الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


الجمعيات السياسية الوطنية والحالة «الرخوة».. لماذا؟

تاريخ النشر : الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢

فوزية رشيد



} في الوقت الذي اتضح فيه الحجم الكارثي للدور الذي قامت به «الجمعيات الانقلابية»، وعلى رأسها «الوفاق» في المجتمع البحريني، بل استمرارها في القيام بذات الدور مشفوعا هذه المرة بتصعيد العنف والارهاب، ومواصلة الكذب والتزييف، رغم مرور أكثر من عام على محاولتها الانقلابية الفاشلة في الدوّار، ورغم سقوط الضحايا بسببها من الطائفة الشيعية، ومن أهل الفاتح، وآخر ضحية هو «أحمد الظفيري»، الذي ظفر الوطن بقلبه المحروق من الأعمال الارهابية في شوارعنا، فتقدم ليزيح الاطارات المحترقة، لتنفجر في جسده القنبلة المحلية التي زرعتها أيادي الارهاب والغدر والخيانة، وأصابع التحريض والفتنة، رغم ذلك ورغم كل ما يعرفه الشعب البحريني الصامد، الذي يتعلم وحده كل يوم دروسا جديدة في كيفية التصدي للخونة وللكذب والتدليس، فان غالبية هذا الشعب تقف اليوم مصدومة من خذلان القيادات السياسية الوطنية لها، ولمظلوميتها الحقيقية في وجه المظلومية الكاذبة والمخادعة للانقلابيين التي أثخنها المتاجرون فيها بكل أشكال اللاأخلاقية السياسية والانسانية، ولتقف هذه الغالبية الشعبية مصدومة مرة أخرى (من عدم وضوح الرؤية السياسية وصلابة الموقف السياسي) من جانب تلك القيادات أو لنقل غالبيتها، وعلى رأسها قيادات «تجمع الوحدة الوطنية»، في مواجهة قيادات الانقلاب والغدر، والخيانة والعمالة، فما إن برز على السطح مجددا حديث عن حوار وطني، حتى وقفت أكبر تلك الجمعيات السياسية الوطنية منه بقيادة د. عبداللطيف المحمود - مع احترامنا له - موقف الداعي إلى المشاركة، ووضع بعض المبادئ التي يعرف مسبقا، ان الطرف الانقلابي لن ينفذ أيا منها، عوضا عن ان يرفض هو وائتلاف الجمعيات الوطنية، وباعلان واضح وبيان صارم مشترك، اي حوار مع تلك القيادات والوجوه التي سببت الويلات لهذا الشعب.
} إن التخبط في «النيات الحسنة» لن يقدم الحلول لما تمر به البحرين وشعبها، ولن يصحح الأمور، فالطريق إلى جهنم مفروش بالورد، وبالنيات الحسنة والحوار مع هؤلاء (اعتراف) من جانب تلك الجمعيات بمشروعية كل ما قاموا به حتى الآن، واعتراف بأنهم معارضة صحيحة ووطنية وسليمة، واعتراف بأنهم ممثلون حقيقيون للمطالب الاصلاحية، ولتمثيل كل الطائفة الشيعية، وقبول بابتزازهم، وخضوع للضغط الأمريكي الذي يعمل بكل قوة لاعادة الدور السياسي لهم كانقلابيين، حتى تحين فرصة اخرى لأزمة اكبر من التي سبقت يتم الترتيب لها بإحكام أكبر، هكذا تعطي هذه الجمعيات الوطنية بقبول الحوار معهم، الضوء الاخضر لهم لكي يستمر الانقلابيون في الابتزاز السياسي الذي اعتادوه عبر العنف والارهاب في المجتمع، واذا كانت الدولة قد جعلت من باب الحوار مفتوحا وبشكل دائم، فالأولى بهذه الجمعيات السياسية الوطنية كلها معا و«تجمع الوحدة الوطنية»، ان ترفض الحوار في هذا التوقيت تحديدا لكي يفقد هذا الحوار مشروعيته الوطنية والشعبية، لا ان يباركه احدها على استحياء بوضع مبادئ له يعلم الجميع انها فاقدة الصلاحية ولا مغزى حقيقي لها في التطبيق من جانب الجمعيات الانقلابية.
