الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٨ - الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


رجل المواقف الأمير نايف





التاريخ لا يخلد المواقف السلبية، ولم نشهد في العالم من تاريخ الماضي إلا العبرة والموعظة، فالتاريخ وإن ذكر فالذكرى للعظة لا للعرض والطرح، في الوقت نفسه يضع التاريخ علامات هي وصمات عار لمن لا يحسن التصرف في الحياة.

التاريخ يصف الجميل وينصح الحاضر ليكون له مستقبل يتوارثه الناس بذكر الخير وحسن العمل، والتاريخ لا ينسى وصمة ذل لكنه لا يضع على صفحاته غير الإيجاب من دون السلب.

مخطئ كل الخطأ من يعتقد أن التاريخ يذكر المساوئ كما يتداول، فلو كانت مساوئ التاريخ التي يذكرها بعض المتشائمين في الحياة موجودة لما كان للتاريخ حقيقة في عصرنا هذا.

لنر التاريخ وما اختار لنا القرآن من حسن العبرة والكلام والعظة ودورها في الاتزان، لنر الجمل الجميلة المبدعة التي تصنع للأيام حلقات وصل مع الأعوام، فلو كان للتاريخ مزابل لم تقم القرون والأزمان.

تلك سنة الحياة فالحساب كتاب، والموعظة تبقى لأنها الثمرة المجنية وهي التاريخ، أما وصمات العار فتبقى زمنا وهي ليست من التاريخ، لأن التاريخ حضارة وقيمة باقية، والعار شر لا يذكر ولنا في التاريخ عبر ونظر بهما نتفكر ونتدبر ومنهما نحقق المزيد من العمل والعلم الصالح من كل البشر.

قد كتبت أقلام عن المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود تغمد الله روحه الجنة، وهي تستعرض تاريخه المشرف في خدمة المملكة العربية السعودية وما قدمه للمواطن السعودي بوجه خاص، وما قدمه للمواطن الخليجي بوجه عام، ولنا الشرف أن نُسطر شيئا من هذا البيان لروحه المغفورة.

الأمير الراحل تاريخ حافل بالعطاء بوزن يعجز عن وزنه الميزان، فالأمير الراحل إنسان توافرت فيه صفات العظماء، وقلت منه الأشباه والمثلاء، أمير حكم بعلمه وعظته وتاريخه المثمر بيد بيضاء أعطت من دون ان تقبض المقابل، حافظ على أمن المملكة العربية السعودية بسواعد نمت لتحفظ الحرمين بالحرية والديمقراطية، أمير له الفضل والفضل كله، امير دعا الناس إلى البر والتقوى والتخلق بأخلاق النبل والإسلام، أمير ما كان من امراء التعالي، كان رحمة الله عليه مثالا للتواضع والتعايش والتسالم، يسمع للقريب ويجيب البعيد، ذا نخوة وعزم وعزة.

رحمك الله يا نايف الخير، كنت مثالا يحتذى به، وبت نبراسا للخير في سلسلة رجالات وطنية شريفة قائمة على عمل الإحسان والإتيان به، كنت جسدا طاهرا يتواصل مع المواطنين بما يصلح حالهم بقضاء حوائجهم.

رحمك الله يا نايف الخير، وهي مأساة فقدك فأنت في جنة الخلد إن شاء الله، ويبقى عيالك من أبناء الغيارى والشرفاء في أنحاء الخليج العربي والعالم الإسلامي كافة يدعون لك بالرحمة والمغفرة، ويبقى مصابنا فيك هو الجلل، فنسأل الله أن يترحم عليك ويرحمك برحمته الواسعة.. إنه سميع مجيب.

تاريخ العظماء يشعل في حياتهم نورا يستضاء به، وفي مماتهم يشغل فخرا يعتز به، وهكذا التاريخ يحمل لنا من كان على هذه الهوية الإسلامية بالعمل لما يصلح الأمة جمعاء، بجمع الكلمة ونبذ الفرقة والتخلف والتخندق، هو التاريخ الباقي فحسب.

وإننا نبتهل إلى الله العزيز الحكيم مقدمين أجل التعازي وأحرها لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره ومد له في الصحة والعافية، ولمقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، ولمقام صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ولمقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وإلى مقام الشعب السعودي كافة، وإلى مقام الشعب البحريني كافة، وإلى مقام الشعب الخليجي والعربي والإسلامي كافة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد روحه في أعلى عليين.

من باب رد الجميل ألا ينسى الشعب وقفاته المشرفة مع مملكة البحرين، فهو أسد الكتائب وقائدها، حامي حمى الخليج العربي، وقائد جيوشه، الذي ترتعد منه فرائص الأعداء، وتتقلب له قلوب النكراء.

ما وجدناه من بعض الأعداء من مظاهر خلت من الإنسانية والخلق الإسلامي مرفوض، ونحن نشجب ونستنكر من اعتدى على مقام الأمراء، وليس بعيدا عن أهل الجهل والظلم أن يرددوا كلمة الباطل في ألسنتهم كما هي محشوة في عقولهم.

ونقول للشعب السعودي: إن شعب البحرين معكم يواسيكم، ويحزن لحزنكم ويفرح لفرحكم، وما خلا من غير هذا فهو لا يمثل الشعب الأصيل المتكاتف الواعي، ومع قيادتنا الملكية العربية الخليفية فإننا نوجه الخطاب لكل جاحد: ما هكذا الظن بكم، ولكن نرددها رسالة لكم: راجعوا أنفسكم، فالفرص تتقلص لمرحلة اصلاح ذواتكم.

ونحن مع قيادتنا يدا بيد نمدهم بالسلم والحلم، يدا بيد لبناء البحرين حاضرها ومستقبلها، ممثلين التاريخ الأصيل بالعمل على ضمان العهد الزاهر.

واليوم من وقف بمظاهر تسيء إلى الوطن، غدا سيقف في وجه أبناء الوطن، ولا عزاء لمن خالف العرف والعهد والحكم الخليفي العربي، وهي نصيحة لكم: أن ارجعوا واتقوا الله، فإن التقوى نجاتكم.

رحمك الله يا نايف الخير.

حمى الله مملكتنا وسدد خطى قيادتنا.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة