الجريدة اليومية الأولى في البحرين


التحقيقات


من المسئول؟.. حوادث سكن العمال تتفاقم!

تاريخ النشر : الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢



تزايدت في الفترة الأخيرة حوادث سكن العمال في بعض المناطق القديمة نتيجة لمخالفتها معايير السلامة وتكدس الكثير من العمالة الأجنبية فيها لانخفاض أسعارها وعدم توافر سكن صحي ملائم للعمال، وأقربها حادث تعرض 10 آسيويين في الأسبوع الماضي للوفاة بعد أن شب حريق في بيتهم نتيجة لانتهاء صلاحية التمديدات الكهربائية، مما أدى إلى كارثة إنسانية تتكرر بين فترة وأخرى نتيجة لعدم حل هذه المشكلة الأزلية التي يعانيها العمال الأجانب.
أخبار الخليج قامت بجولة مع عضو المجلس البلدي صادق رحمة حيث تفقدت
مشاهد مأساوية
وفي احد المشاهد للمنازل القديمة المهددة بالانهيار في العاصمة المنامة وضعت خشبة طويلة لسند السقف لمنعه من السقوط، وكانت الممرات الداخلية الضيقة المظلمة المغطاة بالألواح الخشبية مكدسة بالأفران الغازية للطبخ التي يبلغ عددها 7 أفران تقريبا وتحاط بها حبال طويلة تنشر عليها الملابس لتجف ووضعت الأطعمة والفواكه التي تباع في الطرقات بأسعار رخيصة في الممرات وبجانب الباب الخارجي معرضة للحشرات والقوارض.
وفي مشهد بعيد عن الإنسانية تجمع أربعة من العمال بجانب الحمامات الأربعة التي لا يوجد على بعضها أبواب لتسترهم بينما يستحم احد العمال في الساحة المقابلة للحمامات، وذلك نظرا إلى إلاعداد الكبيرة من العمال التي تعيش في السكن الخشبي والتي تبلغ نحو 60 شخصا موزعين على طابقين سفلي وآخر علوي، ويقطن في الغرفة الواحدة نحو 8 أشخاص ينامون على أسرة من طابقين ليعيش في الغرفة اكبر عدد ممكن من العمال، وعند سؤال العمال عن أسباب سكنهم في المساكن غير الصحية والخالية من شروط السلامة والضيقة عللوا ذلك بعدم توافر المال لسكنهم في منازل أفضل نتيجة لانخفاض رواتبهم على حد قولهم وعدم توفير صاحب العمل سكن خاص لهم بحجة عدم امتلاكه المال.
منازل آيلة للسقوط
العامل الآسيوي عبد الرحيم كان يملأ الدلو بالماء ليرفعه إلى أعلى نظر الينا وهو يقول: اسكن في هذا السكن منذ عشر سنوات واعمل في السوق المركزي ولا استطيع أن أغير سكني لان راتبي 60 دينارا فقط و50 منه أنفقه على الأكل و10 دنانير إيجار السكن وإما بالنسبة إلى رب عملي فهو لا يستطيع أن يوفر لي سكنا أخر لأنه لا يملك المال لذلك. وقد طلبنا من صاحب السكن أن يعدل السكن لأنه آيل للسقوط فوعدنا منذ سنين ولم نر شيئا.
أسقف خشبية
بينما نزل العامل سنان على السلالم الخشبية والمهددة بالسقوط في إي لحظة نتيجة عدم استيعابها الضغط من الاعداد الكبيرة للعمال التي لا يستوعبها السكن الصغير، وقال: نحن نتمنى أن نسكن في سكن أفضل ولكن لا نملكك المال لذلك فاني اسكن هنا منذ سنتين ولكني لا أجد خيارا أخر لأني أتقاضي 50دينارا وادفع 10 دنانير للإيجار، ولكن أتمنى أن يتم توفير سكن خاص ملائم لنا. وبينما سنان يتحدث لي كانت هناك مجموعة من العمال في الطابق العلوي الخشبي يؤشرون إلى السقف الخشبي المهدد بالانهيار في أي لحظة بينما البعض هرب رافضا تصويره.
وفي الممرات الخارجية بجانب سكن آخر للعمال كان هناك عامل أسيوي يفرز البرتقال الفاسد عن الطازج بعد غسله في دلو من الماء الوسخ، قبل أن يبيعه في أكياس على ضفاف الشوارع.ودخلنا إلى مسكن عمال أخر ذي سقف خشبي منخفض وله رائحة كريهة لعدم توافر النوافذ به وممره ضيق وضعت فيه أفران غازية ،وخضروات مغطاة بالقماش وأبواب موصدة بالإقفال ونشر فيها الملابس ،وهو يحتوي على حمامين فقط رغم الأعداد الكبيرة من العمالة الذين يعيشون فيه..
غياب الرقابة
وقد علل صادق رحمة (عضو المجلس البلدي لمحافظة العاصمة) ما يحدث من مآسٍ للعمالة الأجنبية والحوادث التي يتعرضون لها نتيجة لغياب الجهة المسئولة عن متابعة مشاكل العمال وقال: إن الحوادث في سكن العمال في تزايد مستمر فقد توفي في الفترة الأخيرة 10عمال في احد المساكن نتيجة لغياب السلامة في هذه المنازل وتوفي في العاصمة المنامة في 2011 في مجمع (302) 6 عمال، لذلك نحن نطالب بأن تكون هناك جهة مسئولة عن حقوق العمال لأنهم بشر يعملون لكسب قوتهم، ويجب مراعاة الجانب الإنساني في الموضوع والجيران الساكنين بالقرب من العمال وخاصة أن ديموغرافية المنامة تغيرت فأصبح يعيش فيها 12% بحرينيون والباقي أجانب وهذا أمر خطير لابد أن يلتفت إليه، ونتمنى أن يكون هناك تنظيم يوضح الفرق بين سكن العمال والعزاب وان يوفر سكنا خاصا للعمال.
مسئولية وزارة العمل
وعن دور وزارة العمل في رقابة سكن العمال يقول احمد الحايكي (مدير إدارة التفتيش العمالي في وزارة العمل): تقوم وزارة العمل من قبل السلامة المهنية بالتفتيش على جميع مساكن العمال التي توفرها الشركة لهم والمسجلة في وزارة العمل والتأكد من التزامها بشروط قوانين السلامة المهنية المتبعة في المملكة حيث يشترط في سكن العمال أن يكون هناك سرير وخزانة بالإضافة إلى الشروط الصحية الاخرى التي تحافظ على سلامة العامل، وبالنسبة إلى الحادث الأخير الذي أسفر عن وفاة 10 آسيويين فقد كان سبب الحادث أن السكن عبارة عن منزل قديم متهالك استأجره آسيوي من الباطن وقام بتأجيره على العمال الآسيويين وهو غير مسجل في وزارة العمل، لان بعض الشركات لا توفر سكنا للعمال ولكنها تمنح علاوة سكن فيقوم العامل بالبحث عن سكن منخفض الثمن يناسبه وكذلك هناك عمالة هاربة تقوم بتأجير سكن وهذا ليس خاضعا لقانون العمل وليس له علاقة بسكن العمال، لان الوزارة تلتزم برقابة المساكن التي توفرها الشركات للعمال والتي تسجلها في الوزارة كذلك إذا تم التبليغ عن سكن عمال لشركة معينة تلزم الوزارة الشركة بتسجيله لرقابته.لان وزارة العمل مسئولة عن سكن العمال المسجلين في وزارة العمل، وماعدا ذلك فهو سكن للعزاب ونحن غير مسئولين عنه.
