عربية ودولية
الانتقال الديمقراطي في مصر مهدد عشية انتخابات رئاسية حاسمة
تاريخ النشر : السبت ١٦ يوليو ٢٠١٢
القاهرة - الوكالات: بدت عملية الانتقال الديمقراطي في مصر مهددة بشكل كبير امس الجمعة بعد إبطال المحكمة الدستورية نتائج انتخابات مجلس الشعب التي فاز فيها الاخوان المسلمون الذين يواجه مرشحهم للانتخابات الرئاسية محمد مرسي اليوم السبت احمد شفيق احد وجوه النظام السابق الذي ينظر إليه كرجل المجلس العسكري الحاكم.
ووصف الاسلاميون والقوى السياسية المنبثقة عن التيار «الثوري» قرار المحكمة الدستورية إبطال نتائج الانتخابات التشريعية بسبب عدم دستورية القانون الانتخابي الذي جرت بموجبه، بأنه «انقلاب» حقيقي دبره الجيش.
ويتيح حل مجلس الشعب للمجلس العسكري الأعلى استعادة السلطة التشريعية كما كانت الحال خلال الفترة التي تلت الإطاحة بحسني مبارك في فبراير 2011 وانتخاب برلمان جديد في بداية 2012. واعتبرت مجموعة من القوى اليسارية والليبرالية والعلمانية المصرية أن ما هو حاصل هو «سيناريو انقلاب عسكري أعده المجلس العسكري منذ فبراير 2011 لتصفية الثورة»، متمثلا في «مسلسل البراءات لقتلة الثوار والذي انتهى بالحكم المشين لأبناء مبارك ومساعدي حبيب العادلي بالبراءة ثم قانون الضبطية العدلية لافراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية وانتهاء بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون العزل وحل مجلس الشعب». وقالت هذه القوى في بيان ان «كل هذه الاجراءات المتتالية كشفت عن ان المجلس العسكري قائد الثورة المضادة، عازم على اعادة انتاج النظام القديم وان الانتخابات الرئاسية مجرد مسرحية هزلية لاعادة انتاج نظام مبارك» وان «الفترة الماضية استغلها المجلس العسكري للسيطرة على مفاصل الدولة وتفعيلها لصالح مرشح النظام السابق احمد شفيق».
ووصفت صحيفة التحرير (مستقلة) ما جرى بأنه «انقلاب بالقانون» في حين كتبت صحيفة الشروق (مستقلة) ان ما حدث يعني «العودة إلى 24 يناير 2011 اليوم السابق لاشتعال الثورة» على نظام مبارك، واذا ما تبع ذلك فوز احمد شفيق «فان مصر بعد اعلان النتيجة خلال يوم او يومين ستعود إلى قبضة النظام القديم بالكامل مع بعض التغييرات الديكورية».
ويقول بعض الخبراء ان العسكريين، الذين يتولون السلطة منذ فبراير 2011، كان لديهم متسع من الوقت لترتيب أوراقهم واعداد استراتيجيتهم حتى لو اضطروا الى إخفائها خلف احكام قضائية مثيرة للجدل.
ويؤكد خليل العناني المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في جامعة دورهام البريطانية ان «ما يحدث الآن جزء من خطة شاملة للمرحلة الانتقالية وضعها العسكريون الذين يحاولون، منذ ما يقرب من عام ونصف العام، امتصاص صدمة الثورة». وتابع «بدأوا بالشباب والآن يهاجمون الإخوان المسلمين».
ورغم كل ذلك فإن مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي اعلن انه يحترم قرار المحكمة الدستورية التي سمحت ايضا لمنافسه احمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك بالبقاء في سباق الرئاسة من خلال حكمها بعدم دستورية ما يعرف بقانون العزل السياسي الذي كان يستهدف رموز النظام السابق أو «الفلول» كما يعرفون في مصر، بغرض استبعادهم من الانتخابات لعشر سنوات.
واكد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب ان شعب مصر الذي انتخب بكل شفافية نوابه «قادر على انتخاب اشخاص آخرين يحمون مكتسبات الثورة من الذين يريدون مصادرتها».
وفي تصريحات مساء الخميس لقناة دريم الفضائية المصرية الخاصة، قال مرسي «نحترم احكام المحكمة الدستورية» مضيفا «احترم حكم المحكمة الدستورية العليا من منطلق احترامي لمؤسسات وسلطات الدولة ومبدأ الفصل بين السلطات واعتبرها واجبة النفاذ»، لكنه أكد انه «غير راض» عن الحكم بعدم دستورية قانون العزل. واضاف في اشارة غير مباشرة إلى احمد شفيق ان «الشعب المصري ضد محاولات اعادة انتاج النظام» ورأى ان «العزل الشعبي والرفض الشعبي اقوى من العزل القانوني».
وركز شفيق الذي حل ثانيا في الدور الاول من الانتخابات الرئاسية في مايو، حملته الانتخابية على استعادة الامن وكثف في الايام الاخيرة وعوده «بإعادة بناء دولة واقتصاد حديثين» واطلاق مشاريع كبرى لامتصاص البطالة، وضمان الحريات الشخصية وحرية الصحافة.
وينظر إلى الفريق المتقاعد شفيق من قبل معارضيه باعتباره مرشح الجيش الامر الذي ينفيه هذا الاخير.
ونشرت القوات المسلحة 150 ألفا من أفرادها في مختلف المحافظات المصرية لتأمين مقار اكثر من 13 ألف مكتب اقتراع «لمنع حدوث مخالفات واعمال الشغب التي من شأنها إعاقة العملية الانتخابية ومنع المواطنين من الادلاء باصواتهم» محذرة من انها ستتصدى «بحزم وحسم لكل من يمنع المواطنين من اختيار رئيس مصر القادم»، بحسب مصدر رسمي. كما تسهم القوات المسلحة في نقل القضاة المشرفين على الانتخابات بطائرات عسكرية إلى المحافظات البعيدة.
وانتهت الحملة الانتخابية منتصف نهار الجمعة وبدات على إثرها فترة الصمت الانتخابي. ومن المقرر إعلان النتائج الرسمية للانتخابات في 21 يونيو.
ولتشجيع الخمسين مليون ناخب المسجلين في القوائم الانتخابية على الاقبال على التصويت، قررت السلطات يومي السبت والاحد عطلة رسمية مدفوعة الاجر. واعلنت وزارة الداخلية خطة امنية تحسبا من أي اضطرابات محتملة.
وفي رد فعل على قرار المحكمة الدستورية المصرية دعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون مصر إلى عدم النكوص عن الديمقراطية. وقالت «لا يمكن العودة إلى الوراء فيما يخص الانتقال الديمقراطي الذي يطالب به الشعب المصري». واعلنت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند للصحفيين «نحن قلقون حيال قرار المحكمة امس (الخميس) الذي سيؤدي إلى حل هيئة منتخبة ديمقراطيا».
وفي الاثناء وصل إلى مطار القاهرة الدولي بعد ظهر امس الجمعة تود بلاتس عضو الكونغرس الامريكي والوفد المرافق الذي يضم 12 شخصا في زيارة لمصر تستمر يومين. ولم تورد الوكالة شيئا عن الغرض من الزيارة مكتفية بالاشارة إلى ان الوفد وصل على متن طائرة أمريكية خاصة قادما من جيبوتي ومن المقرر أن يغادر القاهرة اليوم السبت.