الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

خطيب جامع الخالد في خطبته حول الإجازات:

احذروا سفر المعصية وابتعدوا عن رفقاء السوء

تاريخ النشر : السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٢



قال الشيخ عبدالله المناعي خطيب جامع الخالد انه بموت فقيد الإسلام والمسلمين الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود الرجل الذي له مواقف عظيمة وشجاعة للتصدي للإرهاب عليه رحمه الله تعالى.. فقد كان رحمه الله رفيقا وأباً رحيماً, أعز الله به الإسلام وأهله, وحمى به حوزة الدين, ودافع عن حياضه, فرحمه الله رحمة واسعة, وعفا عنه وأسكنه فسيح جناته, وأحسن الله عزاء المسلمين فيه, ولا نقول إلا كما قال الصابرون «إنا لله وإنا إليه راجعون».
فقدت الأمة الإسلامية أميراً وقائداً كان حريصاً على غرس الحب وجمع الكلمة وإشاعة الطمأنينة في نفوس الجميع. يسهر على رعاية مصالحهم, والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
لقد كانت المصيبة عظيمة, والجلل كبير, لكن الله تعالى أثلج صدور المسلمين, وطمأن نفوسهم وأزال عنهم الحزن, وعوضهم الله خيرا بالبيعة لأخيه الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وليا للعهد بحكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - فهو بحق أهل لذلك ديناً وخلقاً وأمانة. فرحم الله الملك المؤسس عبدالعزيز فقد رسم الطريق ووحد المعالم, وأرسى دعائم هذا الصرح الشامخ على المنهج القويم, وحذا حذوه أبناؤه البررة الملوك من بعده سعود وفيصل, وخالد وفهد, فرحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح الجنان, وجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وولي عهده الأمين الأمير سلمان يحذون حذوهم على حمل الأمانة وإكمال المسيرة لبلوغ الغاية السامية, والعمل لما فيه سلامة واستقرار وأمن حوزة الإسلام والمسلمين, فاللهم اشد به يد أخيه وولي عهده, اللهم اجعله خير خلف لخير سلف, اللهم أيد الإسلام به وأيده بالإسلام, اللهم أدم عليه توفيقك ونصرك وتأييدك, وأجعلهم هداة خير وأصلح بطانتهم وأسبغ عليهم نعمك وأيدهم بنصرك انك على كل شيء قدير. وصلي الله على محمد وآل وصحبه وسلم.
وحول الإجازة الصيفية قال: إن الوقت منقض بذاته منصرم بنفسه ومن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته وعظم فواته واشتدت حسراته, والأوقات سريعة الزوال وعلى المرء أن يعرف قيمة زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة, وللمسلم وقفات في مستهل إجازة العام:
الوقفة الأولى: خير الأسفار ما كان في مرضاة الواحد الأحد, وقد كانت أسفار المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد البعثة دائرة بين سفره للهجرة وسفره للجهاد, وسفره للجهاد هو أكثرها, وسفره إلى الحج والعمرة, وفي السفر يرى المسافر من عجائب الأمصار وبدائع الأقطار ومحاسن الآثار ما يزيد إيمانا بقدرة الله وما يدعوه إلى شكر نعمة مولاه. في السفر انفراج الهم وزوال الغم وأخذ العبرة من الأمم الغابرة, والقرون السالفة فيه حصول العلم والآداب وصحبة الأمجاد واكتساب المعيشة «هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا وكلوا من رزقه وإليه النشور» (الملك: 15).
الوقفة الثانية: ألزم حسن الصحبة في سفرك وتحلى بالمروءة ومكارم الأخلاق واطلب لك رفيقاً صالحاً, إذا ضاقت بك الأمور منه ما يفرج كربك, يقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه: «لا تؤاخ الفاجر فإنه يزين لك فعله ويحب انك مثله ويزين لك أسوأ خصاله».
الوقفة الثالثة: كن مقتديا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم فكان إذا سافر خرج من أول النهار, وكان يستحب الخروج يوم الخميس, وأمر المسافرين إذا كانوا ثلاثة أن يؤمروا أحدهم, ونهى أن يسافر الرجل وحده وأخبر أن الراكب الشيطان والراكبين شيطانان والثلاثة ركب.
