الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير


للشيخ العصفور: لماذا لا تظهر قيادات شيعية معتدلة؟

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢

فوزية رشيد



} لا أعتقد أن بحرينيا وطنيا ومخلصا لا يتفق مع ما دعا إليه الشيخ محسن العصفور في حديثه مؤخرا بمناسبة الإسراء والمعراج (إلى الوقوف بوجه من يستغل أجواء التأزيم ومظاهر التوتر بين بعض الفئات لتعميمها على طائفة بأكملها للإضرار بها لمصالح آنية ومقاصد فئوية شخصية للقفز عليها)، وإذا كان الشيخ العصفور يؤكد (ان غالبية الطائفة الشيعية الكريمة بمنأى عن دائرة نفوذ المعارضة التأزيمية وعصابات الإرهاب والتخريب وتؤيد المشروع الإصلاحي) فإن السؤال لماذا لا نرى ممثلين لتلك الغالبية الشيعية التي لا تخضع لدائرة نفوذ المعارضة التأزيمية؟ لماذا لا يظهر صوتهم؟ لماذا لا نسمع إداناتهم للإرهاب والتخريب؟ لماذا لا يقفون بقوة في وجه من يختطف صوتهم ويتحدث باسمهم ويستخدم عنوان تمثيله لهم من أجل المصالح الآنية والمقاصد الفئوية الشخصية؟ لماذا لا نرى كتاباتهم في المضمار الوطني الذي هو واجب مقدس للدفاع عن الوطن في وجه المعارضة التأزيمية التي تفسد على الجميع حياتهم واستقرارهم وأمنهم ومصالحهم وخاصة أن القرى هي الأكثر تضررا من ممارساتهم؟
هل هم واقعون إلى هذا الحد في فخ الخوف من المجاهرة بالرأي والاعتراض؟
} وحين يصف الشيخ العصفور المعارضة التأزيمية بأنها (فئات من أشباه البشر ممن يكفر بكل ذرة من تراب هذا الوطن ويعيث في الأرض الفساد من عصابات الترهيب والتخريب تحت مسمى معارضة سياسية طائشة، وأن الغالبية في خندق واحد مع إخوانهم السنة لا غنى لأحدهما عن الآخر في كل مواقع الحياة) فإن هذا يضع على الغالبية الشيعية الرافضة للمعارضة التأزيمية التي وصفها بفئات من أشباه الرجال المسئولية الوطنية عن أن يضعوا حدا للإفساد الذي يمارسه هؤلاء تحت مسمى المعارضة. وهذا في الواقع يطرح سؤالا واستنتاجا: إلى متى صمت الشرفاء والوطنيين من الطائفة الشيعية على من يحاول اختطاف وطنهم عبر الارتهان للأجنبي الأمريكي أو الإيراني؟ أين المسئولية الوطنية لدى شرفاء الشيعة في ذلك؟ أليس الوطن يستحق كل التضحيات للدفاع عنه؟
أليس المشروع الإصلاحي لجلالة الملك يستحق الوقوف معه عبر المجاهرة لدى الغالبية الشيعية بالرأي في ذلك؟
إلى متى الصمت؟ وإلى متى الخوف من تهديدات المعارضة التأزيمية؟ وإذا كانت هذه الفئات تضر حقيقة بمصالح الطائفة الشيعية مثلما تضر بمصالح المكونات الأخرى وبمصالح الوطن العليا وأمنه القومي، فلماذا لا تضع تلك الغالبية الشيعية يدها في يد شرفاء أهل الفاتح للدفاع معا عن حياض الوطن؟ لماذا تلك الغالبية لا تُخرج (بضم التاء) إلى السطح قيادات شيعية وطنية معتدلة بديلة عن المعارضة التأزيمية التي تختطف صوت الطائفة وتمثيلها؟
لماذا لا تتم محاصرة هذه المعارضة التأزيمية من الطائفة نفسها أيضا باعتبارها مجرد فئات أو عصابات تمارس العنف والإرهاب وتخون المصالح الوطنية والشعبية؟ أليست البحرين حينها وطنا للجميع وإن تحقق ذلك تكون قد دخلت بالفعل مرحلة بداية التعافي من الآثار الكارثية التي تركها أولئك المأزومون والإرهابيون خلفهم على تراب الوطن وفي نفوس الشرفاء والوطنيين من كل المكونات؟
} المرحلة اليوم دقيقة وحساسة ومفتوحة على الاحتمالات الخطرة التي ستضر بالجميع ولا ينفع فيها بعض التصريحات هنا أو هناك، وإنما هو بحاجة من شرفاء الشيعة وعقلائهم ووطنييهم إلى ممارسة سلوكية وبيان واضح وخطاب عملي وتحديد خريطة طريق تقطع على المؤزمين ما يسعون إليه من المآلات الخطرة للوطن والشعب ومواجهة كل ما تقوم به الفئات التأزيمية من عنف وإرهاب، وتحتاج هذه المرحلة إلى ظهور قيادات شيعية معتدلة تمسك بزمام الأمور في كل مكان وتحارب خطاب التطرف الطائفي والتأثير الصفوي في العقول والنفوس، وتضع برنامجا وطنيا لمواجهة خطابات التحريض وغسل الدماغ للأطفال والمراهقين المخربين والإرهابيين، وحتما سيجتمع كل الشرفاء في هذا الوطن على مثل هذا البرنامج الوطني، فلا حل للبحرين للخروج من آثار ما فعله الانقلابيون إلا بمحاصرة قياداتهم المتطرفين في الزاوية، وإعلان الغالبية الشيعية المتضررة براءتها منهم ومن أفعالهم ومن أجندتهم، وأن يتحدث باسمهم قيادات شيعية سياسية معتدلة ووطنية هدفها الإعمار في الوطن لا التخريب فيه، والتنمية لا إعاقتها، واستتباب الأمن لا خرقه، وتسييد القانون لا تجاوزه والقفز عليه، والوحدة الوطنية الحقيقية لا مجرد استخدام بعض الشعارات المخادعة حولها فيما الممارسة والتحريض في اتجاه التفتيت.
} البحرين تستحق أن يدافع كل أبنائها عنها وتستحق كل التضحيات مهما كانت وتستحق الحفاظ عليها بلدا للأمن والسلام كما كانت دائما، وجلالة الملك يستحق الالتفاف حوله والدفاع عن مشروعه الإصلاحي، لا المزايدة بالإصلاح والديمقراطية لتحقيق غايات وأجندات أخرى لا صلة لهما بها كما تفعل المعارضة التأزيمية.
المطلوب اليوم من الوجوه الشيعية الوطنية ومسئوليتها كبيرة وواضحة في هذه المرحلة إعلاء الصوت والمجاهرة برفض منطق الجمعيات الانقلابية الأعوج التي تريد ليس فقط الانقلاب على النظام وإنما على كامل الحياة البحرينية الطبيعية وبكامل تفاصيلها التعددية والوطنية وما يتعلق بالهوية وبالانتماء وبالعمق الخليجي العربي.
كتبنا مرات عديدة منذ بداية أحداث فبراير الكارثية عن أهمية إبراز قيادات وطنية شيعية معتدلة وعقلانية تحل محل من يتحدث اليوم باسم الطائفة والشعب والوطن كذبا، ويمارس كل أشكال الإفساد والخيانة للوطن والغدر به مثلما يستند إلى العنف والإرهاب.
فهل يبدأ الشيخ العصفور وبقية الشرفاء من الطائفة بالتحرك في هذا الاتجاه عمليا؟ نأمل ذلك وقد طال الانتظار.