المال و الاقتصاد
في التقرير الأسبوعي لـ «ساكسو بنك»:
ارتفاع أسعار الذهب وهبوطها مجدداً إلى مستويات قياسية بعد تعليقات بيرنانك
تاريخ النشر : الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢
أمضت أسواق السلع هذا الأسبوع في محاولة استعادة نشاطها بعد الضعف الذي اتسم به أداؤها خلال شهر مايو. إن ما ساعد في ذلك مبدئياً التوجس المتجدد بشأن الحاجة إلى حافز إضافي من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعد تقرير ضعف الوظائف الذي صدر في 1 يونيو. سجل الذهب أعلى قفزة له منذ سنوات ليعود ويسجل أكبر تعثر له في شهرين بعد إحجاب رئيس الاتحاد الفيدرالي أثناء شهادته التي أدلى بها في واشنطن عن وضع أي تدابير إضافية.
خفضت الصين معدل الفائدة الأساسية لديها للمرة الأولى منذ أربع سنوات لتحفيز اقتصادها الذي يعاني ضعفاً، ولكنها فشلت أيضاً في تحفيز السوق في ظل التوقعات التي أطلقتها والتي أشارت إلى احتمالية أن تكون البيانات الاقتصادية القادمة أكثر ضعفاً مما هو متوقع. أما بالنسبة إلى إسبانيا، فبالغرم من تمكنها من إصدار دين بقيمة 2 مليار يورو، فإنها شهدت انخفاضاً في تصنيفها الائتماني بثلاث نقاط في ظل استمرار أزمة التمويل والأعمال المصرفية. إلى ذلك فإن الانتباه سيعود ليتركز خلال الأسبوع المقبل على اليونان قبل انتخابات 17 يونيو، والتي يحتمل أن تطلق النتائج التي ستسفر عنها مزيداً من الهواجس بشأن مستقبل اليونان في منطقة اليورو.
في ظل هذه المعطيات، يتوقع أن تواصل الأصول الأكثر خطورة والمعتمدة على النمو مثل السلع مكافحتها إلى أن نتمكن من البدء في الحصول على بعض الأجوبة على الأسئلة المطروحة حالياً بشأن التوقعات قصيرة الأجل بالنسبة إلى النمو العالمي. كما أن من شأن سوء الأحوال المناخية التي شهدها العالم مؤخراً أن يشكل العوامل الوحيدة التي تقود السلع الفردية (المرتبطة بالزراعة) للارتفاع.
أداء متميز للزراعة
تميز أداء قطاعات الزراعة بأنه الأفضل خلال الأسبوع الماضي مع عودة مؤشر داو جونز يو بي أس للزراعة بنسبة أربعة بالمائة في حين خسر مؤشر السلع الثمينة اثنين بالمائة وخسر مؤشر الطاقة واحداً بالمائة. يأتي أداء المحاصيل الثلاثة الرئيسية في قمة أفضل ستة سلع فردية، حيث حصلت هذه المحاصيل على الدعم إما من المصدرين أصحاب المراكز القوية أو بسبب الجفاف المناخي الذي اجتاح المناطق الزراعية الرئيسية في الولايات المتحدة وروسيا.
حافظ مؤشر داو جونز يو بي أس للسلع عند إعداد هذا البيان على مساره ليسجل أول مكسب أسبوعي له وإن كان ضئيلاً وذلك في ثلاثة أسابيع، في حين استمر مؤشر أس آند بي جي أس سي آي الزاخر بالطاقة في مساره نحو تسجيل الأسبوع السادس له على التوالي من الخسائر، وهي أطول فترة خسائر أسبوعية خلال 11 سنة. إن هذا الواقع يسلط الضوء على الإقبال الشديد على التصفية والبيع بأسعار زهيدة، وخاصة بالنسبة إلى النفط الخام، والذي شهدته الأسواق منذ بداية شهر مايو.
