الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

تحت رعاية صاحبة السمو الأميرة سبيكة
اختتام ندوة «حقوق المرأة الإنسانية علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي»

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢



اختتمت أمس الندوة الترويجية الثانية لمشروع منظمة المرأة العربية «حقوق المرأة الإنسانية علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي» التي انطلقت برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الاعلى للمرآة، وقد نظمها المجلس بالتعاون مع منظمة المرأة العربية والمجلس الأعلى للقضاء.
وقد تم خلال اليوم الثاني تقديم عروض لكل من المستشار محمد المعايطة من دولة الإمارات العربية المتحدة، والأستاذة فاطمة المؤقت من دولة فلسطين، والقاضي فوزي خميس من الجمهورية اللبنانية، والدكتورة سهير لطفي من جمهورية مصر العربية، والأستاذة زهور الحر من المملكة المغربية، بالإضافة إلى الدكتور حاتم المامي من الجمهورية الإسلامية الموريتانية والدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين من الجمهورية اليمنية.
وفي الجلسة الختامية قدمت الدكتورة ليلى عازوري منسقة المشروع خلاصة الدراسات حيث أكدت أن مجال الأحوال الشخصية هو المجال الأول الذي يدفع المرأة إلى اللجوء إلى القضاء، كما أكدت أن حماية حقوق الإنسان عموماً، وحقوق المرأة الإنسانية خصوصاً، لا تعني جهة قضائية معيّنة من دون غيرها، وإن تفاوت بين الجهات القضائية المختلفة، حجم تدخلها في قضايا حقوق الإنسان، مشددة على ان زيادة الوعي القانوني لدى المرأة هو شرط لازم لضمان حماية حقوقها.
الحاضنة
وفي عرضه لنتائج دراسة دولة الامارات العربية المتحدة أكد المستشار محمد المعايطة انه نظرا الى حداثة القوانين والتشريعات في دولة الامارات العربية المتحدة والى ظروف نشأة الدولة الحديثة فإن معظم القضايا التي تصل الى درجة النزاع في المحاكم تتعلق بقانون الاحوال الشخصية.
وأشار المعايطة إلى ان 90% من حالات الطلاق تحصل بسبب الضرر الواقع على المرأة من قبل الزوج، أما 10? من الطلاق فيكون بسبب المرأة، وأغلب قضايا الطلاق المتداولة حالياً في محاكم دولة الإمارات، تقع بسبب الضرر، سواء النفسي أو الجسدي منها القذف والسب والعنف والضرب والهجر، إضافة إلى سوء المعاملة، مشيرا إلى أن قانون الأحوال الشخصية في الإمارات الجديد الصادر عام 2005، أنصف المرأة ودعم حقوقها، وخصوصا في ما يتعلق بقضايا الطلاق، إذ لا تأخذ المحكمة بالأسباب الواهية التي يقدمها الزوج لتطليق زوجته، وتعتبره طلاقاً تعسفياً، كما لا يجوز إجبار الزوجة وأخذها إلى منزل الزوجية بالقوة في دعوى الطاعة.
وقال المعايطة ان المنصوص عليه في المذهب المالكي المعمول به في الدولة هو ان الإسلام ليس من شروط الحضانة وإن الحاضنة غير المسلمة سواء كانت أمّا او غيرها إذا كانت تسكن في بلد مسلم تستحق الحضانة ولا يمنع كونها غير مسلمة من استحقاقها للحضانة وإذا خيف ان تفسد دين المحضون ضمت إلى من يراقب سلوكها من المسلمين ولا يسقط حقّها في الحضانة لمجرد الخوف من إفسادها أخلاق المحضون.
وفي عرضه لنتائج الدراسة التي اجريت في لبنان أكد القاضي فوزي خميس ان الهيئة العامة لمحكمة التمييز اللبنانية، اعطت الأم الصفة للتقدُّم بدعوى إثبات النسب إذا كان الولد قاصراً. وإن الإقرار بحقها هذا من شأنه حماية حقوق المرأة ووليدها في الوقت عينه، ولا سيما حين يرفض الأب البيولوجي الاعتراف بابنه أو حين يشترط الأب على الأم التنازل عن الكثير من حقوقها مقابل التقدم بدعوى إثبات النسب.