انتهاكات عمالية
وعن الجانبين الحقوقي والانساني علق سلمان كمال الدين الأمين العام لجمعية البحرين لحقوق الإنسان: الحقيقة أن مشكلة العمالة المهاجرة وبالذات في البحرين تعاني أوجه قصور في مجال حقوق الإنسان والتعاطي الإنساني مع هذه الشريحة منذ أمد بعيد، ويتمثل هذا القصور ويرتقي إلى حد الجنح والجنايات التي يمكن يعاقب عليها القانون من حيث تعامل بعض أصحاب العمل مع العامل فالبعض يتاجر بجهود العمال المهاجرة ويستغل حاجتها إلى العيش الكريم، وتتمثل الانتهاكات في الاتجار بالبشر وهي اكبر مشكلة يعانيها الكثير من العمالة السائبة وهي تعمد بعض ضعاف النفوس أن يتحصل على رخص لجلب العامل (فري فيزا) حيث يستقطع من كل شخص مبلغا يتراوح بين 30 إلى 50 دينارا، ويتركهم وبالتالي فهم يبحثون عن عمل سكن رخيص ويتجمعون فيه من حيث لا يستوعب السكن الكم الذي يقطنون فيه حيث تقع الكارثة، وتكون كارثة جماعية مثل الكارثة التي حدثت في الفترة الأخيرة وأدت إلى وفاة 10 آسيويين بينهم طفل، وهناك كثير من الأمور والانتهاكات منها ترك العامل 3 أو 4 اشهر من دون راتب مما يجعلهم يتجمعون في أماكن تفتقر إلى السلامة المهنية واللائقة صحيا.
وأشار كمال الدين إلى أن البحرين صدقت على اتفاقيات الاتجار بالبشر وهناك رقابة حقيقية وأضاف: لقد حذرنا مسبقا من تفاقم المشكلة فقد قمنا بجولات في عام 2002 و2003 على بعض المساكن والشركات التي يتكدس فيها من 400 إلى 500 عامل وهي لا تستوعب أكثر من 50 عاملا.وهذا يرجع إلى قصور وزارة العمل في رقابة مساكن العمال وبعض الجهات المعنية مثل وزارة البلديات التي تمنح تراخيص للمباني آلايلة للسقوط، لذلك يجب أن نشدد الرقابة على سكن العمال الآيل للسقوط حرصا على سلامة العمالة وسمعة البحرين.
رفض حكومي لاقتراح سكن عمال
والنائب: د.علي أحمد عبدالله يعلق: إن مشكلة سكن العمال وخصوصا الأجانب قضية مطروحة في المجلس النيابي منذ فترة طويلة وهناك اقتراحات برغبة حول المشكلة لعلاج مشكلة سكن العمال من خلال توفير سكن صحي خاص لهم، ووضع قانون متكامل يشمل الاشتراطات الصحية لهذا السكن وتوضيح دور وزارتي العمل والبلديات من حيث الرقابة، ولكننا فوجئنا برفض حكومي من عدم جدوى القانون ومن أهم أسباب الرفض فشل التجربة في بعض الدول على حد قولها بسبب أن سكن العمال يفتح باب الجريمة والرذيلة والعادات والتقاليد غير الملائمة للبلاد.
ولكن يجب ان نعلم ان هذه العادات والتقاليد بدأت تنتشر بين سكان المناطق القديمة، ولذلك يجب ألا نضع عوائق لحل المشكلة ولكن على الحكومة أن تضع بدائل وحلولا حتى لا تتفاقم المشكلة وخاصة أنه في الفترة الأخيرة انتشرت حوادث العمالة بشكل كبير وهذا يرجع إلى التمديدات الكهربائية القديمة التي نتمنى متابعتها على الجهات المختصة حتى لا تزيد الحوادث وحفاظا على سلامة المواطنين والعمال، ونطالب بإيجاد خطة بديلة زمنية لحل الإشكالية لأنها مشكلة يعانيها الجميع بمن فيهم الشعب وطرحها المجلس التشريعي وتعلم بها الحكومة. بعض مساكن العمال في محافظة العاصمة للوقوف على الأوضاع العمالية هناك التي للاسف الشديد أثارت في نفوسنا الأسى والحزن.