل دورها أليس إيف). على مستوى الرواية والجو العام، سعى المخرج جايمس ماك تيغ إلى إضفاء لمسة معاصرة من ناحية الإخراج والتصوير السينمائي. وقد عمد المخرج لإعادة إحياء أبرز سمات القرن التاسع عشر، تحديداً حقبة ما قبل الحرب الأهلية الأميركية، إلى تصوير الفيلم في بودابيست. حرص المخرج على أن تكون المشاهد منطقية ومطابقة مع واقع اليوم، إذ يرى أن تصوير سيرة حياة الفنان بو لن تستقطب الجمهور الأوسع. عن دوره في الفيلم، يعلق الممثل كوزاك أنه بعد أداء شخصية بو والبحث في تفاصيل حياته، أدرك مدى أهمية تأثير الفنان في جوانب عدة من الثقافة العامة البعيدة عن الرعب.