الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير




المستعمرون يطرقون أبواب البحرين مجددا و«الوفاق» تفتح لهم

تاريخ النشر : الاثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٢

فوزية رشيد



} أعود وأقول اني لم أر في حياتي معارضة في أي مكان في العالم تؤدي (الأدوار المركبة والمتداخلة) التي تؤديها «الوفاق» اليوم وأذنابها ومشتقاتها من الجمعيات غير المرخصة، لفتح الباب مشرعا أمام التدخلات الخارجية سواء الغربية أو الإيرانية بمعاضدة الخدم الطائفيين خليجيا وعربيا، لكي يتدخل الطامعون ويلعبوا بوطنهم ما شاء الله لهم من لعب وعبث وحياكة اللقاءات السرية، وليسوقوا بعدها شعارات الحرية والكرامة والبطولة والوطنية والنضال، وحجج المظلومية الواهية التي لن تنتهي بالطبع بالنسبة إليهم إلا حين تسلمهم الكامل للسلطة، كما يأملون، وكما فعل قبلهم نظراؤهم في العراق تماما.
×هؤلاء «المدللون» اليوم بين حضن استعماري وآخر، دولي وإقليمي، لم يكتفوا بكل الكوارث التي تسببوا بها لهذا الوطن الصغير وشعبه الآمن المسالم، أفسدوا بها حتى طبيعة الناس وأرواحهم جراء لعبة الغدر الفادحة، بل هم كما يبدو مستعدون لأن يتاجروا في أي شيء وبكل صفاقة ولا أخلاقية، حتى إن تم تخريب بلدهم واختطافه إلى جهة الدمار كالعراق تماما.
هذا الدور المشبوه والمعوّق أصلا للإصلاح وللديمقراطية، هو دور تراه الغالبية الوطنية دورا وضيعا ومبتذلا حتى وهم يجاهرون به بمسميات كاذبة ومخادعة.
} إن حراكهم المشوه والعميل آن الأوان لكي تتصدى له الدولة بحزم، ويتصدى له الشرفاء والوطنيون بجدية، فقد بلغ السيل الزبى، ولن يستعيد هذا الوطن هدوءه أو أمنه واستقراره أو نموه ونهضته، إلا بقطع دابر هؤلاء كرؤوس فتنة وتحريض وعمالة ولائية وغيرها، مثلما قطع جذورهم من الحياة السياسية الوطنية، وكما يطالب الكثيرون، حتى لو اضطرت الدولة إلى حل الجمعيات السياسية التي يديرها هؤلاء، ثم إعادة تشكيلها (بقيادة جديدة على أساس وطني بحت)، لا تتلاعب بالحريات والإصلاح والديمقراطية، التي لا أحد يعتقد أن البحرين مطلوب منها أن تزايد بها على الدول الديمقراطية والغربية العريقة التي تقطع بشأن سريع أي إصبع تفكر مجرد تفكير في المساس بأمنها واستقرارها.
} كفانا عبثا بالبحرين، وكفى الدولة استرضاء لهؤلاء، على أمل حلم خادع (بأن يعود المتطرفون والانقلابيون والتخريبيون والإرهابيون إلى رشدهم)، لن يعودوا، فهؤلاء لديهم ارتباطات ولائية عقدية وأخرى سياسية بات يعرفها الجميع، تداخلت مع مشروع إيراني إمبراطوري صفيق ومشروع أمريكي آخر مماثل أكثر صفاقة، تريد بدورها أن تبني قوتها الكونية والاقتصادية والسياسية على دماء وأشلاء الشعوب وخراب الأوطان، وهؤلاء في البحرين لا يختلفون عن الخونة الذين سلموا العراق لزواج المتعة الأمريكي ـ الإيراني تحت مسمى المعارضة أيضا، ولا يختلفون عن الآخرين، الموظفين سياسيا، من أبناء التدريب لدى المنظمات الأمريكية والغربية والإيرانية الولائية، من أجل نشر الفوضى في بلدانهم، هؤلاء عبيد ومأمورون، كل عدتهم السياسية الأساس ما تلقوه من تلقين ببغائي لدى منظمات أسيادهم، التي إلى جانب تدريبهم، هي بالطبع تسندهم وتدعمهم وتمولهم لذات الغرض.
} هؤلاء إذًا يؤدون وظيفة اسمها (تخريب الوطن وتمزيقه وبث الفتنة فيه ووضعه على سكة الدول الطامعة)، حالهم حال أي موظف مأجور يقبض مقابل أتعابه، ويتعيش على ذلك، مع فارق أن الموظف راتبه محدود، وهؤلاء الموظفون لفعل الخيانة الوطنية دخلهم بلا حدود، لأن التمويل الخارجي يفتح صنابيره لهم، كلما نجحوا في مهمة التدمير، ويفتح لهم مقار الإقامة وفنادق المؤتمرات.
