الجريدة اليومية الأولى في البحرين


سينما


«الدكتاتور» .. نكتة مبتذلة وعنصرية

تاريخ النشر : الاثنين ١٨ يونيو ٢٠١٢



كان تأثير فيلم «الدكتاتور» في مسيرة ساشا بارون المهنية مشابهاً لتأثير «محبة المعلم» في مسيرة مايك مايرز. فقد أظهر أن هذا الممثل الفكاهي البارع الذي يهوى على نحو غريب الفكاهة العبثية قد يرتكب هو أيضاً الهفوات.
صحيح أن فيلم «الدكتاتور» ليس على درجة كبيرة من السوء حتى يقضي تماماً على مسيرة ساشا بارون المهنية، كما أرغم فيلم «محبة المعلم» مايك مايرز على الاختباء. لكن التعاون الأخير بين بارون والمخرج لاري تشارلز يبيّن أن التركيبة التي توصلا إليها مع «بورات» وتراجعت قليلاً مع فيلم «برونو» نضبت مع هذا الفيلم الأخير. إذاً، آن أوان التجديد.
أعطى بارون وتشارلز فيلميهما السابقين شكل الأفلام الوثائقية. إلا أن «الدكتاتور» يرتكز بالكامل على ممثلين. صحيح أن بارون وثلاثة كتاب آخرين تعاونوا لوضع سيناريو هذا الفيلم، إلا أنه ظلّ على رغم ذلك ضغيفاً وغير متقن. فقد بدا أشبه بمجموعة من الدعابات الغريبة التي رُبطت معاً بواسطة حبكة واهية لا أحد يعبأ بها، حتى صناع هذا الفيلم.
لكن المخيب للأمل حقاً أن «الدكتاتور» هو في جوهره كوميديا رومنسية تنتهي بأحد تلك المشاهد المستهلكة حيت تجتمع الشخصيات كافة معاً لتهلل وتفرح فيما تصدح موسيقى الفيلم عالياً. لكن المفاجأة أن بارون يندمج تماماً في هذا الدور.
يؤدي هذا الممثل دور الأميرال عمر علاء الدين، حاكم مستبد مجنون من دولة واديا في شمال أفريقيا، التي تنعم بوفرة من النفط وتحاول إطلاق برنامج تسلح نووي. يوافق علاء الدين على زيارة «مقر الشيطان»، الولايات المتحدة، مع أخيه لمخاطبة الأمم المتحدة. لكنه يُسلب سلطته وهويته بعيد وصوله إلى نيويورك. وفيما يخطط لاستعادة عرشه، يعمل في متجر يبيع منتجات صديقة للبيئة تديرها ناشطة مرحة (آنا فارس)، التي سرعان ما تقع في حب ذلك الغريب الجريء الذي لا يتردد في التعبير عن رأيه.
لكن بارون يتمتع بموهبة كبيرة ويتقن فن الانتقاد الساخر، لذلك يحافظ على شيء من إبداعه هذا حتى مع شخصية واهية ومبتذلة مثل علاء الدين المتكبر، الذي يعبّر عن الأحكام المسبقة كافة التي يملكها الغربيون عن العرب والشرق أوسطيين كما لو أنها أوسمة على صدره. على غرار أفلام ساشا بارون السابقة، يستغل «الدكتاتور» العنصرية والخوف من الأجانب لإضحاك المشاهدين، عارضاً الكثير من الأحكام المسبقة المتأصلة في الأذهان. لكن هذه المقاربة تقصّر عن بلوغ ما حققه في أعماله الماضية لأنها ترتكز على ممثلين يتلون جملهم لا أناس حقيقيين يكشفون صدفة تحيزهم. من المضحك سماع علاء الدين يقول عبارات مثل «تشبه النساء المثقفات قردة تركب ألواح تزحلق، إنهن محبوبات»، لأن هذه النكات تستند إلى وجهات النظر المتحاملة على المرأة التي لا تخلو منها أي حضارة. لكن هذه الدعابات لا تضاهي مراقبته وهو يتسلى بلعبة فيديو يقتل فيها الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية عام 1972 أو الاستماع إلى أحد رجال مكتب التحقيقات وهو يتحدث عن «العرب» وتصرفاتهم الوسخة المقززة. لكن مقابل كل ضحكة حقيقة أو دعابة مبتكرة في «الدكتاتور» نجد نكتة مبتذلة وفاشلة. ومع كل هذا التلميح الواضح إلى الأحكام المسبقة أو العنصرية، تلميح لا يخلو من الاعتداد بالنفس، نشعر أن ساشا بارون يعظنا. هكذا، يحمل هذا الفيلم روحاً سلبية نجح فيلما «بورات» و«برونو» في تفاديها. فما عادت الدعابات عن الإرهاب تكفي للتأثير في المشاهد. فعلى بارون بذل مجهود أكبر لأن الجزء الأكبر من فيلمه الأخير أخفق محاولته ذر الرماد على راين سيكرست على السجادة الحمراء في حفل توزيع جوائز الأوسكار الماضى.اللافت أن المشهد الأفضل في الفيلم بأكمله هو الأول، إهداء الفيلم إلى ذكرى كيم يونغ إيل. لكن ما تبقى من «الدكتاتور» أخفق إخفاقاً ذريعاً.