وأشار إلى ان الهيئة العامة لمحكمة التمييز كرست مبدأ عاماً مفاده أن تبديل الزوج لطائفته ليس من شأنه أن يمسّ حقوق الزوجة التي تكتسبها بموجب القانون المرعي الإجراء بتاريخ عقد الزواج. وفي ذلك حماية لحقوق المرأة التي تكون على بينة من الأحكام القانونية التي ترعى عقد الزواج نشأة ومفاعيل وزوال لحظة إبرام عقد الزواج، وكي لا يفاجأ بأحكام قانونية جديدة سترعاه في حال أقدم الزوج على تبديل دينه أو مذهبه.
وأضاف خميس انه بعد جُملة الأحكام القضائية المعروضة يقتضي الرقي في مواضيع الأحوال الشخصية - ولا سيما القضايا الجنسية - من دائرة العتمة إلى النور ووضعها في سُلَّم الأولويات والانتقال من مستوى الإهمال في بحث المشاكل المثارة إلى مستوى التمحيص والتدقيق والمناقشة بغية إيجاد حلول منطقية تؤمن الاستقرار العائلي، حتى ولو تطلَّب الأمر تدخُّلاً تشريعياً.
القضاء المصري
وفي عرضها لنتائج الدراسة في جمهورية مصر العربية اكدت الدكتورة سهير لطفي ان أحكام القضاء والحقوق الإنسانية للمرأة ركزت على تاريخ القضاء المصري في حماية ودعم حقوق المرأة الإنسانية وعلى اهمية أحكام القضاء المصري في مجال حماية حقوق وحريات المرأة في المرحلة من (1990 حتى 2010).
وأشارت الى ان الرؤية التحليلية لبعض المبادئ القضائية في مجال حقوق وحريات المرأة اكدت حق المرأة في اثبات النسب للصغير وحق المرأة في السكن الملائم وفي الحضانة، وفي اختيار الزوج المناسب في الوقت المناسب، وأيضا على حقوق المرأة الجنسية وحريتها في اختيار الملبس المناسب وفي السفر وفي المساواة بينها وبين الرجل.
وأشارت المستشارة زهور الحر في عرضها لنتائج المملكة المغربية إلى حق المرأة الراشدة في المغرب في إبرام عقد زواجها شخصيا من دون وليّ وفي حرية اختيار شريك حياتها، وأن الولاية حق للمرأة تمارسه بحسب اختيارها ومصلحتهما، ولها أن تزوج نفسها بنفسها أو أن تفوض ذلك لأبيها أو أحد أقاربها، وأن حضور امرأة مسلمة كشاهدة في مجلس عقد الزواج لا ينتج عنه بطلان العقد.
وأكدت أن مبدأ المساواة أضحى مبدأ أمميا وهو ما كرسته الشريعة الإسلامية ومدونة الأسرة، موضحة أن حضور المرأة مجلس عقد الزواج كشاهدة لا يبطل العقد، فشهادة النساء جائزة لأن الشهادة ليست حكرا على الرجال، فالمعتبر فيها ليس هو جنس الشاهد وإنما العبرة بعدالة الشاهد، وأن الشهادة في الإسلام من المناصب الدينية كالقضاء. وقد ولجت المرأة باب القضاء في المغرب والقاعدة أن من ملك الكل فله الجزء، وإن اتفاق الطرفين على الطلاق وإن كان يشكل رغبة الطرفين في إنهاء الرابطة الزوجية ويستقلان بتقدير دوافعه وموجباته إلا أن ذلك لا يجرد المحكمة من حق الرقابة ولا يعفيها من القيام بمحاولة الإصلاح، وان عقد الزواج عقد رضائي من أهم مقوماته المساكنة الشرعية على أساس الودّ والاحترام المتبادل، ولا يمكن للمحكمة أن تفرض على الطرفين العيش تحت سقف واحد أمام إصرار الزوجة على إنهاء العلاقة.
