اطلالة
تحرش
تاريخ النشر : الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٢
هالة كمال الدين
اتصلت بي سيدة (متزوجة) في مقتبل العمر، وهي تعمل في مؤسسة خاصة منذ ثلاثة أعوام، وقالت وفي صوتها نبرة حزن شديد:
ليتك تتطرقين في كتاباتك إلى مشكلة مهمة تؤرقني، وتعاني منها آلاف النساء العاملات في عالمنا العربي، وهي تلك التي تتعلق بالتحرش بهن من قبل رؤسائهن في العمل، الأمر الذي ينذر بظاهرة اجتماعية خطيرة، تفقد بسببها الكثير من النساء أعمالهن!
بالفعل، لقد بدأت ظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعاتنا الشرقية تتنامى وتكبر بشكل مخيف، حيث تشير الدراسات العالمية إلى أن حوالي نصف الذين يقومون بالتحرش هم من زملاء العمل، و27% من رؤساء العمل.
وتربط هذه الدراسات بين التحرش والفساد وغياب الرقابة، حيث إن الفساد المالي والإداري يؤديان إلى فساد أخلاقي، من قبل الرؤساء الرجال الذين يتمتعون بسلطة ونفوذ، ويفتقدون إلى الضمير، والأخلاق، وخاصة في ظل انعدام الرقابة.
لا شك أن المرأة العربية اليوم تقع تحت ضغط الحاجة المادية، ومن ثم تضطر إلى قبول هذه الوضعية المؤلمة، إما بالتجاهل، أو بالاستجابة، وذلك خوفا من فقدان العمل، وأحيانا أخرى تجنبا للفضيحة ولتلويث السمعة.
مدير منظمة العمل العربية يقول إن التحرش الجنسي بالمرأة العاملة بدأ ينتشر في الوطن العربي بشكل مفزع، من خلال ارتفاع حالات شكاوى النساء الإدارية ضد مرؤوسيهن، تحت مسميات مختلفة من التحرش.
لقد أصبح التحرش الجنسي بالمرأة في عملها يمثل وجعا في جسد العالم العربي، بل انه بات يمثل آفة العصر، وأزمة المرأة العاملة، وذلك رغم وجود القوانين الرادعة التي لا تطبق في كثير من الأحيان، إما لأسباب تتعلق بإرادة المرأة نفسها، أو لعوامل أخرى خارجة عن إرادتها!
لعل ما يزيد من خطورة هذه الظاهرة المتصاعدة، هذا التكتم والتعتيم الشديدان، اللذان يحيطان بها، نظرا الى الأعراف والعادات والتقاليد والمعتقدات السائدة، والحاجة المادية التي باتت تخرس اللسان، وتكبل الضمير.
فلتتحرر المرأة من صمتها.. وتطالب بأبسط حقوقها في الحياة.. وهو حق الكرامة الإنسانية!!