الوقفة الرابعة: لقد أسبغ الله عليك نعمة المال والعافية وغيرك حُرم ذلك, فلا يكن سفرك إلا لأمر مشروع أو مباح, واحذر سفر المعصية فصاحبه ينتقل فيه من الأنس إلى الوحشة ومن سرور الأسفار إلى هم مطاردة الأفكار, يقول محمد ابن الفضل رحمه الله: «ما خطوات خطوة منذ أربعين سنة غير الله عز وجل». واشكر نعمة الله عليك بعدم التطلع إلى المعاصي وإياك والبذخ في الإنفاق والتباهي بمالك عند الفقراء المسلمين فمال دُول.
الوقفة الخامسة: تذكر وأنت تسافر للنزهة مشقة سفر العلماء لتدوين العلم وحفظ الدين وهداية الأمة فقد سطروا من الأخبار أعجبها ومن الأحداث أحلكها متعرضين للفقر والجوع والمخاطر رغبة في الثواب ونشر الحق, فقد رحل الإمام إسحاق بن منصور المروزي رحمه الله من نيسابور إلى بغداد سيراً على قدميه حاملا كتبه على ظهره, يسأل عن مسائل فقهية, ورحل ابن مندة يطلب العلم وعمره عشرون عاماً ولم يرجع إلى بلده إلا وعمره خمسة وستون عاما يدون الحديث في تلك السنين الطويلة, ويقول أبو العالية رحمه الله: «كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالبصرة فما نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم». انها همة العلماء وقوة العزيمة ومصارعة الأخطار لخدمة الدين, وتذكر وأنت ترحل بأسرتك للترويح عن نفسك فرحا مسروراً إخوة لك أخرجوا من ديارهم قهرا وشتت أسرهم بين الأمصار جبراً وودعوا أوطانهم فرارا فلم يجدوا مأوى ولا ملاذا. وتذكر وأنت في سفرك حفظ العلماء لأوقاتهم يقول الحسن البصري رحمه الله: «لقد أدركت أقواما كانوا أشد حرصا على أوقاتهم من حرصكم على دراهمكم ودنانيركم».
الوقفة السادسة: فلم التكليف جارٍ على المرء في ظعنه وإقامته فكن داعية خير في سفرك, ولا تزدر نفسك في الدعوة إلى الله, فبركة الرجل تعليمه الدين حيثما حل ونصحه أينما نزل, قال عز وجل إخباراً عن المسيح عليه السلام «وجعلني مباركاً أين ما كنت» (مريم). وبذلك يكون سفرك عبادة ونزهة.
الوقفة السابعة: إن في الإجازة فرص كثيرة للترويج المباح, ولزيارة بيت الله الحرام, والذي تعدل الصلاة فيه مائة ألف صلاة, انها لفرصة عظيمة وتجارة رابحة, ففي زيارة البيت العتيق تعليم أبنائنا قدسية ذلك المكان, وما فيه من مشاعر, وأحداث, والناس يأتون إليه من كل مكان, وهو منا قريب.
والإجازة فرصة لزيارة المدينة النبوية, والصلاة في مسجد النبي الكريم, ثم زيارة القبر الشريف, والسلام على النبي الكريم وصاحبيه, وتعليم أبنائنا حقوق النبي صلى الله عليه وسلم, ومحبته, ومحبة أصحابه, وتعلم السيرة النبوية بمشاهدة أماكنها.
والإجازة فرصة لزيارة المصائف في الداخل والترويج المفيد, وهي فرصة لصلة الأرحام, وتدريب الأطفال والشباب على بعض المهارات, كتعليمهم السباحة, وإدخالهم المراكز الصيفية النافعة التي تنمي مواهبهم, وتصقل مهاراتهم, وفيها حفظ كتاب الله تعالى, ومعرفة السنة النبوية, والأخلاق الكريمة, والعلوم النافعة, والرياضة السليمة, والأنشطة المفيدة, والعلاقات الخيِّرة, وبناء الشخصية.
والأسوأ من ذلك: أن نتركهم لرفقة السوء, ليهدموا ما غرسه الآباء, وما بناه المربون في المدرسة من علم وأخلاق.
إن المراكز الصيفية يديرها رجال التعليم بإشراف من رجال مخلصين – نحسبهم كذلك – وقد أقامتها الدولة مشكورة, وقد رأينا أثرها عاما بعد عام في اكتساب العلوم والمهارات, وقبل ذلك الأخلاق والآداب, وهي محضن مفتوح ومأمون للترفيه والفائدة ولاسيما ونحن نسمع عن الأعمال الإجرامية الأثيمة وفي بلادنا من تخريب من قبل أقوام تطرفوا فكراً وسلوكاً بمعزل عن أهل العلم والتربية.
الإجازة فرصة للإفادة من الأوقات, وقد قال عليه الصلاة والسلام: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك.. وفراغك قبل شغلك». (رواه الحاكم في المستدرك) رقم (7847). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وإذا لم يملأ الفراغ, بالمفيد فربما كان سببا للانحراف والفساد.