مسافات
مصر التي فـي خاطري!
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢
عبدالمنعم ابراهيم
ليس مهماً من فاز في انتخابات الرئاسة بمصر.. بل المهم هو مصر (عروس النيل) التي تنقسم حالياً، ليس إلى فسطاطين فقط، بل (تتشظى) إلى ملل ونحل مختلفة.. ولو كان الأمر محصوراً في صراع انتخابي بين (شفيق) و(مرسي) لكان الأمر هيناً، لكن المشكلة ان مصر حالياً تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي بسبب هذا التمزق السياسي والفكري والحزبي، وكل طرف يدعي انه يمثل (الشرعية)! ويمثل (الشعب المصري)!
والمفارقة العجيبة أن جميع الأطراف تطالب بدولة القانون والعدالة والاحتكام إلى القضاء المصري.. وحين تصدر أحكام القضاء، سواء من المحكمة الدستورية أو النقض أو المحاكم المدنية الأخرى تجد من يخرج إلى الشوارع في مظاهرات احتجاجية صاخبة ضد القضاء!
والمفارقة الثانية تتمثل في مطالبة الجميع بالاحتكام إلى الانتخابات وصناديق الاقتراع، ولكن في الوقت نفسه، كل مجموعة تدخل الانتخابات تقول: «إذا لم نفز بالبرلمان أو الرئاسة فسوف نطعن في الانتخابات ونعتبرها مزورة»! ويحدث هذا قبل فرز الأصوات والنتائج!
كانوا يعيبون على (الحزب الحاكم) في عهد الرئيس حسني مبارك أنه كان حزبا ديكتاتوريا، يحتكر السلطة في حزبه فقط.. وحالياً صاروا كلهم يفعلون الشيء نفسه، سواء (الإخوان المسلمين) أو غيرهم من الأحزاب المصرية الأخرى.. كل حزب يريد احتكار السلطة في يده، ولا يريد إشراك الآخرين معه في القيام بمسئوليات وواجبات حكم المحروسة مصر!
المفارقة الثالثة.. انهم يريدون (دولة مدنية) منتخبة، ودولة مؤسسات، على الرغم من أن مصر هي أعرق دولة عربية في (المؤسسات المدنية) منذ عهد الفراعنة حتى الآن.. ومع ذلك تجد كل مجموعة حزبية تهدد (الدولة) بالعودة إلى الثورة في ميدان التحرير إذا لم يعجبهم أي حكم قضائي! أو نتيجة انتخابات برلمانية أو رئاسيةّ! وحتى نتائج انتخابات نقابة عربات «الحنطور»!
كل إنسان عربي يحب (المحروسة) يضع يده على قلبه هذه الأيام.. ويدعو السميع العليم أن يحفظ مصر، التي انشطر أهلها إلى (ملل ونحل)! وإلى دولة وثورة! وإلى حكومة وميدان التحرير! بعد أن كانت كوكب الشرق (أم كلثوم) توحدهم من النوبة جنوبا حتى الإسكندرية شمالاً وهي تردد: «مصر التي في خاطري»!