الذهب يدور في حلقة متعرجة
أدى تقرير الوظائف الأمريكي الضعيفة الصادر في 1 يونيو احتمالية ظهور حافز أمريكي إضافي حيث شهد الذهب ارتفاعاً بنسبة خمسة بالمائة ليعود مرتفعاً فوق 1,610. وبعد أن تمكن من تخطي هذه العقبة أمضى بضعة أيام يجمع مكاسبه ليصل إلى 1640 ليعود ويتعرض للبيع على نطاق واسع من قبل صناديق التحوط بعد الشهادة المبهمة التي أدلى بها رئيس الاتحادي الأمريكي بيرنانك يوم الخميس. إن حقيقة أن مجموعة الدعم تخلت عن مواقعها الطويلة الأجل بسرعة تحمل في طياتها إشارة تبعث على القلق حيث أنها تظهر قلة الصبر لديهم عندما يتعلق الأمر بالاحتفاظ بمراكزهم في هذه البيئة المتقلبة.
كل هذا أدى إلى المساس بسمعة الذهب من ناحية كونه ملاذا آمنا، وهو ما سيؤدي إلى تحويل الانتباه إلى الأسواق الخارجية مع إمكانية عودة الدولار لأن يكون المحرك الرئيسي على المدى القصير. ولكن على الرغم من عدم استبعاد وجود حافز إضافي، فإن نطاق المناورة المتاح أمام الاحتياطي الفيدرالي آخذ بالتضاؤل في ظل غياب أي توقعات بشأن إعلان مبادرات كبيرة خلال الأشهر الأخيرة لحملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
إلى ذلك، تبقى نظرتنا المستقبلية إيجابية بشكل عام بالنسبة إلى الذهب بالنظر إلى أزمة منطقة اليورو التي لا تزال من دون حل واستمرار فرصة إعلان حافز إضافي من الولايات المتحدة أو أوروبا أو كلتيهما معاً، مدعوماً بعوائد سلبية حقيقية تقضي على فرصة الاحتفاظ بالذهب. ولكن عادت مسألة إعادة بناء الثقة للظهور من جديد في ظل الخط الذي يوفره الانخفاض عند مستوى 1,500 والذي لا بد من المحافظة عليه لتجنب مزيد من الخسائر.
ارتفاع الذهب أجله قصير
إن التباطؤ الاقتصادي الذي شهده أكبر ثلاثة مستهلكين للنفط على مستوى العالم – وهم الولايات المتحدة والصين وأوروبا – ثبت أنه لن يتمكن من تحقيق أي تقدم إضافي بالنسبة إلى النفط الخام هذا الأسبوع. بعد أيام قليلة من التعافي من وضع شهد إفراطاً في البيع، عاد البائعون والمتداولون الذي اشتروا عقوداً مستقبلية لخام برنت عند عودته لتخطي 100 متجهاً نحو الخروج حالما تسمح الظروف بذلك.
يشهد خام برنت حالياً انخفاضاً بنسبة تسعة بالمائة ويتداول بشكل جيد دون متوسط السنة الماضية بسعر 111 دولار أمريكي. إن الظروف القاسية التي شهدتها الأسواق قبل شهرين لا تزال في طور التحرر من الارتباك الذي أصابها بعد تسجيل إنتاج العربية السعودية رقماً قياسياً وارتفاع إنتاج أمريكا الشمالية وما صاحبه من تباطؤ في الطلب، وخاصة في أوروبا. إن فرض مزيد من الخفض على الصادرات الإيرانية مع بدء العقوبات الأمريكية والأوروبية في 1 يوليو لم يؤد إلا إلى إحداث توازن بسيط من دون أن يكون له أي تأثير كبير على الأسعار. قد تضطر إيران إلى خفض أسعار النفط لديها لتحفيز المشترين الراغبين بالتعامل معها، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الضغط باتجاه خفض الأسعار على النقاط الإرشادية على مستوى العالم، مثل خام برنت.
