الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


التنازل عن المصداقية!

تاريخ النشر : الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٢

جمال زويد



أدرك تماماً أني لا أملك فطنة أهل القضاء ولا حنكة رجال القانون والحقوق ولا حكمة المحامين، لكنني، كغيري من الناس، لابد أن نفهم الآن - بعد صدور الأحكام القضائية على الكادر الطبي - بصورة واضحة ودقيقة وواقعية (وهو الأهم) ما الذي حدث في مجمع السلمانية الطبي خلال شهري فبراير ومارس من العام الماضي؟ فإذا كان الذي شاهدناه ولمسناه آنذاك، مما لا داعي لتكرار ذكره، لم يكن احتلالاً واستحواذاً ولا حملاً للسلاح فإنه يحق لنا أن نتساءل عن تسميته وعن حقيقته بعد هذه الأحكام.
ليس لنا أن نشكك في نزاهة القضاء رغم حالة الاستياء والتحفظ التي لا يمكن إنكارها وإغفالها على ما يجري مؤخراً ويظهر من أحكام أو تنازل عن اتهامات ودعاوى أو ما شابه ذلك. لكن طوال الأيام القليلة الماضية، ضجّت أدوات التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيسبوك والتويتر بتغريدات حول ذات موضوع الأحكام القضائية بشأن الكادر الطبي، ليست استنكاراً واعتراضاً على هذه الأحكام فحسب وإنما كان اللافت فيها تناقلها لروابط (لينكات) تحتوي على تسجيلات تليفزيونية لبرامج ومقاطع عرضها تلفزيون البحرين العام الماضي تتضمن بيانات وصور لما أسموه آنذاك باحتلال أو اختطاف مجمع السلمانية. صور تبين حالة مواقف السيارات والخيام المنصوبة فيه والمعارض المقامة عليه، حالة الاعتصامات، حالة الصيحات، حالة الجرحى المفتعلين، حالة العمال الآسيويين وكيف تم إنزالهم من سيارة الإسعاف في الطوارئ وهم يُضربون ويُركلون، حالة سيارات الإسعاف التي تحمل الأسلحة البيضاء، حالة... إلخ.
خطورة هذه الـ (لينكات) ليست في التذكير بما حصل أو التأكيد عليه، لا، إنما خطورتها تكمن في إضعاف مصداقية الدولة، مصداقية تلفزيونها الرسمي الذي تبنى عرض هذه اللقطات والتسجيلات وبثّها على فضائيته للرأي العام المحلي والعالمي في لحظات عصيبة وحرجة في تاريخ البحرين ومستقبل أبنائهم باعتبارها وقائع وحقائق و(أدلّة) إثبات، هكذا اعتقدناها واعتقدها الناس قبل أن يفاجئهم قضاتنا ومحاكمنا أن تلك المشاهد والصور لم يُعتدّ بها أو لم تكن كافية للإدانة. أو ربما يخرج علينا من يبرر تلك الأحكام فيقول إن ما شاهدتموه كان (مفبركاً).. كل شيء جائز وتوقعوه في قادم الأيام.
سانحة:
بعد أن تهاونت الدولة في المحافظة على هيبتها، هيبة مؤسساتها ورموزها، هل نشهد في الأيام القادمة تنازلاً من الدولة عن مصداقيتها؟!