الجريدة اليومية الأولى في البحرين


العلم والصحة


الشمس.. نجم عملاق حافل بالأسرار

تاريخ النشر : الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٢



الشمس نجم عظيم وله جاذبية قوية، يجذب جميع كواكب المجموعة الشمسية بقوة تحققها له كتلته الكبيرة، وهي مركز النظام الشمسي، هذا النظام الذي تعتبر أرضنا جزءا منه. إن إشعاعها وطاقتها الكبيرين يعدان المصدر الرئيسي المباشر أو غير المباشر لكل أشكال الحياة الأرضية. ونظرا لقربها منا فلا يوجد أي نجم غير الشمس يمكن دراسته بالسهولة التي تدرس بها، وهي تبعد عنا بنحو 150 مليون كلم ومقارنة ببعض النجوم الأخرى فهي ضئيلة لا يؤبه بها. يبلغ قطر الشمس نحو 1392000 كلم وهذا أكثر من 109 أضعاف قطر الأرض، أما الكتلة فأثقل بـ333000 مرة من كتلة الأرض، ودرجة الحرارة عالية جدا في مركز الشمس تبلغ 16000000 مليون درجة مئوية. يتألف القلب من غاز الهيدروجين ، والحرارة العالية تؤدي إلى تفاعلات الاندماج النووي التي تمدنا بالحرارة والطاقة. يدعى سطح الشمس بالفوتوسفير وهو أبرد من داخلها ومع ذلك فحرارته تصل إلى 6000 درجة مئوية.
ويبدو سطح الشمس منقطا فقاعيا بسبب الغازات التي ترتفع إليه من الداخل، وكثيرا ما تندلع من هذا السطح سحب من الغاز المتوهج تعرف بالشواظات الشمسية، وتشاهد هذه الأخيرة بوضوح في الكسوف الكلي. تدور الشمس حول محورها مرة كل 25 يوما، وتقاس هذه المدة بمراقبة البقع المظلمة الكبيرة المسماة: الكلف الشمسية. وهي مظلمة نظرا لأنها أبرد مما يحيطها بـ2000 درجة مئوية، ويتباين حجمها فقد يبلغ قطر الكبار منها عدة أضعاف قطر الأرض.
عندما تندمج ذوات الهيدرويجن متحولة إلى هليوم تنطلق فوتونات، حبيبات ضوئية، من أشعة جاما، ويشق الفوتون طريقه نحو سطح الشمس النجم وهو يفقد جزءاً من طاقته حتى يصل إلى سطح الشمس حيث يشع الضوء.
التفاعلات النووية
التفاعلات النووية الحرارية، هي من النوع الذي تم في القنبلة الهدروجينية وهي التي تقدم الطاقة إلى الشمس في انفجارات مستمرة ومحتواه تحول 4000 مليون طن من الهيدروجين كل ثانية إلى هليوم.
ما نراه من النجوم في السماء من ضوء ينتج عن تفاعلات الاندماج في قلب تلك النجوم.
التفاعلات في الشمس لن تستمر للأبد، فعندما يتفاعل الهيدروجين وتندمج نوياته متحولة إلى نواة هليوم بمعدل كل أربع ذرات هيدروجين تتحول إلى ذرة هليوم، فإن منطقة التفاعل في مركز الشمس، تخرج نحو منطقة أقل حرارة من عشرة ملايين درجة مئوية.. وعندما تتوقف تفاعلات الاندماج النووي، فيحدث تقلص كبير في المركز بحيث تتراص ذرات الهليوم مع بعضها، ويبدأ الرماد يصبح وقوداً وتنطلق الشمس من جديد في عمليات تفاعل اندماجية، وتتعرض الشمس بعدها لتغير كبير، ويتمدد قسمها الخارجي ويبرد، في حين تستمر التفاعلات في مركزها وتصبح الشمس نجماً أحمر عملاقاً.
