الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عربية ودولية


الأمير نايف أسّس أقوى جهاز لمكافحة الإرهاب في المنطقة

تاريخ النشر : الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٢



دبي - العربية نت: أجمع محللون سياسيون وأعضاء في مجلس الشورى السعودي على نجاح التجربة السعودية، التي قادها الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي الراحل، في مجال مكافحة الإرهاب، وأكدوا أن التجربة السعودية تعد نموذجاً يحتذى دولياً في حرب العالم ضد القاعدة. كما تحدثوا خلال ظهورهم على قناة «العربية» عن جوانب متعددة من شخصية الراحل، ومسيرته السياسية والاجتماعية، ومواقفه التاريخية، ودوره الكبير الذي لعبه في المساهمة في تأسيس منظمومة أمنية قوية في الوطن العربي ككل.
رجل غير عادي
وفي تصريح لرئيس تحرير صحيفة «الرياض» تركي السديري لقناة «العربية»، قال إن وفاة ولي العهد السعودي خسارة كبيرة على كل المستويات، وإن خبر الوفاة أحزن الجميع.
كما عبر عن مفاجأته الكبيرة ولا سيما أن الجميع كان متفائلاً بتحسن صحته، وخصوصا أن شيئاً لم يظهر عليه.
وأكد أن الأمير كان من خيرة من أسس أقوى وأصلب جهاز أمني ليس فقط في المملكة بل عالمياً بما يتجاوز حدود الشرق الأوسط. وأضاف أن الجهاز الذي بناه استطاع أن يكبح حركات الإرهاب والإجرام العربية والدولية، لذا فإن وفاته تعتبر خسارة كبيرة للمواطن السعودي بالدرجة الأولى، لأنه أول من استفاد من كفاءة هذا الرجل.
واستطرد قائلاً: إن الرجل بسط الأمن والأمان وكافح الإرهاب، وتنظيم القاعدة الذي استهدف المملكة بشكل إجرامي، فقبل 7 سنوات كان التنظيم يحاول أن يفجر مباني حكومية آهلة، وكانت هناك محاولة لتفجير وزارة الداخلية، فأحبطها الأمير بجهوده، كما أحبط محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف.
وشدد على أن ولي العهد الراحل تمكن من كبح كل نشاطات القاعدة، ما اضطر التنظيم إلى الخروج من المملكة والتوجه نحو بلدان مجاورة ولا سيما اليمن.
وأضاف أن الأمير تمتع بشبكة علاقات دولية واسعة على صعيد التعاون الأمني. كما لفت إلى أنه على الرغم من أنه رجل أمن فإنه كان منفتحاً، فأوجد ما يسمى نظام «المناصحة» لمن يسلم نفسه، لمحاولة جذب الشباب الضال الذين استقطبهم تنظيم القاعدة، مشيراً إلى أنه نجح إلى حد كبير في ذلك.
منابع الإرهاب
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» خالد المالك إن خبر وفاة الأمير نايف جاء مفاجئاً ولا سيما أن ولي العهد كان سافر سابقاً إلى الولايات المتحدة لإجراء الفحوص وعاد بصحة جيدة كما عرف، ثم سافر مجدداً إلى جنيف لإجراء فحوص روتينية ولم يكن هناك أي مؤشر على خطورة وضعه الصحي.
وفي هذا السياق أكد أن العبء الكبير الذي قام به للسيطرة على كل منابع الإرهاب في السنوات الأخيرة كان على حساب صحته.
وأضاف أن الأمير كان يناضل من أجل استقرار المملكة، لا بل كان محارباً كبيراً ضد الإرهاب، ولم يرضَ التخلي عن المبادئ التي التزم بها وهي أن تكون المملكة على أعلى مستوى من الأمان والاستقرار.
كما أشار إلى أنه كوزير للداخلية لم يتبع الأسلوب البوليسي، بل سعى للمحافظة على حقوق الناس أمنياً ووظيفياً، وكان يستقبل الناس بكل أريحية ويستمع إلى كل المعلومات والأفكار.
