الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

في كلمة الأستاذ أنور عبدالرحمن أمام مؤتمر أمن الخليج:

حرية التعليم في إيران لم تبدأ إلا في ظل الحكم الإسلامي.. ولكن

تاريخ النشر : الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢



ألقى الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير كلمة مهمة أمام مؤتمر أمن الخليج العربي في يومه الثاني أمس قال فيها: إن الحديث عن إيران مهمة صعبة باعتبار التاريخ الطويل لهذه البلاد (أعني التاريخ المدون) الممتد من حوالي عام 600 قبل الميلاد إلى اليوم.
ثم قال نستطيع أن نرى بوضوح أن ماضي إيران الذي كان حافلا بالاضطرابات والحروب والغزوات - من غزو الفرس لمصر في عام 525 قبل الميلاد إلى غزو أثينا، وسقوط الأسرة الفارسية الأولى في عام 334 على يد الإسكندر الأكبر، مرورا بطرد الإغريق بعد ثمانين عاما من الاحتلال إلى عهود مختلف الأسر الفارسية حتى عهد الأسرة الساسانية التي أطاح بها الفتح العربي الإسلامي.
ويواصل الاستاذ أنور عبدالرحمن كلمته قائلا: طوال كل هذه الحقب لم تشارك بلاد فارس بشيء أو تسهم في مجال العلوم والطب وغيرها من المعارف الإنسانية، لسبب بسيط هو أن الاشتغال بهذه العلوم لم يكن مسموحا به إلا للنبلاء، فقد كان محظورا على العامة تعلّم الكتابة والقراءة حيث لم يحصلوا على حرية التعلم إلا تحت ظل الحكم الإسلامي، وعندها فقط استطاع الفرس أن يقدموا الى الإنسانية علماء عظاما مثل ابي بكر الرازي والخوارزمي والفارابي وابن سينا بمن قاموا بالبناء على الانجازات التي حققها الإغريق وأسهموا في تطويرها.
وقال: هذا الضيق في الأفق تجاه التعليم مازال قائما إلى اليوم. ولكم أن تتصوروا أنه خلال السنوات الثلاثين الماضية قدمت إيران أكثر من 600 منحة دراسية للشيعة البحرينيين لدراسة العلوم الدينية، ولكنها لم تقدم منحة واحدة لدراسة الطب أو الهندسة أو الزراعة.. الخ. وعلى الرغم من أنها تدعي أنها حامية للشيعة فإنها تقوم باستغلالهم بصورة سافرة وقودا لتحقيق سياستها التوسعية.
والمثير للحيرة أيضا هو: لماذا تعاني إيران من عقدة الاستعلاء؟ فدينها الرسمي هو الإسلام، ومهده الجزيرة العربية، وهي تكتب لغتها بالحروف العربية في حين أن نحو 60 في المائة من مفردات اللغة الفارسية عربية الأصل، ومع ذلك تبدو إيران وكأن بصرها قد عمي عن المزايا التي اكتسبتها من الثقافة العربية.
ويواصل الأستاذ أنور قائلا: إيران دولة نفطية، تنتج أربعة ملايين برميل يوميا تدر عليها - بمتوسط سعر 90 دولار للبرميل - نحو 360 مليون دولار، بالإضافة إلى عائدات اراضيها الزراعية الخصبة والمصنوعات اليدوية الجميلة مثل السجاد الفارسي وغيره من التحف الأثرية، وعلى الرغم من ذلك تقف نسبة 35 في المائة من القوى العاملة في إيران في طوابير البطالة.
العملة الإيرانية هي التومان. قبل الثورة الإسلامية كان سعر العملة الإيرانية يعادل 7 تومان مقابل الدولار الأمريكي، ولكنه اليوم وبسبب سوء الإدارة تدنى إلى 189 تومانا للدولار. وقد أدى هذا التضخم إلى شل الاقتصاد الإيراني الذي كان يفترض أن يكون مفعما بالحيوية. وعند مقارنة هذا الوضع بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نجد الفارق كبيرا، ذلك أن دول مجلس التعاون لا توفر الوظائف لمواطنيها فقط، ولكن لملايين آخرين من الأشخاص من أوروبا الغربية وأمريكا وشبه القارة الهندية والشرق الأقصى، يحصلون على سبل العيش الكريم من فرص العمل المتاحة في دول الخليج.
والواقع أن مساهمة إيران الرئيسية اليوم هي المنحة الكبيرة التي تقدمها إلى حزب الله اللبناني والتي تزيد على مبلغ 500 مليون دولار سنويا. وإذا كانت إيران على درجة كافية من الحكمة، فإن من الأفضل لها إنفاق هذا المال لتطوير الورش والصناعات لخلق الوظائف المطلوبة لشعبها. ويذكر أن هناك أكثر من نصف مليون إيراني يترزقون في دولة الإمارات العربية.
ويواصل الأستاذ أنور عبدالرحمن إلقاء كلمته قائلا: عمليا إذن لم تقدم إيران لهذه المنطقة منذ قيام الثورة سوى ثماني سنوات من الحرب مع العراق وقيامها بإثارة مشاكل لا داعي لها في كل مكان، وبخاصة بسبب طموحها أن تصبح قوة عظمى بالحصول على التقنية النووية.
والواقع أن عقدة الاستعلاء هذه لم تؤد إلى تعطيل تقدمها فحسب، وإنما عززت أيضا من المخاوف تجاه إيران في المنطقة ودول العالم أجمع. ومن المؤسف أننا نشاهد العديد من الأشخاص في الغرب والشرق الأوسط ممن يطلقون على أنفسهم صفة خبراء في الشئون الإيرانية، في حين أن معرفة دعاة الخبرة هؤلاء لا تزيد على حصيلة 10 أو 12 كتابا عن إيران، وهي بلد له تاريخ مدون يمتد إلى نحو 2500 سنة من الاضطرابات والحروب والغزوات ولا يمكن استيعابه بمجرد الاطلاع على بضعة كتب!
ونحن كشعب يعيش في هذه المنطقة قد قرأنا وعرفنا، كما عانينا من هذا الالتباس بشأن إيران. كما أننا مؤهلون أكثر من أي خبير أجنبي، لأنك عندما تطالع الأدب الفارسي، وخاصة خلال الخمسمائة سنة الأخيرة فإنك ستجد الكثير من الادعاءات الكاذبة والمعلومات غير الصحيحة المستخدمة لغسل أدمغة النشء باسم الطائفية.
ولكم أن تقارنوا هذا الحال مرة أخرى بدول مجلس التعاون، التي استطاعت جميعها أن تطور خلال الخمسين عاما الماضية من النظم التعليمية وخدمات الصحة والإسكان وفرص العمل ومهارات ريادة الأعمال. ويمكنكم أن تشاهدوا كل ذلك بأنفسكم. ليس هناك اية دولة خليجية تكنّ عداء تجاه إيران أو شعبها، ولكن إيران لم ترد بالمثل حتى الآن وبطريقة تعكس روح الصداقة الحقيقية وحسن الجوار.
ختاما، أشعر بصفتي شخصا يقرأ ويكتب ويتحدث الفارسية بطلاقة، أن أمام إيران فرصة عظيمة لأن تتصرف وتسهم بإيجابية في تطور هذه المنطقة. وحيث إن انجازات الغرب كانت نتيجة للفصل بين الدين والسياسة، فأنا لا استطيع أن أتصور مستقبلا أفضل لإيران طالما استمرت سياستها خاضعة لقيادة رجال الدين.