ابتلاع الأرض
يبعد مركز الشمس عن قشرتها لدرجة تجعل جاذبيتها نحو السطح ضعيفة، ويصل تمددها إلى حد ابتلاع كوكبي عطارد والزهرة، ثم تبتلع الأرض وربما المريخ، فتصبح الكواكب الداخلية داخل الشمس حتى حزام الكويكبات. بعد نحو مليار سنة ستقترب الشمس المنتفخة من المحراق الأرضي وتذيب الجليد من قطبها وتغمر الفيضانات شواطئ الجزر والسواحل، ويتبخر قسم كبير من مياه المحيطات، حيث ترتفع سحب البخار حاجبة ضوء الشمس بعض الوقت لكن اقتراب الشمس يزداد، وتبدأ المحيطات بالغليان وتتبخر وتحل كوارث مرعبة، تصل إلى ذروتها في ابتلاع الشمس للأرض.تبدو هذه النهاية أشبه بسيمفونية مرعبة، وعلى الرغم من ذلك، فالنجوم الأكبر من الشمس تمر بمراحل أشد رعباً وهولاً، إذًا بعد أن ينفد الهيدروجين من الشمس ويبدأ استهلاك الهليوم سترتفع أيضاً درجات الحرارة مطلقة الدورة الأخيرة من التفاعلات النووية لتتمدد الشمس ثم تتقلص وتتمدد بمعدل مرة واحدة كل ستة آلاف سنة تقريباً.
ثم تنقذف منها كتلة السطح وبعض كتلة المركز في انطلاقة مخيفة من الغاز المركز، حيث يحيط ما قذف من كتلة المركز بالسطح مطلقا ضوءا بنفسجيا فاقعا ثم يتوهج بلونيه الأزرق والأحمر غامراً المجموعة الشمسية من الكواكب المتبقية بسطوع هائل، يصد به جزءاً من الشمس المبحر إلى الخارج.
اللهب المكشوف
إن الباقي من الشمس، اللهب المكشوف من دون سطح، يصبح نجماً صغيراً شديد الحرارة يبدأ بالتبريد والتكثف شيئاً فشيئاً حتى تصل كثافته إلى حد يجعل وزن حبة الحمص يقارب الطن وتتحول الشمس إلى قزم أبيض يتفسخ ويهرب منه الضوء ليصبح قزما فحميا أسود يجرفه التيار كجسم معتم، ولو كانت الشمس أكبر حجماً مما هي عليه بمائة مرة مثلاً، فإن نهايتها ستكون مختلفة، إنها ستصبح بالوعة فضائية، أو ما يعرف باسم الثقب الأسود، وحتى نأخذ فكرة عنه نضرب المثال التالي:
لنفترض أن لدينا قمرا صناعيا يدور حول الأرض يبقى ثابتاً في مداره، مادام مساره متوازناً بين القوتين الجاذبية والنابذة، وفي حالة تغلب القوة الجاذبة ينفلت نحو الأرض.
إن سرعة التحرر من جاذبية الأرض هي أحد عشر كيلومترا في الثانية، إذا انطلق جسم من الأرض بسرعة أقل من ذلك فإنه يسقط على الأرض، أما في النجوم فتبلغ سرعة التحرر نحو ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية أي أنها معادلة لسرعة الضوء وهذا يعني أن الضوء المنبعث منه لا يغادره، تزيد أحياناً سرعة التحرر في النجم على سرعة الضوء لذلك يسمى الثقب الأسود، لأنه يتمسك بإشعاعاته ولا يتركها تنطلق بل يمتص أي مصدر للضوء يقترب منه كالبالوعة.
الثقوب السوداء
إذا كان التجويف أو الثقب الأسود وحيداً في الفضاء، لا يمكن الكشف عنه بسهولة إلا إذا اقتربت منه نجمة أو مادة فضائية غازية غبارية، فيحدث عندها امتصاص للمادة المقتربة وتنطلق عندها موجات هائلة من الأشعة السينية. إن النجوم إذا وجدت في أمكنة من الفضاء قليلة الغبار السديمي تكون قصيرة العمر، وإذا وجدت في أمكنة كثيرة الغاز والغبار السديمي تكون عملاقة طويلة العمر.
بما أن شمسنا تقع في منطقة من الفضاء القليلة الغاز والغبار السديمي تقريباً لأنها تقع في منطقة قريبة من طرف المجرة، فعمرها ليس طويلاً كما لو كانت في مركز المجرة.
