الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٣ - السبت ١٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


فتاوى علي سلمان الاستفزازية!





كنت أتوقع كل شيء من علي سلمان، وهو الذي لم يترك شيئا منذ فبراير من العام الماضي إلا وقاله: سقط النظام وشتم وهدد القيادة وارعد وازبد احيانا، وتحدث في احيان اخرى عن السلمية والمحبة والأخوة الوطنية، وهو صاحب شعار اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه.

في إطار اختلاط الحابل بالنابل والحالة العصبية التي اصابت علي سلمان اثناء الأزمة وبعدها كنا نبحث له عن أعذار وهو يعلن ويصرخ ويهدد في القنوات الفضائية الإيرانية الطائفية المشبوهة، وكنا نقول: إنها حالة عصبية لا شك ستمر ويعود الرجل إلى هدوء المعهود وإلى لغة التهدئة لأننا في النهاية شركاء في هذا الوطن الذي ما نبيعه كما يكرر علينا علي سلمان دائما، ولا نؤمن بالتسقيط ولا برحيل أحد ولا بإسقاط جنسية أحد بمن في ذلك «مجنسو» الوفاق، ولكن بينت الأيام أن ما يصدر عن علي سلمان ليس أمرا مرتبطا بالانفعال أو لحظات الغضب وإنما يصدر عن قناعة ورؤية وعن سابق تخطيط، وهو بالضرورة يتحمل ما يصدر عنه من هذا الكلام.

لن نذهب بعيدا ولن نعود إلى أيام الدوار «لا أعادها الله»، ولكن لنعد إلى تصريحاته الأخيرة التي لم أصدقها شخصيا في البداية، ولم أعتقد في لحظة أن الذي ينطق بها هو علي سلمان، فماذا قال علي سلمان؟

لقد قال: إنه وبفتوى واحدة بإمكانه أن يخرج عشرات الآلاف التي لا تبقي ولا تذر تبحث عن الشهادة، ولا نحتاج إلى سرد بقية الكلام فقد سبقنا إليه عدد من الزملاء ولكن نكتفي بهذه الفقرة الغريبة في إطار الثقافة البحرينية والسياسة البحرينية والآداب البحرينية والأخلاق البحرينية والأعراف البحرينية والمحبة والأخوة والتضامن والوحدة الوطنية، ونسأله بالله عليك هذه الآلاف التي ستخرج بفتواك أو بفتوى فقيهك المرجعية سيدك الذي أنت خادمه ما هو الهدف منها ومن ستقاتل ومن ستقتل؟ هل ستقاتل شركاء في الوطن وتقتلهم بمنطق قاتل أو قتيل؟ وما هو الهدف من ذلك وما هي النتيجة؟ هل الفتوى أغلى من دماء البحرينيين وحياتهم واستقلالهم ودمائهم؟ هل الفتوى المفترضة ـ ولا يبدو ان علي سلمان يؤجلها ولا يلغيها ـ هي أهم وأغلى من كل شيء من الديمقراطية والدستور والقانون والإنسان والإسلام نفسه؟

أي بلاء أسوأ من هذا البلاء برجل يتزعم حزبا سياسيا قانونيا معترفا به وكان عضوا بالبرلمان مدة ٤ سنوات كاملة ويعيش في كنف بلد يكفل حقوقه وحريته وكرامته بالرغم من كل تجاوزاته وأخطائه العديدة التي لا تمس القيادة فقط، بل تمس الوطن والمواطنين بما فيها من تضليل وأكاذيب وتزييف؟ هل يعقل أن يصدر مثل هذا التحريض المبطن عن رجل سياسي فضلا عن رجل يقال عن إنه رجل دين يلبس عمامة؟

ثم نسأل علي سلمان بصراحة وبكل صدق: أين الديمقراطية والدولة المدنية في كلامك المعسول على القنوات الفضائية؟ لقد ادعيت وكررت وصدعت رؤوسنا وصممت آذاننا بالحديث عن الدولة المدنية وبضمانك للعالم ودول الجوار والدول الكبرى بأنك مع الدولة المدنية فإذا بك تصبح مع دولة الفتوى وأي فتوى؟ ليست فتوى للمحبة والتضامن والتآخي والتجاور والحوار والإصلاح وإنما فتوى لا تبقي ولا تذر.

هكذا يهدد علي سلمان؛ يهدد شركاءه في الوطن، يهدد جيشنا الوطني صمام أمننا وأماننا وأمن وأمان وطننا، يهدد شعبنا بفتاواه المؤجلة بل يبشر بحرب لا تبقي ولا تذر، وعليه فإننا نكتشف مجددا ويكتشف أهل البحرين وأهلنا في الخليج العربي أكاذيب علي سلمان وحقيقة حزبه الذي يختزن الدموية في جوهره ويهددنا بالقتل بعد ان هدد سيده بالسحق.

إنني أرى أن هذا التصريح أسوأ من تصريح سيده المشهور: اسحقوه، لأن اسحقوه كان موجها في لحظة معينة وضد فئة معينة فقط في حين أن تهديدات علي سلمان المبطنة موجهة ضد الشركاء في الوطن: ضد أبناء هذا الوطن المسالمين الطيبين وضد جيشنا الوطني، فبأس هذا النوع من الفتاوى التي تبشر بالحروب، ولكن ماذا نقول؟ «الشرهة مو عليك» يا علي سلمان فلو كنت في بلد آخر غير بلدك الذي ضمن لك الأمن والأمان لكنت اليوم خلف القضبان تحاكم بتهمة التهديد بالقتل وبالاقتتال الطائفي ولكنت اليوم تحت أنظار وسلطة القانون ولكن... ولكن... ولكن.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة