البطالة الأجنبية السائبة والمظهر الحضاري
 تاريخ النشر : الاثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٢
اطلعت على ثلاثة تقارير نشرت في «أخبار الخليج» عن العمالة الأجنبية. في التقرير الأول يقول فيه كاتب التقرير: «اشتكى المواطنون من أن الآسيويين أحالوا السوق المركزي إلى واحدة من مناطق الفوضى العارمة حيث افترشوا ممراته المخصصة لعبور المرتادين، فما عاد الآخرون قادرين على المرور بين ممراته إلا بشق الأنفس. وانتقدوا بشدة تدني مستوى النظافة في السوق». والاسيويين يسيطرون على نحو ٥٩% من فرشات السوق المركزي يدعمهم في ذلك متنفذون بحرينيون كما يقول التقرير. وفي تقرير آخر طالب مسؤولو القطاع الصحي بإخضاع العمال الأجانب لفحوص طبية إجبارية قبل قدومهم إلى البحرين بعد أن تزايدت حالات الإصابة بالسل بين العمال الوافدين. وقال خبراء في الصحة إنه يتم اكتشاف المزيد من حالات الإصابة بهذا المرض باستمرار ومنها ما يمكن أن يكون قاتلا. على وزارة الصحة إجبار كل المؤسسات والشركات والمقاولين أن يفحصوا العمال الأجانب بشكل دوري وعلى الأخص عند ذهابهم وعودتهم إلى البلاد بعد قضاء إجازاتهم، بهذه الطريقة تكون المؤسسات والشركات قادرة على احتواء أي مرض معد بعد فحص العمال الموجودين لديهم، ولكن الخطورة لا تكمن في هذا بل العمالة الأجنبية السائبة أو بالأحرى العاطلة التي يبلغ تعدادهم عشرات الالوف منتشرين في كل مدن وقرى البحرين، كيف لوزارة الصحة احتواؤهم؟ كيف تسيطر عليهم وهم منتشرون في قرى ومدن البحرين؟ كما هو معروف إن الدول النامية والمتقدمة تستدعي الأيدي العاملة الأجنبية الماهرة لتطوير بلدانها، أما ما نشاهده في مملكتنا البحرين فغير ذلك، لدينا عشرات الالاف من الأجانب العاطلين عن العمل وغير الكفؤين وغير المتعلمين لا يتقنون حتى القراءة والكتابة وغير ماهرين في أي عمل يسند إليهم وهم منتشرون في الشوارع والأسواق منهم من ينظف السيارات وآخرون يفرشون لهم فرشات أو يجرون العربات المليئة بالأسماك والفواكه التي في بعض الأحيان تكون فاسدة ومن غير رقابة صحية وغير ذلك، وبعضهم يعمل في المخابز وفي أماكن بيع المواد الغذائية بصفته يحمل (فري فيزا) كل هذا وليس لديهم شهادات صحية تثبت خلوهم من الأمراض. البعض الآخر وهم الأخطر والقابلون لنقل الأمراض الخطرة وهم الذين يبحثون عن العلب الفارغة ومخلفات الناس من الأدوات البلاستيكية والأخشاب وحديد الخردة. ولم يكتفوا في بحثهم عن المخلفات في الطرقات بل يذهبون إلى حاويات القمامة ليبحثوا عن العلب الفارغة والمخلفات وإذا رأهم أحد المارة لا يرى إلا النصف الآخر من أجسامهم ورأسهم داخل الحاوية كأنهم قطط. إنه لمنظر غير حضاري لم تألفة دولتنا من قبل. إنهم يمثلون خطرا على المواطنين وعلى البيئة الصحية لمملكة البحرين. ويسكن هؤلاء ومعهم العمال الأجانب ذوو الدخل المتدني في منازل آيلة للسقوط. تقول الكاتبة التي أعدت أحد التقارير: «في أحد المشاهد للمنازل القديمة المهددة بالانهيار في العاصمة المنامة، وضعت خشبة طويلة لسند السقف لمنعه من السقوط وكانت الممرات الداخلية الضيقة المظلمة المغطاة بالألواح الخشبية مكدسة بأفران الغاز المعدة للطبخ التي يبلغ تعدادها تقريبا سبعة أفران وتحاط بها حبال طويلة تنشر عليها الملابس لتجف، ووضعت الأطعمة والفواكه التي تباع في الطرقات بأسعار رخيصة في الممرات وبجانب الباب الخارجي معرضة للحشرات والقوارض». أما عن عدد الأشخاص في الغرفة الواحدة فينام في كل غرفة ثمانية أشخاص. وفي نفس التقرير يقول أحد أعضاء المجلس البلدي لمحافظة المنامة، أن ديمغرافية المنامة تغيرت فأصبح يعيش فيها ١٢% بحرينيون والباقي أجانب.
ويقول أحد الحقوقيين وهو الأمين العام لجمعية البحرين لحقوق الإنسان: «البعض يتاجر بجهود العمال المهاجرة ويستغل حاجتها إلى العيش الكريم، وتتمثل الانتهاكات في الاتجار بالبشر وهي أكبر مشكلة يعانيها الكثير من العمالة السائبة وهي تعمد بعض ضعاف النفوس أن يتحصل على رخص لجلب العامل (فري فيزا) حيث يستقطع من كل شخص مبلغا من المال يتراوح بين ثلاثين إلى خمسين دينارا ويتركهم، وبالتالي فهم يبحثون عن سكن رخيص ويتجمعون فيه من حيث لا يستوعب السكن الكم الذي يقطنون فيه حيث تقع الكارثة وتكون كارثة جماعية مثل الكارثة التي حدثت في شهر مايو ٢٠١٢ وأدت إلى وفاة عشرة أشخاص من الآسيويين». أين وزارة العمل؟ أين وزارة البلديات؟ أين وزارة الداخلية من كل الذي حاصل في مملكتنا من ازدياد البطالة الأجنبية؟ لماذا لم يسارعوا في حلها واحتوائها في أسرع وقت ممكن؟ إن البطالة الأجنبية لم تهدد الصحة فحسب بل لها سلبيات أخرى أخطر مثل ازدياد الإجرام والفقر والمرض إن لم تسارع الوزارات المعنية بذلك في حل هذه المشكلة وبأقصى السرعة فسيحدث ما لم يحمد عقباه، بعد ذلك لا يفيد الندم.
«كلمة أخيرة أوجهها إلى وزارة الإسكان، إن البيوت الآيلة للسقوط منتشرة في العاصمة المنامة ومدينة المحرق تهدد قاطنيها والمارة بالأخطار وتعيش فيها القوارض والحشرات ويملك هذه البيوت أناس لا يستطيعون إعادة بنائها لذلك أناشد وزارة الإسكان أن ترصد ميزانية خاصة لإعادة بناء هذه البيوت وقطع مبلغ من أصحاب هذه البيوت كل شهر كقرض طويل الأجل وإذا كانت هذه البيوت مؤجرة وصاحبها لا يستطيع إعادة بنائها على الوزارة قطع نصف دخل الإيجار بعد الاتفاق بين صاحب العقار والوزارة حتى تستوفي الوزارة حقها، وهذا هو الحل الأمثل كي يعود جمال هاتين المدينتين العريقتين إلى سابق عهدهما. وإذا لم تتدخل وزارة الإسكان في حل هذه المشكلة فستتحول هاتين المدينتين الى أطلال وبيوت خربه تسكنها القوارض والحشرات».
عبداللطيف النفيعي
.