الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


أمريكا وبريطانيا: وساطة أم ضغوط ووصاية؟ (2-2)

تاريخ النشر : الاثنين ١٨ يونيو ٢٠١٢

فوزية رشيد



{ سواء (مايكل بوسنر) مساعد وزيرة الخارجية الامريكية، أو (الستر بيرت) وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط، أو غيرهما من المسئولين الامريكيين والبريطانيين، الذين يعلنون الزيارات المكوكية للبحرين لارتكاب (فعل الضغط وفعل الوصاية) تحت مسمى الوساطة وتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل للبحرين، فإن الغالبية الشعبية والكلية الوطنية البحرينية، ترفضان الضغوط والوصايات من أي جهة كانت، وخاصة إذا كانت نتائج تلك الوساطة هي مثيرة لحنقها وغضبها كقوى وطنية شريفة، فلا أحد من المواطنين الشرفاء يريد:
1- تحييد القانون أو إلغاء فعاليته وفعالية القضاء البحريني بتأثير أطراف خارجية وضغوطها، ثم فتح المجال للفئات الانقلابية المتطرفة للتباكي على القضاء رغم تخليص متورطيها من العقوبات الواجبة، فهذا فوق الاحتمال.
2- تقويض الدولة وأسسها المؤسساتية والدستورية واضعافها مقابل تقوية الجماعات المتطرفة وذات الأجندة غير الوطنية، ثم التباهي بأن الوساطة تعمل لمستقبل أفضل للبحرين.
3- أن تكون ذات الجهات التي تدعم الفئات الانقلابية والمتطرفة والتي ترعى العنف في البحرين، هي الوسيط الذي يعمل على تلميع صورتها مجددا، من دون ايجاد (حلول جذرية) لعلاج تطرفهم وعلاج الإرهاب وعلاج اللاوطنية وعلاج الارتهان للخارج، فهل وضع الوسيطان البريطاني والامريكي، أي تصورات للقضاء على تلك الاشكاليات وعلى الإرهاب وعلى اشكالية دعمهما لهؤلاء الذين يقودون الإرهاب قبل الحديث عن مستقبل أفضل للبحرين؟
4- لماذا لا تتخلى كل من واشنطن ولندن عن مثل ذلك الدعم لعناصر التطرف والارهاب، وتتركان البحرين لتحل شئونها الداخلية بنفسها، فذلك الضمان الوحيد لمستقبل أفضل للبحرين؟
5- هل ستتخلى مثلا واشنطن عن مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على «الفوضى الخلاقة»؟ أم هي تمارس النفاق السياسي في إطار مشروعها الهدام هذا، ثم تدعي الصداقة والشراكة والتحالف؟ وان كان لها مصالحها فلماذا لا تحترم الدول الحليفة والشريكة التي هي أيضا لها مصالح وأهمها الحفاظ على الأمن القومي؟ لماذا هي تدفع في اتجاه فرض فئات وجماعات متطرفة على الشعب البحريني، وتسوق لهم مسمى المعارضة الوطنية الإصلاحية، وهي توقن تماما انهم ليسوا كذلك؟ لماذا تسهم بذلك في تقويض الأمن القومي البحريني؟
6- هل الوساطة البريطانية ـ الامريكية تعمل اليوم على تعقيد المشهد البحريني بوساطتهما وهي تدعي الاتيان بالحل الشامل، فيما الدفع الحقيقي لها يتجه نحو ان تسير الدولة البحرينية لمواجهة تعقيدات اكبر في المستقبل وهي في حالة أضعف نتيجة الضغوط، وخاصة في ظل استمرار المشروع الامريكي، ومعه المشروع المهدوي الصفوي الايراني، وفي ظل استمرار من تدعمهم الدولتان، من الفئات المتطرفة الراديكالية الانقلابية في حمل كل تشوهات حراكها وأجندتها وعمالتها لطهران واسقاط ذلك على البحرين كوطن وكشعب؟
7 - إن الوسيطين الامريكي والبريطاني يعرفان جيدا انهما حين يدفعان إلى تجميد القانون البحريني ودفع القضاء البحريني إلى حالة الحياد أو العجز تحت حجج تطبيق «توصيات بسيوني» التي لم يمارس الوسيطان الضغط على «الوفاق» واتباعها بما يخص سلوكاتهما المدانة في ذلك التقرير، فانهما كوسيطين يعملان على اشاعة التذمر بل صناعته لدى المكونات الأخرى المستاءة أصلا من القيادات المتطرفة والراعية للإرهاب تحت مسمى المعارضة، لتتذمر من أداء الدولة تجاه هؤلاء حين لا يتم تطبيق القانون كما يجب وهو الحادث؟ فأي وساطة هذه تدعي انها تعمل لمستقبل افضل للبحرين فيما هي في الإطار العملي تخلق الظروف لاشاعة السخط بين أهل الفاتح؟
{ إن مستقبل البحرين بيد أبنائها المخلصين والوطنيين والملتفين حول دولتهم التي يريدونها دولة قوية من دون وساطات تعمل على اضعافها أي من دون ضغوط ووصاية.
مستقبل البحرين الأفضل ان تتم محاصرة الإرهاب ومن يدعم الإرهاب ويدافع عنه وعلى رأس المدافعين «الوفاق» التي يجب على قيادتها ان تتنحى عن العمل السياسي، وان تترك المجال لوجوه أخرى من (الشيعة) تتسم بالوطنية والعمل من أجل الوطن في إطار معارضة صحيحة وسليمة.
مستقبل البحرين الأفضل هو من خلال قانون يتم تطبيقه وتفعيله من دون ضغوط دولية تحت مسمى الوساطات.
مستقبل البحرين الأفضل ان تتم محاسبة ومعاقبة كل من يخل بالأمنين الوطني والقومي وليس بمكافأتهم وافساح المجال لهم وفتح الأبواب أمامهم، ليعقدوا ويؤزموا المشهد البحريني اكثر مما هو مأزوم اليوم بسبب كل ما قاموا به منذ فبراير العام الماضي.
نصيحة لابد منها للوسطاء: ارفعوا أيديكم عن البحرين فهذا الشعب قادر بنفسه على تجاوز محنته ولا يحتاج إلى وساطات هي في حقيقتها ضغوط ووصاية وزيادة تعقيد.