الجريدة اليومية الأولى في البحرين


بريد القراء


افتحي قلبك يا سيدتي (3)

تاريخ النشر : الاثنين ١٨ يونيو ٢٠١٢



بطبيعة الحال، فإن المجتمع العربي اذن يا سيدتي يهتف بك بأن تكمليه في كيانه وتوازيه في كفاحه وتسددي خطاه وسعيه وتشدي من عزيمته كلما اوهنت من قواه العوائق المنظورة وغير المنظورة, ثم اهمس في اذنك يا سيدتي بهذه المهمات الاليمة.
فماذا اعرف عن تكوين الاسرة؟ اسمحوا لي فالاسرة التي تعتبر بمثابة وحدة كل مجتمع ليس لها مدلول كامل في تصورنا ولا وجود صحيح في مجتمعنا العربي وكدت اقول ليس لنا فيها الا شكلها واسمها ليست حياة الاسرة في شرقنا العربي حياة ديمقراطية فيها يتجلى نظام الطبقات، ففيها الدكتاتور والمحظوظ، المدلل والمهمل، المزدرى او العامل المغموط حقه والقاعد المشكور، ثم فيها القوة والضعف والفقر والغنى والإسراف والشح وغير ذلك من المتناقضات العجيبة التي تعيش تحت سقف واحد كأنها متحدة منسجمة متفاهمة متعاونة, والله وحده يشهد انها ليست من الوحدة والانسجام والتفاهم والتعاون في شيء، وعلى سبيل المثال نرى الام في واد والاب في واد آخر والابناء كل منهم في واد, ما تحبه الام يكرهه الوالد وكل ما هو مستخف في نظر أحد الابناء مستخف في نظر الآخر وما يأكله هذا يتقزز منه ذاك حتى إنه يكاد يخيل إلي ان كل فرد من افراد اسرنا عالم في نفسه، وهذا التفكك الذي يوهن من كيانها قد ادى بمجتمعنا إلى الضعف والتخلف، وليس له في نظري غير سببين، يرجع احدهما إلى العامل الاقتصادي والآخر إلى حظ المرأة من التعليم، وعلى ذلك فقوة الاسرة العربية وتماسكها يتوقفان على ان تجلسي في مكانك الطبيعي في ميادين العمل المختلفة ثم أن تتعلمي التعليم الذي تتطلبه طبيعة المرأة ووظيفتها في المجتمع، فعن طريق الدخول في ميادين العمل المختلفة يتضاعف الانتاج القومي وتنتعش اقتصاديات وطنك، وعن طريق التعليم الصحيح يمكنك ان تؤدي دورك كزوجة وكربة بيت وكمواطنه صالحة ويومئذ يحين لنا القول إن الاسرة التي هي وحدة المجتمع وقد وجدت وجودا يؤهلنا للتطلع إلى مستقبل عتيد لشرقنا العربي.
قد يبادرك أن تسألي كيف تدعوني إلى العمل مع الرجل جنبا إلى جنب, بطبيعة الحال فإن موارد الثروة في بلادنا محدودة... طيب أجيب بأن القول إن موارد الثروة في بلادنا محدودة، هو تصور خاطئ او مغرض لا يوجد فقط الا في اذهان المعوقين او غير العارفين بكل صراحة ان موارد الثروة في بلادنا ليست محدودة ولكنها مجهولة، هذه الموارد المجهولة لا المحدودة يعرفها الاجانب فيقدمون اليها من اقطار الدنيا منقبين مستغلين، يخرجونها من بطون الارض ونحن ننظر اليهم في دهشة وحيرة وعن طريق هذا الاستغلال يتحكمون في اقتصادياتنا ومن هذه الثغرة ينفذون إلى التسلط على سياستنا وحتى مستقبلنا ومصائرنا.. لا تؤمني اذن بهذه الاسطورة التي خلفها الاجنبي المستغل ثم دخل علينا بها على ألسنة غير العارفين وألسنة ذوي المصالح منا، وآمني اذن معي بأن شرقنا العربي غني غني بمعادنه وموارد ثرواته والعلم والعمل الصحيح الرجل والمرأة على السواء وبمؤازرة المرأة للرجل بجهودها في كل ميدان وبالإيمان الراسخ القوي بأن صلاح احوالنا ورقيها لن يكون الا عن طريق ايادينا العاملة الدائبة وعقولنا المفكرة المبتكرة والراسخ القوي بأن صلاح احوالنا ورقيها لن يكون الا عن طريق ايدينا العاملة وعزائمنا التي تتحدى اليأس والفشل بكل هذه الاسلحة مجتمعة نستطيع ان نصحح في اذهان العالم تلك التهمة الظالمة التي يرموننا دائما بها من اننا شعب قدر له الكسل وآثر السلامة على الكفاح واستسلم لحياة الدلع والترف ورضي من الغنيمة بالإياب اذا استطعنا ان نحقق ذلك ولا اظن تحقيقه امرا مستحيلا مع اننا فزنا باستقلالنا الاقتصادي واستقلالنا السياسي واستقلالنا النفسي، وكانت لنا في النهاية اليد الاولى في تشكيل مستقبلنا على الوضع الذي يتفق وتقاليدنا العربية، واذا قلت ان نصيبك في تطورنا الاجتماعي الذي هو آت لا محالة نصيب جليل وخطير وانه لا لزوم في تحقيق هذا التطور كان لي ان تدني مني لأهمس في اذنك تلك الكلمات.. نعم تعلمي تعلمي تعليما صحيحا لا تقعدي منتظرة ان يدخل عليك الطاهي بالطعام متى شاء له مزاجه، فقد يقتلك الجوع قبل أن يدخل ذلك الطاهي المنتظر.. هبي انت يا سيدتي من مكانك وهيئي الطعام بنفسك لنفسك واستحثي الطاهي بشتى الوسائل حتى يدخل عليك بالطعام في الوقت الذي تشائين لا في الوقت الذي يشاؤه له مزاجه وليكن لك دخل ورأي فيما يصنع لك من طعام فأنت أدرى بما تهواه نفسك ويصح به جسمك, كوني زوجة تشرف نفسها وزوجها.
أحمد عبدالوهاب