هؤلاء بكل وضوح عصابات ومافيات (سياسية) يتنقلون من بلد إلى آخر، ومن منظمة إلى أخرى، ويفبركون ويكذبون ويلفقون ويقلبون الحقائق، ويتسمون بكم هائل من البجاحة والوقاحة واستخدام ألفاظ السباب والشتائم، حتى يخلخلوا كل القيم الإنسانية والثوابت الوطنية الراسخة، فتلك هي مهمتهم ووظيفتهم، فإذا ما ارتبطت الوظيفة بخداع ديني كاسح، مرتبط بالمتاجرة في الدين والمذهب والولاء للمراجع، انقطع أي خيط أمل لعودة أي منهم إلى رشده.
المسألة متداخلة ما بين المصلحة الفردية والمعتقد الجمعي للطائفة، ومصطلحات ومفاهيم التقديس والقدسية، والإفتاء والفتوى، التي يتم بها تحريك القطيع، ولا وصف هنا غيره بعد غسل أدمغة من فيه، وهي حاضرة طوال الوقت، ليتحول هؤلاء القائمون بفعل خيانة الوطن، إلى قادة يحركون قطيعهم هذا أينما شاءوا وكيفما شاءوا، وليبرزوا أنفسهم أمام هذا القطيع نفسه أنهم مناضلون وأبطال وأحرار... الخ.
هذه الخلطة المركبة بين مصالح الذات وأنانيتها ووهم الزعامة والنضال والتحدث بالإصلاح والديمقراطية هي التي هيأتها وخرجتها المدرسة الأمريكية والمدرسة الصفوية الإيرانية، لتحقيق الأجندات والمشاريع. هؤلاء ليسوا أبناء الوطن لأنهم خرجوا منه تماما للأسف ومن التعبير عن مصالحه الحقيقية.
} إذا لم تع الدولة ويع كل الوطنيين والشرفاء في البحرين هذه الحقيقة المرة، ويتعاملوا مع هؤلاء بما يستحقه دورهم ووظيفتهم في التخريب من موقف مضاد، وبالتالي إيقافهم عند حدهم مهما كان الثمن، فان البحرين لن يرحمها المأجورون والعملاء، وبالنتيجة لا رحمة واجبة لهم بالمقابل مهما سعى تجار المصالحة والتسامح في سعيهم إلى تبييض صفحاتهم السوداء بالتشديد على الحوار معهم وتحقيق مطالبهم التي هي أول الطريق، ولتجار المصالحة والتسامح هؤلاء، نطلب إليهم بعض الحياء، وخاصة أن أغلبهم ممن ترك الوطن في مهب الريح حين الأزمة، وجاءوا اليوم ليستعيدوا (دورا مناقضا) يحسبونه دورا وطنيا وهو ليس كذلك، لأن الدور الوطني يتطلب في هذه المرحلة البحث عن أسباب وجذور الأزمة، ومحاسبة ومحاصرة قادتها المستمرين حتى اللحظة في دعم العنف والإرهاب والدفاع عنه، وفتح الأبواب للتدخلات الأجنبية والخارجية، وليس الوطن ولا الشرفاء بحاجة إلى (الدعوات العاطفية والرومانسية للمصالحة) فيما أطراف الأزمة مستمرون في أفكارهم وتسقيطهم للحياة البحرينية وأسسها الوطنية والسياسية، مثلما هم مستمرون في التخريب وممارسة العنف والإرهاب عبر القطيع الغوغائي الذي للأسف صنعوه صناعة عقدية وسياسية.
×ليس بالإمكان الشروع في مصالحة، كما أرادوا تسميتها، إلا بعد وضع النقاط على الحروف، وقطع الحبال مع المتسببين فيها وفي كوارثها وتبعاتها، وتأكيد تطبيق القانون والمحاسبة والمعاقبة كما قلنا مرارا، وأن يتخلى الانقلابيون عن مشروعهم الانقلابي، وأن يعتذروا إلى الشعب وإلى جمهورهم عن كل ما تسببوا به من خطايا وأزمات، تنفيذا لأجندة غير وطنية حتى إن بح صوتهم لايهام الناس بوطنيتها.
ولأن هذا لن يحدث فإنهم منساقون خلف تآمرهم على الوطن، وهم وحدهم اليوم من يفتحون الباب أيضا مشرعا للتدخلات الأجنبية ولعودة الوصاية والحماية ولعودة المستعمرين، وممارسة الضغوط على الدولة
ـ وللغرابة! ـ بشعارات الحرية والكرامة والإصلاح والديمقراطية. الأولوية اليوم لمواجهة كل من يفتح الباب للمستعمرين للتدخل في شؤوننا الداخلية، ومحاصرتهم وتطبيق القانون عليهم ورفع مشروعية الغطاء السياسي عنهم باعتبارهم معارضة صحيحة ولا أقل، فهل ستقوم الدولة بدورها المطلوب في هذه المواجهة الجديدة؟ وهل سيقوم الشرفاء والوطنيون بالدور الوطني المطلوب لمواجهة المستعمرين الجدد وأدواتهم في البحرين؟