تعقد منظمة أوبك اجتماعاً لها يوم 14 يونيو بعد انهيار الأسعار خلال شهر مايو، حيث يتوقع أن تدور نقاشات ممتعة، وخاصة بالنظر إلى أننا وصلنا إلى المستوى الذي تشعر عنده العربية السعودية بالارتياح. هل ستحاول أوبك خفض المعروض في الأسواق مما يؤدي إلى تثبيت الأسعار قبل معرفة التأثير الكامل للعقوبات الإيرانية وارتفاع الطلب الفصلي؟ أو هل سينتابها القلق بشأن التباطؤ الاقتصادي الحالي وتميل إلى الاحتفاظ بالمخزونات بمستوياتها الحالية، وهو ما من شأنه أن يعرض النظام لارتفاع مستويات المخزونات إلى مستويات مفرطة؟
وكما سبق وأسلفت في آخر تحديث أطلقته، فإن النظرة المستقبلية الفنية لخام برنت تبدو كئيبة نوعاً ما، مع تراجع مستمر دون نطاقها السابق – الذي استمر على مدار 16 شهراً – بعد أن تسبب في تركيز المتداولين على الوصول إلى 73 دولاراً. ولكن تحقيق ذلك يفرض علينا أن نشهد مزيداً من التراجع في الطلب من الاقتصادات الناشئة وعلى الأغلب تدهور اليورو. يبدو أن المخاطر الجيوسياسية آخذة بالتواري عن الأنظار، في ظل طلب العديد من منتجي النفط رفع الأسعار بشكل أكبر الآن لإحداث توازن في ميزانياتهم أفضل مما كان الوضع عليه قبل الربيع العربي، حيث إن مزيداً من الانخفاض من شأنه أن يلقى استجابة من المنتجين. ومع ذلك، وقبل الانتخابات اليونانية يحتمل أن يتبنى المتداولون موقفاً دفاعياً ويعودوا إلى مستويات الانخفاض التي شهدتها الأسواق مؤخراً عن 95,60 دولاراً أمريكياً على خام برنت، من دون استبعاد أي احتمالية دون ذلك.
تراجع أسعار الغذاء
تعرض مؤشر أسعار الغذاء الشهري، الذي يضم 55 سلعة غذائية مختلفة، إلى أكبر هبوط منذ أكثر من سنتين في شهر مايو، حيث انخفضت كُلفة الألبان بصورة وخاصة بحوالي 12 بالمائة. وكان المؤشر، الذي توفره منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة، قد هبط بنسبة 4,2 بالمائة ليصل إلى 203,9، وهو مستوى لم يحققه منذ أكتوبر 2010، في ظل تسجيل المجموعات الغذائية الخمسة المختلفة أسعاراً متدنية. على الرغم من أن ذلك سينشر شعوراً بالارتياح لدى المستهلكين، فإن العديد من الدول التي تعتمد على الاستيراد وتدفع بالدولار لم تشهر بتأثير كبير، حيث حصل الدولار على دعم تجاوز خمسة بالمائة مقابل العملات الرئيسية الأخرى خلال مايو.
بالمجمل، ظل الاتجاه نحو الهبوط بالأسعار سائداً لأكثر منذ سنة وحتى الآن، وها هو يعود على خلفية ارتفاع الأسعار السنة الماضي، وهو ما تصادف مع استجابة إنتاجية قوية من المزارعين على مستوى العالم. كما رفعت منظمة الفاو من تنبؤاتها بشأن إنتاجها للحبوب للفترة 2012-2013 باثنين بالمائة ليصل بالمجمل إلى 2,42 مليار طن. إن جزءاً كبيراً من هذه الزيادة تعتمد على ظروف الزراعة الجيدة خلال الشهرين المقبلين. وكما سبق ولاحظنا فإن الظروف المناخية السيئة في قلب الولايات المتحدة وروسيا تواصل إثارة المخاوف بالنسبة إلى إنتاج القمح، تماماً كما هو الحال عليه بالنسبة إلى الجفاف المناخي في أمريكا الجنوبية الذي حدث في وقت مبكر من هذا العام وهو ما تسبب في خفض كبير في إنتاج فول الصويا.
} رئيس استراتيجيات السلع
في ساكسو بنك