الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


نايف بن عبدالعزيز.. الفارس الذي لم يترجّل

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢



أتشرف بأن أرفع الى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجميع أفراد الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية أحر التعازي وصادق المواساة في وفاة فقيد الأمة العربية والإسلامية الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة.
لقد أثبتت أحداث التاريخ أن العظماء لا تنتهي سيرتهم برحيلهم عن هذه الدنيا بل ان مآثرهم وصفاتهم وشيمهم ستبقى خالدة على مر الزمن نبراساً مضيئاَ لمن بعدهم ليسيروا على نهجهم ويتبعوا خطاهم، وسيستمر الكتّاب والمؤرخون في كل فترة من فترات التاريخ يبحثون وينقبون عن مآثر هذا العظيم أو ذاك، وسمو الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله واحد من أبرز عظماء وفرسان الأمة العربية والإسلامية في العصر الحديث، وكذلك هو واحد من أبرز السياسيين الدوليين الذين يشار إليهم بالبنان في كل محفل ومكان وذلك لما قدمه - غفر الله له – الى أمته العربية والإسلامية والعالم من إسهامات نبيلة وعظيمة ستظل مضيئة وضاءة إلى أجيال طويلة قادمة.
فسموه رجل فريد من نوعه نشاطه وأفعاله الوطنية والعربية والإسلامية تجاوزت حدود وطنه إلى الخارج وهي أكثر من أن تعدّ وتحصى، فهو رجل دولة من الطراز الأول ورجل الأمة البارع جمع بين الحلم والحزم وركن أساسي من أركان الدولة وصمام أمان لها وللدول الخليجية والعربية يساعده سمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز ومساعد سموه للشئون الأمنية سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، فهو مؤسس برامج السعودة داعماً لمبدأ أن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها.
إن صفات وأخلاق وشيم الأمير نايف هذه ليست مستغربة فهو ابن لزعيم تاريخي وحّد البلاد وورث الكثير من صفاته القيادية الدينية والأخلاقية والإدارية فتأثر بها وسار على نهجها مستلهما سيرة والده - رحمه الله - العطرة مثبتا مع إخوانه الكرام هذا الخط وتلك السيرة وأبرزها هي كسب قلوب المواطنين قبل أن يحكمهم فالتف المواطنون السعوديون حول عبدالعزيز وأبنائه بمحبة غامرة وإخلاص وولاء شديدين في شكل يذكرنا بالأيام التاريخية الإسلامية الزاهرة في عهد الحكام المسلمين العادلين.
وفاضت وانتشرت هذه المحبة لتصل إلى كافة شعوب العالم العربي والإسلامي لإدراكهم أن المملكة العربية السعودية تمثل قاعدة العروبة والإسلام والحصن المنيع لهما وأن عبدالعزيز وأبناءه في دفاعهم ووقوفهم بلا حدود تجاه القضايا العربية والإسلامية يحيون بذلك آمال وطموحات الشعوب العربية والإسلامية في إعادة الأمجاد الإسلامية، وكذلك كسبت المملكة احترام القادة والشعوب في العالم أجمع لما تتمتع به من مصداقية والتزام بالمعاهدات والمواثيق والحرص على إرسال قواعد السلم الدولي والمساهمة في التخفيف من الكوارث الإنسانية بصفته مهندس حملات المتضررين من الكوارث والحروب.
بدأ سمو الأمير نايف حياته السياسية مبكراً عام 1370هـ وكيلاً لإمارة الرياض ثم أميرها عام 1372هـ ثم نائباً لوزير الداخلية عام 1390هـ ثم وزيراً للداخلية 1395هـ فأصبح أقدم وزير داخلية بالعالم، حيث قدم الكثير الكثير من أجل تطوير القوات الأمنية أفراداً وعتاداً، وساهمت تلك القوات داخل المملكة في تأمين الأمن والأمان للمملكة والتعاون مع الدول الخليجية والعربية والصديقة في محاربة الإرهاب، ثم عين نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء عام 1430هـ مع احتفاظه بمنصبه السابق، ثم وليا للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية عام 1432هـ، ومن خلال مناصبه الآنفة الذكر مارس عدة أعمال سياسية مهمة وداعمة للعمل العربي والإسلامي والدولي، يحمل سموه وشاح الملك عبدالعزيز الطبقة الأولى والذي يعتبر أعلى وسام في المملكة، كما تلقى العديد من أوسمة الاستحقاق من الدرجة الأولى من عدة دول عربية وغربية تقديراً لجهوده ودوره - رحمه الله - في الأعمال الأمنية فقد تم اختياره رئيساً فخرياً لمجلس وزراء الداخلية العرب، وجاء هذا الاختيار تقديراً لدوره التاريخي في الأعمال الأمنية على المستويين الإقليمي والعربي، وكذلك مجلس إدارة جامعة نايف.
وكانت النجاحات الباهرة لمواسم الحج التي تتطور وتزداد يسراً وسهولة عاماً بعد عام لكون سموه - رحمه الله - رئيساً للجنة الحج العليا.
وما حياة الإنسان في هذه الدنيا إلا أيام معدودة فمن قضاها في العمل الصالح الخير مثل فقيدنا الغالي كسب خير الدارين إن شاء الله وترك سمعة مضيئة عطرة يفتخر بها أهله وذووه ومواطنوه. رحم الله فقيد الأمتين العربية والإسلامية الذي رحل وكل القلوب تنعاه بحزن والعالم أجمع شهد بمناقبه، وهذا بحد ذاته ليس فخراً للسعوديين فحسب بل للشعوب العربية والإسلامية. تغمد الله سموه بواسع مغفرته ورحمته ورضوانه وأسكنه فسيح جناته ونعيمه وألهم أهله وذويه وجميع محبيه - وما أكثرهم - الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.