وختم قائلاً إن مراسم الدفن ستتبع البساطة التي تمليها التعاليم الإسلامية.
تاريخ إداري حافل
من جهته، قال فهد العرابي الحارثي، رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام: إن خبر وفاة ولي العهد وقع علينا كالصاعقة، وسيترك أثرا في وجدان كل سعودي لما كان يتميز به الفقيد من حكمة.
وأضاف أن ولي العهد هو رجل دولة من الطراز الأول، حيث كانت بصماته واضحة على كل الأصعدة في الدولة طيلة ستين عاما، وأكد أنه شخصية معروفة على المستوى العربي، حيث ترأس مجلس رئاسة وزراء الداخلية العرب، كما أفضت سياسته في مكافحة الإرهاب إلى تجفيف منابعه في الدولة، بالإضافة إلى توليه مسؤولية عدد من المؤسسات داخل الدولة، منها أمانة اللجنة العليا للحج، مشيرا إلى أن ولي العهد له تاريخ إداري حافل.
وتابع: «إن الأمير نايف كانت له إسهامات واضحة، منها أنه أسس العديد من الجوائز وكراسي علمية في جامعات أمريكية وأوروبية، كما أنه الوحيد على مستوى العالم الذي أسس جائزة السنة النبوية، التي تمنح للعلماء، وأضاف أن شخصية الأمير نايف تستحق الوقفة لما قدمه لبلاده».
وبدوره قال الدكتور محمد الجفري، نائب رئيس مجلس الشورى: لا شك أن هذا اليوم هو يوم حزين، لكون الموت غيب ولي العهد، وأوضح أن الحزن الشديد يخيم على كل جنبات مجلس الشورى، وباسم المجلس أقدم تعازينا إلى الشعب السعودي في وفاة ولي العهد، وأشار إلى أن الأمير نايف ترك أثرا جلياً في كل مناحي الحياة.
وفيما يتعلق بدوره في مكافحة الإرهاب، لفت الجفري إلى أنه تعامل مع هذا الملف الذي أرق مضاجع دول كثيرة، بكل حزم وشدة، وفي ذات الوقت كان هناك بعد إنساني في مجابهة الإرهاب تمثل في تقديم يد العون إلى عائلات الإرهابيين، الأمر الذي أسهم في عودة معظم الإرهابيين إلى طريق الصواب والرشد، مما أسهم في تحويلهم إلى مواطنيين عاديين يزاولون حياتهم بشكل طبيعي، بدون أية عوائق.
كما أشاد باستراتيجية الأمير نايف في القضاء على جذور الإرهاب من خلال الوقوف على البعد الإنساني والاجتماعي والبيئة الحياتية للشخص المدان بالإرهاب، لدراستها، منعاً لتكرارها مع أشخاص آخرين.
برنامج المناصحة
من جانبه أعرب حمد القاضي، عضو مجلس الشورى السعودي، عن حزنه العميق لوفاة ولي العهد السعودي، الأمير نايف بن عبدالعزيز، حيث وصفه بصاحب العقل المستنير، وأنه كان قامة سياسية كبيرة. وقال إن ولي العهد كان له دور مركزي في اقتلاع جذور الإرهاب من أرض المملكة، وإن معالجته الحثيثة للإرهاب ركزت على مجابهة الانحراف الفكري، لأنه النواة الحقيقة التي تساعد على بزوغ الأعمال الإرهابية ولذلك ركز على هذا الجانب، وأشاد بمقولة الأمير نايف التي كان يرددها دائما «وراء كل إرهاب انحراف فكري».
كما أشاد بالضربات الاستباقية والعلاج المادي التي كانت تنفذها المؤسسات الأمنية، وبالتالي اختفى الإرهاب بفضل المراقبة والمتابعة.
