اطلالة
الإصلاح الديني
تاريخ النشر : الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٢
هالة كمال الدين
يقول الشاعر صالح جودت:
أي عجاب أيها الضمير *** أنحن أسراك أم أنت الأسير
نراك فينا سيدا آمرا *** فكيف أغلقنا عليك الصدور
يا بلدا ضيعه أنه *** كفاته ليس لهم نصير
العلم والأخلاق فيعرفه *** جناية جلي وإثم كبير
أحفر في أرضك قبري *** ولا أحفر فيه قبر هذا الضمير
وكأن الشاعر يخاطب هنا هذه الفئة من (الدعاة) المحاضرين، الذين قبروا ضمائرهم, حين راحوا يشعلون الفتنة الطائفية في مجتمعاتهم، ويبثون سمومهم في نفوس وعقول العباد, متلبسين بعباءة الدين!
وهذا ما أكده رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان حين أكد مؤخرا أن رجال الدين ساهموا في إحداث مثل هذه البلبلة والتوترات التي تشهدها الساحة, مطالبا بأن يخضع أمثال هؤلاء للقانون, لأنهم ليسوا فوقه.
بلغة الإحصائيات أشارت إحدى المجلات إلى أنه في مصر اليوم ما يقرب من مائتي ألف مسجد، تنطلق من على منابرها في اليوم الواحد من كل أسبوع مئات الآلاف من ساعات الوعظ، وملايين الابتهالات، والالتماسات إلى الله سبحانه وتعالى، وكان من المتوقع في ظل ذلك الوضع أن تتحول مصر إلى مدينة فاضلة, إلا أن الواقع يقول ان معدل الخطايا والفساد والإرهاب والذنوب والتراجع إلى الوراء (في كل شيء) في تزايد مستمر، الأمر الذي يفضح خبايا ونوايا هذا الخطاب الديني الزائف المغرض المضلل الذي شوه سلوك الناس, وأساء إلى عقيدتهم, وخرب ثقافتهم الإسلامية!!
إن مثل هؤلاء الدعاة أوجدوا للأسف الشديد فجوة بين الإسلام والمسلمين, بين الحكام والمحكومين, بين الحق والباطل, وما يحدث على الساحات العربية اليوم هو نتاج طبيعي لهذا الاخفاق والفشل الذريع للخطاب الديني الذي تحول على أيدي (بعض) من رجال الدين إلى مظهر من مظاهر التقهقر والتخلف والدمار!
فكما أن المجتمعات العربية والإسلامية بحاجة الى إصلاح سياسي, كذلك الحال بالنسبة الى الخطاب الديني بها، فهو أيضا بحاجة ماسة إلى إصلاح جذري، ففي صلاحه, صلاح لكل أوجه الحياة!