الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الثقافي

قضايا ثقافية

رُبَّ مشهور لا أصل له

تاريخ النشر : السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٢



حفل التراث الثقافي العربي منذ بدايات العصر الإسلامي مرورا بالعهدين الأموي والعباسي وما بعدهما بالعديد من الأحداث والقصص والروايات والأحاديث والأبطال الوهميين والدَّس والأكاذيب والاختلاقات التي صارت فيما بعد حقائق لم يتم التصدي لها إلا بعد أن انتشرت كالنار في الهشيم لأن المراحل التاريخية الثقافية التي سبقتنا كان من السهل أن تقول شيئا لينتشر بالصور البدائية والأبواق الكلامية، ففي تلك العصور والحقب لم تولد القوانين الإعلامية بعد ولا حتى القواعد التي تنظم الكلام العامي أو الفصيح أو الرسمي، ويمكن لأصحاب السلطة أن يستأجروا الأبواق ليؤدوا الأدوار المختلفة في إفساد الحياة الثقافية وترسيخ المعتقدات الدينية الخاطئة، معتمدين على المنابر المنتشرة في شتى أرجاء الجزيرة العربية.
بمفرده نجح مؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان في السيطرة على كل مفاصل الثقافة العربية طوال (80) سنة منذ تسلمه أول يوم في السلطة السياسية من الإمام الحسن بن علي، وقال على منبر الكوفة كل اتفاقي معه تحت رجلي هاتين، فاستبد حتى أسّس ما يريد ومن بعده نمت وترعرعت ثقافات عربية نتداولها حتى اليوم، وكان يقول في كل مناسبة أُريد أن يشب الصغير ويهرم الكبير عليها وأشعر بطمأنينة البال انها انتهت أو قاربت على الانقراض.
إن المثقف العربي الحالي الذي لا يجاهد في الحصول على كتب كثيرة أو مجلدات أو مخطوطات لم يطلع عليها بل سمع عنها هو اليوم بحاجة شديدة إليها لأن معظم أو جل المثقفين العرب يمارسون عملية التنظير الثقافية ويغوصون في التاريخ الإسلامي بجهل مدقع وهذا ليس ذنبهم لأن المراجع والكتب والمجلدات لا تتوافر في المعارض العربية الإسلامية والمتوافر منها حفنة تم تحديثها وطباعتها وتوزيعها لتكون منسجمة مع المرحلة التاريخية (السياثقافية).
هل منا لم يشكك في بدايات التاريخ الإسلامي العربي؟ ألم نوجه أسئلة للمعلمين كيف يحدث هذا التحول في التاريخ الثقافي؟ لماذا لم يكن في تاريخنا الثقافي العربي الاستقرار؟ من هو المتسبب في زعزعة الذهنية العربية التي لا تؤمن بأن (الرسول/ النبي) عرج إلى السماوات السبع وبأمر إلهي؟
إن من نسميهم العلمانيين اليوم هم أكثر المشككين في (البراق) ولا يمكن أن تجد ثلاثة من المثقفين يتفقون على رأي (غير علمي) لفعل البراق- كثقافة إسلامية - لأنهم يعتقدون أن ذلك من نتاج خرافات صنعها التاريخ الإسلامي ويرون أن هذا من القول المشهور الذي لا أصل له.
هناك من الاعتراضات التي تقول هل بإمكان (البراق) الرمز أن يقتحم الأرض نحو السماوات السبع؟
إن كان الإنسان العربي والمثقف بالذات لا يؤمن بالقدرات الإلهية العادية التي يمكنها أن تحول منطقة (تسونامي) إلى نقطة منكوبة وهو يراها رأي العين المجردة فكيف بإمكانه أن يؤمن بأن (الأرض تدور) وهي تحت أقدامه؟
تلك من الأشياء البدهية التي عجز عن تفسيرها أهل العلم في الغرب منذ آلاف السنين، لكن معظم المثقفين العرب ومنهم من أنتجوا في العصر الحالي (عصر الحداثية) عشرات المطبوعات الهزيلة في الشعر والرواية والفن والمسرح وصاروا في نظر الأميين (عباقرة) هم في الحقيقة من روَّج للمقولات الثقافية التاريخية (رُبَّ مشهور لا أصل له) ولم يقرأوا الكتب والمراجع الأساسية في الثقافة العربية الإسلامية بل سمعوا عنها وفرضوا أنفسهم على الناس العاديين، انهم الأوصياء على الثقافة وهم في الحقيقة لا يساوون خردلة.
هذه مراجع آمل أن يكون المثقف العربي الصادق مع نفسه قد قرأها وإن لم يقرأها فعليه أن يكابد لأن فيها الحقيقة المدفونة التي يتوق إليها كل واحد صاحب ضمير وعقل ولب في هذه الحياة:
تاريخ الطبري محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هجري- الصحاح الستة - الطبقات الكبرى ابن سعد المتوفى سنة 230 هجرية - المسند الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة 241 هجرية - الإمامة والسياسة ابن قتيبة عبدالله بن مسلم الدينوري المتوفى سنة 276 هجرية _ وأخيراً الكامل في التاريخ لابن الأثير علي بن أبي الكرم الشيباني.
عليك الا تبدأ الحوار قبل أن تعرف من تحاوره لأن هناك من يجمع عشرات الكتب بالإهداء له لكنه لا يعرف عنوان الصفحة الأولى والمفيد أن تكتشف المحاور أول من يبدأ الحوار كما قال الإمام علي (ع) أهاب الرجل حتى يتكلم.