وأضاف في تصريح لقناة «العربية»: نجد إنجازات الأمير نايف جلية في كل المؤسسات الأمنية في البلاد. وإن ولي العهد تميزت معالجته للأمور ببعد نظر، حيث كان دائما يلجأ إلى الشرع.
وأوضح القاضي، أن مشروع «المناصحة» حقق نجاحاً باهراً في تغيير مجرى فكر الأشخاص الإرهابين بفضل مجهود علماء الدين، على حد وصفه.
وقال رئيس تحرير صحيفة «الحياة» السعودية جميل الذيابي لـ«العربية»: الأمير نايف بن عبدالعزيز رجل دولة وذو شخصية مهابة، ومن جيل المؤسسين لأبناء الملك الموحد الملك عبدالعزيز آل سعود، وهو مهندس اتفاقيات الحدود بين المملكة العربية السعودية والجيران.
وأضاف أن الأمير الراحل كان قريباً من الإعلام والإعلاميين وصاحب بصمة في الكثير من الأمور، كمسؤول بالأمن من خلال تعاطيه مع الإعلام والإعلاميين وطريقة الإجابة عن أسئلتهم، حيث كان متحدثاً لبقاً، قليل الانفعال وقادراً على فهم واستيعاب مجتمعه وثقافته، كما له دور في تأسيس هيئة الصحفيين وخروجها إلى النور.
وذكر الذيابي موقفاً له مع الأمير نايف أثناء العمليات الإرهابية للمجمعات السكنية بالمملكة، حيث هاتفه لساعتين عبر الهاتف، وكان قادراً على الصمود في تلك اللحظة رغم القتلى والجرحى والوفيات وعدد السيارات المفخخة.
وأكد خلال حديثه، أن للأمير بصمات واضحة، وأنه كان يعمل على بناء منظومة أمنية ثابتة وواثقة، بدليل أن كثيراً من الدول التي تعرضت للإرهاب تزعزع أمنها على عكس المملكة العربية السعودية، التي بقيت ثابتة وقوية، فالأمن لدى نايف كان أولا، لكونه يرفض الإخلال بالأمن والاستقرار، وهذا ما جعله ينجح في التعايش مع التحديات. وحول مواقفه السياسية قال الذيابي: إن الأمير نايف عيّن وزيراً للداخلية في فترة حرجة من تاريخ السعودية، وها هو يرحل اليوم في فترة حرجة من تاريخ العالم العربي والإسلامي، وقد كانت له كلمات واضحة حول الأمن السياسي الخاص بالحدود والمخدرات والإرهاب، حيث دافع عن الإسلام والعرب والعروبة خلال حديثه مع وسائل الإعلام الغربية التي كانت تصف الإسلام بالإرهاب.
وأضاف: كان الأمير نايف بصفته رجل أمن يدرك خطورة تدخل إيران في شؤون المملكة أو الخليج، ويدرك أيضا معاناة الخليج من إيران، وكان له موقف صلب ومتماسك حول لحمة الخليج العربي.
النشاط الخيري
وقال الكاتب الصحفي جاسر الجاسر: إن رحيل ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز يعدّ خسارة كبيرة للمملكة، وجاء في ظرف تحتاج فيه البلاد الى معالجة الكثير من الملفات.
وأثنى على دور الأمير نايف في قدرته على معالجة القضايا الأمنية والسياسية في وقت واحد، ومنها التهديدات الإيرانية للسعودية على مستوياتها المتعددة، وكذلك قضية الحوثيين في اليمن والقاعدة، معتبراً أنه استطاع بفضل خبرته الأمنية تغيير خريطة المنطقة بالقضاء على آفة الإرهاب بالبلاد بدءاً من عام 1995.
وقال إن الأمير نايف كان نشطاً على الصعيد الإنساني والخيري، ولا سيما قضايا الإغاثة العالمية، والداخلية من خلال حرصه على تقديم الدعم والمساعدة للمناطق التي تحلّ بها كوارث طبيعية وبيئية.