} إن سياسة (التأزيم المتعمد والمتواصل) الذي تتبعه «الوفاق» وأتباعها و(صناعة الأزمات) واعلان الطموحات «السلطوية» بشكل مباشر، التي من اجلها تتم كل الممارسات العنفية والارهابية، اي من اجل «استبدال النظام السياسي، واستبدال الحياة البحرينية التعددية، بحياة اخرى»، كالتي في العراق اليوم، تحت سطوة مشروع «الولي الفقيه» الذي تطرحه هذه الجماعات التابعة والخادمة والعميلة كما يراها كل الشرفاء، متلبسا وملتبسا بشعارات الثورة الزائفة والاصلاح الزائف، فيما هو مشروع انقلابي مفضوح (مسبق الصنع) لدى الدوائر السياسية في طهران وفي واشنطون، لتحقيق «الاطماع القومية الصفوية»، والاستراتيجية الأمريكية القائمة على تسليم زمام امور الخليج كله «للولي الفقيه» على نمط العراق، تلك الاطماع التي عانت ولاتزال تعاني البحرين بسببها الويلات والأمرّين، كل ذلك وبصراحة، لن يغيره الدخول في اي حوار مع هؤلاء، لأن اجندتهم مستمرة بحوار او من غير حوار، طالما الاطماع الايرانية مستمرة، وطالما الاستراتيجية الامريكية مستمرة أيضا وقد تغير تكتيكاتها او توقيت وضع ثقلها مجددا خلف الانقلابيين والعملاء ولكنها لن تبدل استراتيجيتها الجديدة وتحالفاتها السرية، مع إيران وعملاء إيران لأنها استراتيجية بعيدة الأمد لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط.
} بعد كل هذا مما لا تغفله قيادات الجمعيات الوطنية السياسية لماذا يأتي تجـكع الوحدة الوطنية احترامنا له ـ لكي يواصل اسلوب النيات الحسنة، رغم ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وليخذل للأسف بذلك وجدانيات اهل الفاتح كما نعلم، الذين انبثقت جمعيته من احلام وهواجس ومخاوف تجمعهم التاريخي في الفاتح؟
أهل الفاتح كما نرى لا يريدون الحوار مع العملاء والخونة، في مثل هذا الوقت تحديدا، وقبل تطبيق القانون، بل هناك منهم من يسعى إلى مقاضاة «الوفاق» لحلها، ومحاسبة قادتها، ولكي تُبرِز (بضم التاء) الطائفة الشيعية الوطنية (قادة وطنيين جددا) لها، بعد التخلي عن كل مسببات التأزيم المفتعل السابق والقائم على اجندة غير وطنية.
} هذا والشعب بكل عناصره الشريفة، يدرك جيدا ان من خان الوطن والشعب مرة، فانه سيكررها إلى ما لا نهاية حتى يحصل على مبتغاه، ولهذا فان المطلب السياسي الذي ينتظره كل اهل الفاتح اليوم هو تنفيذ القانون، ومحاربة الارهاب والارهابيين وقادتهم ومحركيهم ومحرضيهم، وتطبيق «قانون الجمعيات» بصرامة ضد كل من خالفه ووقوف الجمعيات الوطنية ضدهم وضد كل ما قاموا به ويخططون له وعدم شرعنة اساليبهم.
اما الحالة الرخوة التي تريد مكافأة الخونة والعملاء ومحركي الارهاب في البحرين وشرعنة اساليبهم بإجلاسهم (معززين مكرمين) إلى طاولة (الحوار الوطني) بعد ان فقدوا إلى الابد هويتهم الوطنية، وفقدوا معها ملمحهم السياسي الاصلاحي في إطار تلك الهوية الوطنية، فان اصحاب تلك الحالة الرخوة هم في نظر اهل الفاتح يعبرون اليوم عن انفسهم لا غير، ولذلك مع احترامنا للجميع في تلك الجمعيات الوطنية، كان الاحرى بقادتها اعلان بيان صريح وواضح برفض الحوار مع هؤلاء كما فعلت احدى الجمعيات (الاصالة)، بل بطلب حل كل من اسهم من الجمعيات في تأزيم الوضع في البحرين تأزيما كارثيا مفتعلا ولايزال، حتى اعادة تشكيل تلك الجمعيات في (السياق الوطني الصحيح)، حينها وحينها فقط بالامكان الحديث عن (حوار وطني شامل) لأنه سيجمع الوطنيين فعلا في هذا البلد، من اجل وضع (الحلول الوطنية) ورجاء الشرفاء ألا تتبرع اي من الجمعيات الوطنية بتبييض الوجوه السوداء او اخراجها من ازمتها الوطنية المستفحلة عبر النيات الحسنة، فهناك من خان وطنه وهناك من دافع عنه، وكلاهما لا يستوي لا عند الله سبحانه وتعالى ولا عند البشر.