أما نتائج الدراسة التي اجريت في الجمهورية اليمنية للدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين فقد اشارت إلى الآثار النوعية التي احدثتها الأحكام محلّ الدراسة في مجال الاحوال الشخصية، فالأحكام في مجال الاحوال الشخصية هي (25) حكماً من أصل (31) حكماً وهي تشكل 80% من الأحكام محل الدراسة، وهذا لا يعد خللاً في الدراسة او عدم توازن حيث تدخل ضمن مسائل الاحوال الشخصية في اليمن الكثير من الحقوق الاقتصادية والحقوق الاجتماعية والثقافية، فقضاء الأحوال الشخصية في اليمن يشمل قضايا الزواج والطلاق والفسخ والإرث والنفقة والخلع والقسمة والوقف والوصية والهبة والنذر والولاية على النفس والولاية على المال، وهذه الاحكام كفلت حقوق المرأة ومنعت النيل منها وكرست مبدأ المساواة بينها وبين اخيها الرجل وحاولت هذه الاحكام حماية المرأة وحقوقها من الظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تحول دون تمكين المرأة من حقوقها، هذا من جهة ومن جهة أخرى كان لهذه الاحكام التأثير البالغ فبعضها كرس مبدأ قانونياً أو رأياً فقهياً جديداً وبعضها كرس اجتهاداً جديداً وبعضها كان الباعث والدافع الى استحداث نص قانوني او تعديله، ولن يظهر ذلك لنا إلا اذا تم عرض خلاصة هذه الاحكام التي تبين بإيجاز الاثر النوعي الذي احدثه كل حكم من هذه الاحكام وبحسب الأثر النوعي على حدة.
إطار منفصل التوصيات
وخرجت الندوة بعدد من التوصيات بناء على الدراسات المقدمة من الدول المشاركة وهي:
1- تعميم هذا النوع من الدراسات، وتشجيع الدراسات الميدانية والإحصائية المبنيّة على التقصّي والاستبانة لما تم تحقيقه في مجال حقوق المرأة.
2- دراسة أسباب إخفاق المرأة في الوصول إلى حقوقها، وحثها على اللجوء إلى القضاء.
2- العمل على زيادة الوعي القانوني لدى المرأة وتبصيرها بحقوقها وبطرق وأساليب الدفاع عنها.
4- إحداث موقع الكتروني خاص بالأحكام القضائية المتعلقة بحقوق المرأة الإنسانية، ما يضمن سرعة استدعائها أمام القضاء، ويجعلها رافداً أصيلا في تأسيس الأحكام في الموضوعات المشابهة، ونشر هذه الأحكام وتعميمها على كل العاملين في مجال القانون والمهن القانونية.
5- تقديم مادة علمية ممنهجة لطلاب الدراسات العليا في المجال القانوني لإدراجها في أبحاثهم وضمان إشارتهم إليها في أطروحاتهم البحثية، بما يعمق الإيمان بحقوق المرأة الإنسانية على أسس مرجعية ومن خلال البحث العلمي، وسدّ الفجوة ما بين التشريع والتطبيق، وتنظيم دورات تحسيسية للقضاة والمحامين والحقوقيين حول حقوق المرأة الإنسانية.
6- ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية للمواثيق والعهود الدولية في هذا المجال.
7- إنشاء مرصد إقليمي يهتم بالقضايا المرفوعة أمام القضاء والتي تكون المرأة طرفاً فيها من أجل متابعتها قضائياً وإعلامياً، ومن أجل تقديم المساعدة للضحايا إذا اقتضى الأمر.
8- استخدام وسائل الاتصال والإعلام لتوعية المجتمع بشكلٍ عام، والمرأة بشكلٍ خاص، بالقضايا الشرعية والقانونية، وبالإجراءات الواجب اتباعها لممارسة حقوقها في مختلف المجالات.
9- تكوين المهارات القيادية لدى النساء للمطالبة بحقوق المرأة وإعداد الخطط الاستراتيجية وحشد التأييد.
10- تزويد المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق الإنسان بشكلٍ عام، وحقوق المرأة بشكلٍ خاص، بالإطار القانوني المستقر في أحكام القضاء تجاه الحقوق الإنسانية للمرأة لنشره ضمن برامجها الهادفة إلى إرساء ثقافة حقوق الإنسان.
11- دعوة مؤسسات المجتمع المدني والرسمي إلى بذل الجهد لتعديل المفاهيم التقليدية المتعلقة بالمرأة، وإحداث إصلاح ثقافي توجيهي يأخذ بعين الاعتبار التطورات المعاصرة، ويسهم في رفع مستوى الوعي لردم الهوة المعرفية حول حقوق المرأة وواجباتها.
12- إدراج حقوق المرأة الإنسانية في المناهج التربوية على مختلف مستوياتها.
13- تأكيد استقلالية القضاء، ذلك أن القضاء المستقل يشكل أهمّ ضمانة لحقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق المرأة بصفة خاصة.
14- اعتماد الصرامة في تطبيق القوانين التي تكرّس حقوق المرأة، ووضع آليات ملاحقة وإنزال عقوبات رادعة بحق منتهكي هذه الحقوق.