ويؤكد علماء الفلك أن الشمس ستنطفئ بعد نحو ستة مليارات سنة، سيخبو ضوؤها وتتقزم، فعندما يتحول كل الهيدروجين الموجود في الشمس إلى هليوم، فإن القوة الناجمة عن الإشعاعات الصادرة عن الاحترار تنعدم، وهنا تتغلب القوة الجاذبية، فتبدأ الشمس بالتقلص بحيث تصل إلى درجة حرارة تختلف عن درجة تشكلها البالغة مائة مليون سنة.
وفي هذه الحالة يتحول الهليوم إلى فحم عن طريق الاندماج الذري، وتبدأ عمليات تشكل خاصة، بحيث تصبح الشمس كثيفة جدا، وتنخفض درجة حرارتها وتتلاحم أجزاؤها حيث تبدو بيضاء وتعرف بالقزم الأبيض، ويتحول بدوره كما ذكرنا إلى قزم فحمي أسود، ستتحول شمسنا إلى قزم فحمي يجرفها التيار كجسم معتم بين نجوم لاتزال باقية تشع.
أما في مناطق أخرى من الكون فقد تملك النجوم المتلاشية قوة امتصاص هائلة تجعلها تمتص كل ما يقترب منها ضمن دائرة محددة وتسمى عندها الثقوب السوداء، بخاصة إذا كانت نهايتها في منطقة من المجرة يتكاثف فيها الغبار السديمي.
ألغاز كبيرة
الشمس أقرب نجم إلينا ومن حرارتها وأشعتها الضوئية فرخت الحياة في كوكبنا ونمت وتعاظمت، أشعة حرارة وتنوير تصدر عن الشمس، فتكون ضياء ودفئاً لأجسامنا مع أشكال الحياة الأخرى من حولنا، وقدر لها أن تعطي دفق الحياة على هذا الكوكب الذي نعيش فوقه.
لو حللنا أشعة الشمس التي تصل إلينا لوجدنا أن 9% منها أشعة فوق بنفسجية يمتص جو الأرض في طبقاته العلوية أغلبها، ولا يصل إلى سطح الأرض منها إلا ما ينفع الإنسان والكائنات الحية.
وطبقة الأوزون هي التي تمتص الزائد من الأشعة فوق البنفسجية.
وهناك 53% أشعة حرارية تعرف باسم الأشعة تحت الحمراء وتمنح جونا الدفء والسخونة، وهناك 38% أشعة تنوير تغمر الأفق من حولنا بالضياء، تتناثر منها الأشعة الزرقاء لتبعث لنا هذا اللون الأزرق الصافي في نهار ربيعي مشمس، وتدور الشمس حول نفسها كباقي النجوم من الغرب إلى الشرق وتدور حولهـا تسعة كواكب بمدارات أهليجية.
تقع كل هذه الكواكب في مستوى واحد عدا كوكب عطارد الذي يميل مدارات كوكب بلوتو الذي يميل مداره عن المدارات الأخرى بـ 17 درجة.
والشمس ليست صلبة، لذلك فأجزاؤها المختلفة تدور حول محورها بأزمنة متباينة فتكمل نقطة على خط استواء الشمس دورتها في 24 يوماً، و16 ساعة، بينما تكمل نقطة قريبة من القطبين دورتها كل 34 يوماً.
في داخل كرة الشمس الضخمة تتفاعل الغازات في درجات حرارة عالية تقترب من 40 مليون درجة في المركز.
وتحول الهيدروجين إلى هليوم مستمر، وتمتص الأرض بطرق مختلفة ما يعادل جزءاً من 500 مليون جزء من الطاقة الشمسية، وللشمس من قوة الإضاءة ما يحد من النظر إليها مباشرة إلا من خلال نظارة سوداء، وهي تبدو لنا على شكل كرة ناعمة بلون الكريم، تحيط بالكرة المرئية من الشمس طبقة سميكة تعرف باسم الكرة اللونية سمكها نحو 600 ميل وغازاتها أقل كثافة، لذلك فإشعاعها ضعيف جدا، ولا يمكن رؤيته في وضح النهار ولكنه يشاهد في بهائه أثناء الكسوف التام. والأجرام السماوية ليست متساوية في بعدها عن الأرض.
