مصارحات
ما بين «بوسنر» وأحكام الأطبّاء..
تاريخ النشر : الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
يوماً إثر يوم، ونحن نحاول إقناع أنفسنا بأنّ الأحكام القضائية التي تصدر ضدّ الجرائم الإنسانية والطائفية التي ارتُكبت قبل عام تقريبا، ليست لها علاقة بتسويات سياسية، وليست لها علاقة بالضّغوط الأمريكية، ولكن دائما: «المايّه تكذّب الغطّاس»!!
صدرت الأحكام الهزليّة بحق من أساء إلى تلك المهنة الإنسانية، والسيّد مايكل بوسنر مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان موجود في البحرين!! حيث مثّل وجوده ضغطاً مباشراً على الدولة لإلغاء تلك الأحكام، ولكنّه فوجئ بأنّها صدرت مخفّفة، لذلك لم تتوان إدارته ولم يتوانَ هو نفسه، عن إصدار بيانات تنتقد تلك الأحكام، بل تطالب بإلغائها، بكل وقاحة وجرأة!!
الكثيرون - وأنا منهم- لم نكن نتوقّع من محاكمنا أن تصدر أحكامها بعيداً عن تلك الضّغوط، ولم نكن ننتظر من الإدارة الأمريكية أن «تضع لسانها في لهاتها» وتحترم نفسها، وأن تحترم سيادة البحرين مثلا!
لكن ما حدث جعلنا نستحضر تاريخ الحكاية، ونقارن بين صورتين متناقضتين، صورة شاهدناها وعايشناها، وصورة أخرى، تريد محو ما حدث من الذّاكرة، وتبرئة المجرم من جريمته التي أثبتتها «فيديوهات» واعترافات، نُسفت كما نَسَف شفيق جميع إثباتات الفساد على مبارك وفلوله!
احتلال مستشفى السلمانية، وعلاج النّاس بحسب مذاهبهم وأسمائهم، حتى قضت فاطمة العباسي، كما قضى غيرها بسبب انتمائهم إلى مذهب مختلف!
اختطاف وإهانة المرضى والجرحى من رجال الأمن ومن الآسيويين، وركلهم واقتيادهم كأسرى حرب داخل المستشفى، حتى شاهدنا كيف هُدّدت حياة الشاب مهنّد وغيره المئات، بسبب تحويل مستشفى السلمانية إلى أرض معركة، أدارت عملية إسقاط الدولة وتركيعها!
سرقة الدم وإقامة التمثيليات الإعلامية عبر قنوات (الصّرف الصحي) العالم والمنار وغيرهما، حتى قام بعض الفاشلين في الطب، بتمثيل دور الأطباء، والتصريح لوسائل الإعلام بوجود مجازر تنفّذها قوات درع الجزيرة. كل ذلك غيّبته المحكمة، لتُصدر أحكاماً هزلية بات الأطباء المجرمون يردّدون بعدها «بركاتك يا بوسنر»!!
يحقّ للناس أن تتنادى لمقاطعة تلك الأسماء التي داست على إنسانيتها قبل أن تنتهك إنسانية وظيفتها، ونحن بانتظار قرار وزارة الصحّة بمنع أولئك المنحرفين مهنياً من مزاولة تلك المهنة العظيمة، التي حوّلها أولئك إلى أداة ووسيلة للانتقام الطائفي البشع!
كم كنّا نتمنّى بياناً رسمياً من الدولة، يطالب الإدارة الأمريكية بعدم التدخّل في شئون البحرين، ولكن كيف لمن لا يمتلك القدرة على محاسبة من أجرم بحقّ المواطنين، أن يقوم بذلك؟!
برودكاست: تعازينا الحارّة للشعب السعودي الشقيق في وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز، ونسأل الله له المغفرة والرحمة، ولهم جَبر المصاب.
لا يمكن للمرء أن يعلّق على حالة الشماتة وقلّة الأدب عند فئات في القطيف وفي البحرين، باتت لا تتورّع حتى عن استغلال الموت لتصفية الحسابات الطائفية، ولكنّي أقول لهم ما قاله أحد المغردّين السعوديين يوم أمس: «إذا حضر الموت بين المُختلفين، تجلّى نُبل الفارس، وفاحت خسّة الصعلوك».
آخر السّطر: أنّى لمن يفاخرون بأنّهم عبيد وخدم لنظام الملالي، أن يفهموا أخلاق الفرسان وقيَم الاختلاف.