الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


التكافل المجتمعي وضرورته

تاريخ النشر : الخميس ١٤ يونيو ٢٠١٢



التنمية الاجتماعية وسيلة من أكبر وسائل رقي المجتمعات المتحضرة، وقد رعى الإسلام هذه التنمية وخصها بجزيل العطاء الأخروي، والباذل ماله في سبيل الله كالمجاهد في ساحة الحرب في سبيله تعالى.
المجتمعات الغربية نمت بفضل حسن استخدامها هذه الآلة الإنسانية والصفة الإسلامية، والأسلوب الفاضل في بناء المجتمعات، اسلوب البذل وتدويره، تعميمه وتأمينه، وكشفت دراسات وأبحاث عن نتائج ما يسمى الضمان المجتمعي عن أن ما نسبة 56% من الضامنين زادت ثروتهم على مستوى المدفوع للضمان المجتمعي، الأمر الذي عكس هوية التوافق بين العطاء والبذل والفارق بين البطالة والفقر في رفع العوز والحاجة والانتقال بهما إلى الاكتفاء والغنى.
الضمان الاجتماعي يخص الدول والحكومات التي تدعم الشعوب كواجب وحق لها في العيش الكريم، اما الضمان المجتمعي فهو التكافل المشترك بين أبناء الشعوب في تنمية بعضها بعضا، ووجدنا بعض الدول اشتركت في بناء دول أخرى وهو ما يسمى الضمان الاجتماعي الدولي، وتدعم الدول شعوبها بالضمان الاجتماعي لمحاربة الطبقية والفقر والبطالة، وضمان العيش الكريم حين العجز والطلاق والترمل وغيرها من الحالات الإنسانية، والضمان المجتمعي سمة اجتماعية عظمى لها من الأثر الكبير في تنمية المجتمع وحمايته، وزيادة المحبة فيما بينه وكفايته.
المجتمعات العربية طورت العمل بالضمان المجتمعي بتأسيس صناديق خيرية، وجمعيات ومؤسسات ولجان لجمع التبرعات والمساعدات، لم تفلح هذه اللجان والجمعيات في إخراج المواطن العربي من دائرة العوز والحاجة لأنها افتقدت الصورة المثالية في التطبيق لآلية الضمان المجتمعي، فانعكست تجربتها في حدود الضمان الاجتماعي، ما جعل كلا الضمانين كضمان واحد لا يختلف أحدهما عن الآخر.
المجتمعات الخليجية طورت وجه الضمان المجتمعي بالنزول الميداني ومعرفة المحتاجين في بداية عام 1960م، ثم أخفقت في جعله ضمانا مجتمعيا، ليكون الضمان فاقد الضمان من ثم مساعدة مشروطة، وبالتالي لا يمكننا أن نقول بوجود ضمان مجتمعي متكامل في دول العالم العربي ولا الخليجي، وهذا النوع من الضمان موجود في الغرب الذي لا يطبق الإسلام ولا ينتمي إليه.
الضمان المجتمعي عبارة عن تكافل محدود لوجه محدود بصفة محدودة يهدف إلى بناء المجتمع وتقويمه، لا يرصد أرقاما ومدفوعات بقدر ما هو عطاء يستمر فيه الأفراد بغض النظر عن مساعدات الحكومة ودعمها للمواطن.
الضمان المجتمعي صورة من أبلغ صور التكافل، ومبدؤها كما قال الإمام علي (عليه السلام) ما جاع فقير إلا بما متع به غني، فيعود الأمر على الكل من دون أن نقول هذا غني وهذا فقير، فكل من يملك وجب عليه أن يقدم، ولمن؟ هو يقدم للفقير والمحتاج بذلاً في المجتمع للمجتمع، من دون الرجوع إلى جمعيات ومؤسسات وتقييد أسماء وتوقيع، واخلاء، فهي هبة مباشرة للمجتمع.
وجدنا هذا التكافل في مباركات فردية كانت للقيادة منها نصيب من حيث التطبيق المثالي والعمل بالمبدأ المجتمعي لا الاجتماعي، وخير ما يشهد به الواقع مبادرة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في تكفله بدراسة 500 طالب وطالبة في شتى التخصصات العلمية، بمناسبة قدوم مولودي الخير على البحرين: سمو الشيخ حمد بن ناصر بن حمد آل خليفة، وسمو الشيخ أحمد بن ناصر بن حمد آل خليفة، حفظهما الله ليتربيا في بيت العز والشموخ بين يدي حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى.
وبهذه المناسبة نبارك لجلالة الملك ولسمو رئيس الوزراء ولسمو ولي العهد ميلاد أحفاد الخير على البحرين، ولشعب البحرين كافة.
الضمان المجتمعي أبرز نجاحه في الدول الغربية، وله بالغ الأثر فيمن يعمل به في دول الخليج والدول العربية، وإذا ما جئنا إلى البحرين فقد برزت شخصية رائعة في بناء الضمان المجتمعي كان لها أكبر الأثر في تقدم الساحة الاجتماعية بالنسبة إلى هذا النوع من الضمان، وهي صاحبة اليد البيضاء سيدة العطاء والبناء كريمة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، السيدة المصون الكريمة المعطاء سمو الشيخة لولوة بنت خليفة بن سلمان آل خليفة، هذه السيدة الفاضلة التي جسدت الضمان المجتمعي لما لها من وافر الإحسان في ربوع مملكة البحرين.
تعلمت هذا الكرم من والدها أكرم الكرماء صاحب الخبرة الفياضة والرجل المقدام الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه، ولا ننسى الأميرة الماجدة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة، التي جسدت تطلعات صاحب الجلالة مليكنا المعظم، هم ثلة بسيطة معدودة محظوظة مشكورة بما قدمت للبحرين وشعبها.
إن الواقع الذي يفرض بناء كهذا بروح النماء وسيادة الانتماء والحس الوطني والإسلامي الرفيع، يفرض تميز هذا الضمان المجتمعي على غيره، وفي التمعن فيه نصل إلى حاجتنا إلى التمسك بتقاليد وأعراف كهذه، لا تدع العلة على الأسباب بل تبادر هي إلى حل هذه العلل المشتركة، لنبني البحرين بتكافلنا المجتمعي، وعطائنا المستمر لكل من يستحق حتى لا يحتاج في بيننا أحد وتستغله الثلة المستعدة لتولي مهام الدفع من أجل إفساد البحرين، وهي دعوة لكل محب لهذا الوطن إلى المبادرة وتفعيل التكافل المجتمعي لبناء حاضر ومستقبل البحرين.
حماك الله يا بحريننا، حمى الله قيادتنا.