عربية ودولية
خطاب تاريخي لزعيمة المعارضة في بورما أمام البرلمان البريطاني
تاريخ النشر : الجمعة ٢٢ يونيو ٢٠١٢
ألقت زعيمة المعارضة البورمية اونغ سان سو تشي كلمتها التاريخية أمام مجلسي البرلمان في بريطانيا امس الخميس. وقالت سو تشي في خطابها الذي القته في وستمنستر هول، وهو شرف نادر حظي به فقط في الماضي الجنرال ديغول ونلسون مانديلا، ان من «اسباب وجودي هنا طلب مساعدة عملية، بصفتي صديقة، ودعم الاصلاحات التي يمكن ان تؤمن حياة افضل وفرصا جديدة للشعب البورمي».
وهتف النواب لأونغ سان سو تشي التي ظهر الارهاق قليلا على ملامحها في اليوم التاسع من جولتها الدولية، لكنها كانت في ذروة الاناقة في ثوبها التقليدي الطويل، وقد زينت شعرها بزهور بيضاء.
وقبل ذلك كانت «سيدة رانغون» وافقت على قرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون دعوة الرئيس - والجنرال السابق - ثين سين إلى زيارة بريطانيا، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع كاميرون. وقالت «انا موافقة»، واضافت «يجب الا ندع الماضي يعرقل عملنا» بل ينبغي ان «نستخدمه لبناء المستقبل».
واعلنت الحكومة البريطانية الخميس انها وجهت دعوة إلى الرئيس البورمي لزيارة بريطانيا، ففتحت الباب لتطبيع متنام للعلاقات مع بورما.
وبرر كاميرون قراره بـ «عملية الاصلاح الجارية في بورما». واضاف «حتى تؤتي هذه العملية ثمارها، يجب ان نعمل مع النظام».
وبعد 24 عاما من العزلة في بلادها، تم استقبال زعيمة المعارضة البورمية بحفاوة في هذه الجولة التاريخية الاولى التي تستمر 17 يوما في اوروبا، منها اسبوع مؤثر في بريطانيا حيث تعرفت إلى زوجها الراحل واسست عائلة، ثم اضطلعت في 1988 بدور سياسي انقطعت بسببه عن العالم طوال ربع قرن.
والدعوة التي وجهت وسط هذه الزيارة الرمزية إلى رئيس المستعمرة البريطانية السابقة، تضع المملكة المتحدة في المراكز الامامية للتقارب مع بورما.
وكان ديفيد كاميرون اول رئيس حكومة غربي يزور هذا البلد الاسيوي منذ الانقلاب العسكري في .1962 والتقى آنذاك الرئيس ثين سين، الجنرال السابق المعروف في كل انحاء العالم ببدء عملية الاصلاحات بعد حل المجلس العسكري في .2011 وخلال هذه الزيارة ايضا دعا اونغ سان سو تشي إلى زيارة بريطانيا في يونيو.
ومنذ ذلك الحين، فازت اونغ سان سو تشي في إبريل بـ43 من 44 مقعدا في الانتخابات الجزئية، فأصبحت قوة المعارضة الرئيسية في البلاد مع 10% من النواب. واشادت المجموعة الدولية بهذه العملية التي ما زالت هشة.
ويواجه الرئيس ثين سين الذي يتولى الحكم منذ مارس 2011 واحدة من اسوأ الازمات خلال ولايته.
فالبلاد تشهد منذ بداية يونيو اعمال عنف بين اعضاء من اتنية راخين البوذية ومسلمين.
وتتطلب الاصلاحات التي بدأت مزيدا من المتابعة، كما قالت اونغ سان سو تشي خلال زيارتها، وطالبت بتعديل الدستور.
وتشجعت بورما على سلوك طريق الاصلاحات لدى اقدام عدد كبير من البلدان الاوروبية على تعليق او رفع عقوبات كانت مفروضة عليها منذ نهاية التسعينات.
وفي ابريل، اوقف الاتحاد الاوروبي مدة سنة عقوباته السياسية والاقتصادية باستثناء الحظر على الاسلحة، واعلنت واشنطن الشهر الماضي تعيين سفير في بورما ورفع بعض القيود على الاستثمارات.
والثلاثاء قامت اونغ سان سو تشي بزيارة مشحونة بالعواطف إلى مدينة اوكسفورد جنوب البلاد حيث درست وربت عائلتها التي اضطرت إلى تركها لاحقا.
واعربت المعارضة البالغة 67 عاما الاربعاء عن مدى تأثرها اثناء مراسم تكريمها في جامعة اوكسفورد حيث درست السياسة والفلسفة والاقتصاد في منتصف الستينات.
وقالت «اليوم كان مؤثرا جدا»، في كلمة القتها بعد نيلها شهادة دكتوراه فخرية في القانون المدني في قاعة مسرح شلدونيان العائدة إلى القرن السابع عشر في الجامعة.
وتابعت «في تلك السنوات الصعبة التي امضيتها في الاقامة الجبرية استندت للصمود إلى ذكرياتي في اوكسفورد التي ساعدتني في التعامل مع التحديات التي واجهتها».
بعد كلمتها صفق الحضور وقوفا حيث بلغ عددهم اكثر من الف استاذ وطالب من الجامعة.
ومنحت الدكتوراه تلك في العام 1993 لكن على غرار جائزة نوبل للسلام التي تلقتها العام 1991، تعذر عليها تسلمها آنذاك خشية منعها من العودة إلى بورما ان غادرتها.
وامضت سو تشي عقدين من الزمن في اوكسفورد حيث ربت ابنيها الكسندر وكيم هناك مع زوجها. عندما عادت إلى بلدها للاهتمام بوالدتها المحتضرة العام 1988 لم تفكر انها لن تعود قبل ربع قرن تقريبا. وتمكنت من مقابلة زوجها وابنيها عدة مرات فحسب في السنوات التالية. وعندما كان اريس يحتضر حثها على البقاء في بورما ومواصلة كفاحها.
افرج عنها من الاقامة الجبرية في نوفمبر 2010 وهي الان نائبة في البرلمان.
وقالت في كلمتها «الطريق إلى الامام لن تكون سهلة، لكنني اعلم ان اوكسفورد تتوقع الافضل من خريجيها».
وتتجه سو تشي إلى فرنسا في 26 يونيو في المرحلة الاخيرة من جولتها الاوروبية بعد استقبالها كبطلة ونجمة في كل من ايرلندا والنروج وسويسرا.
والسبت القت اخيرا كلمة اثناء تلقي جائزة نوبل للسلام في اوسلو بعد 21 عاما على منحها الجائزة في اثناء اعتقالها. وتزامنت زيارتها لبريطانيا مع استمرار اعمال العنف في غرب بلادها حيث قتل اكثر من عشرة اشخاص فيما فر حوالي 90 الفا من اعمال العنف بين اتنيتي الراخين البوذية والروهينغوا المسلمة.