وقد يصادف أن يمر أحد الأجرام أمام آخر فيحجبه عن بصرنا كما يحدث حين يمر القمر أمام الشمس فيحجبها ثواني أو دقائق حسبما يكون كسوف الشمس جزئيا أو كليا.
والكسوف الحلقي عندما يكون القمر في أبعد اوضاعه عن الأرض حيث يحجب جزءاً من قرصها ويسمى الكسوف عندها حلقيا وإذا كان في أقرب أوضاعه يحجبها كاملة دقائق كما في كسوف عام 1973 الذي استغرق نحو 7 دقائق و30 ثانية ولن يتكرر حدوثه قبل عام 2186 وهو كسوف كلي.
تشكل النجوم
تؤكد النظريات الحديثة عن تشكل النجوم أن النجم يبدأ بالتشكل بصورة سحابة ترابية غازية تدور ثم تأخذ في التجمع وتبدأ قطرات سوداء منها بالانكماش والتماسك مع بعضها وتزداد من جراء تكاثف هذه القطرات ودرجة حرارة المادة الغازية الترابية المحيطة بها، وفي النهاية تبلغ البقعة الساخنة من شدة الحرارة مبلغاً يكفي لأن تتوهج وتشع الضوء. والنجم الجديد المتكون يكون من مرتبة ما فوق العمالقة يشع ضوءاً أحمر، ويستمر هذا الضوء وقتاً قصيراً، إذ يعود النجم الطفل وينكمش من جديد.
وترتفع درجة حرارته، ما يساعد ذرات الهيدروجين على الاندماج كما في القنبلة الهيدروجينية، متحولة إلى ذرات هليوم، وتخرج عندها مقادير هائلة من الطاقة ويتم بالتدريج الوصول إلى توازن بين عملية تكوين الطاقة وعملية إشعاعها ويكون النجم عندها قد اكتمل وبلغ من الحجم ودرجة الحرارة ما يجعله كبقية النجوم.
والشمس نجم متوسط الحجم، وأقرب نجم إلينا بعد الشمس يبعد عن أرضنا نحو 42 مليون مليون كيلومتر، وهو رقم كبير وهناك نجوم في مجرتنا تبعد عنها أكثر من عشرين ألف مرة من هذا البعد، فماذا عن مواقع النجوم في المجرات الأخرى في الكون؟
التوائم
هذا العالم المتنوع الذي نعيش فيه، وهذا الكون هائل الاتساع فسيح الأرجاء، ويقوم كل شيء فيه على الحركة والنشاط، ومن أدق الجسيمات الذرة، التي تدور فيها الإلكترونات السالبة حول النواة الموجبة، والذرة تتحرك مع ذرات أخرى مشكلة جزيئات العناصر المختلفة.
كل شيء حولنا مكون من هذه الذرات المختلفة المتشكلة من عناصر متباينة، وتركيبات تتنوع وتتبدل مع الزمن، جبال وسهول وهضاب وشواطئ وأنهار وبحار وبحيرات ومحيطات فإن المادة الموجودة في حركة دائبة.
والأرض تدور حول الشمس والقمر يدور حول الأرض وكواكب تدور حول الشمس والشمس تدور في المجرة والنجوم في مجرتنا في حركة دائبة مع كواكبها وتوابعها، والحركة هي قانون السماء من أصغر الذرات إلى أضخم المجرات ولكل مساره المحدد بدقة متناهية.
على الرغم من أن النجوم تبدو ثابتة عندما تتأمل السماء في ليلة صافية غير مقمرة، فإن هذه النجوم ذات مسارات محددة في المجرة، وهناك نجوم تدور حول بعضها، كالنجوم التوائم، وهي نجوم توجد في الكون ثنائية، أو ثلاثية أحياناً، والشعرة اليمانية لها توأم يدور حولها وهو قزم في مرحلة الخمود الأخيرة.
ويؤكد علماء الفلك مؤخراً، أن في مركز مجرتنا يوجد ثقب أسود ضخم، هذا الثقب الأسود له جاذبية هائلة، تجعل كل النجوم في مجرتنا تدور حوله.