هوامش
الشعب الفلسطيني ضحية النفاق الأمريكي
تاريخ النشر : الاثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٢
عبدالله الأيوبي
المتتبع لمسار سياسة الكيان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة يدرك جيدا أن قادة العدو ومن مختلف الأحزاب السياسية يجمعهم موقف واحد حيال هذه الحقوق يتمحور حول رفض إعادة جزء من الحقوق الفلسطينية إلى أصحابها الشرعيين، الجزء المعني هنا هو الضفة الغربية وقطاع غزة كاملان، وهما المكانان المرشحان إلى احتضان الدولة الفلسطينية المستقلة، فقادة العدو لا يتوانون لحظة واحدة عن التأكيد أن مدينة القدس المحتلة لن تقسم بين الكيان الصهيوني والدولة الفلسطينية الموعودة، كما أن آلة البطش والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين لم ولن تتوقف بغض النظر عن الحزب السياسي الذي يقود الحكومة الصهيونية، فلا فرق بين العمل والليكود فيما يتعلق بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وسياسة الخنق المستمرة حيال المواطنين الفلسطينيين.
فقطاع غزة يشهد منذ أكثر من أسبوع اعتداءات صهيونية بشكل يومي سقط خلالها العديد من الشهداء بمن فيهم أطفال، ناهيك عن الإصابات وتدمير منازل المواطنين الفلسطينيين، كل ذلك يجري على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي يبدو أنه يدخل في غيبوبة تامة عندما يتعلق الأمر بحقوق المواطنين الفلسطينيين الإنسانية أو السياسية، الأمر الذي شجع العدو الصهيوني على مواصلة اعتداءاته ومصادرة الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني ورفض الإذعان لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع في المنطقة.
فبعد كل جريمة يقدم العدو الصهيوني على ارتكابها بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة أو في غيرها تخرج علينا الإدارة الأمريكية بتصريحات تبرر هذه الجريمة وتعتبرها حقا مشروعا «للدفاع» عن النفس، ولا تنظر، بل تتجاهل انعدام التكافؤ بين شعب أعزل لا يمتلك من السلاح إلا البنادق الرشاشة وقليلا من «الصواريخ» العديمة التأثير، وبين جيش مدجج بأحدث ما أنتجته مصانع السلاح الأمريكية، بل ان العدو يستخدم أحدث الأسلحة القاتلة في تنفيذ اعتداءاته ضد المواطنين الفلسطينيين، وقد شهد قطاع غزة أبشع الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين العزل، ومع ذلك لا تخجل الإدارة الأمريكية من تبرير مثل هذه الجرائم.
مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل النصيب الأكبر من التدهور المتواصل للأوضاع في المنطقة العربية واستمرار العدو في سياسته الرعناء وتجاهل مختلف قرارات الشرعية الدولية، فالإدارات الأمريكية المختلفة لا تتردد عن تقديم مختلف أشكال الدعم للكيان الصهيوني، وهذه الإدارات لا تكتفي فقط بتمكين العدو من امتلاك أحدث الأسلحة الأمريكية، بل توفر لسياسته العدوانية المظلة الواقية ضد أي توجه دولي يستهدف إدانة الكيان الصهيوني بسبب سياسته العدوانية وإفشال مختلف المبادرات السياسية التي تستهدف إيجاد حل يعيد للشعب الفلسطيني جزءا من حقوقه التاريخية في وطنه.
فالمواقف الأمريكية في المحافل الدولية كلها تصب في صالح العدو الصهيوني، بل ذهبت أمريكا إلى أبعد من ذلك حين استخدمت حق النقض الفيتو في وجه المطلب العربي بإدانة سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يؤكد بما لا يدع أي مجال للشك أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك مباشر في العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولا تختلف في موقفها من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني عن موقف الكيان الصهيوني من هذه الحقوق.
فقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية المنظمات الدولية لفرض سياستها على العديد من الدول، ولكنها فيما يتعلق بالكيان الصهيوني فإنها تعطل دور هذه المنظمات، بل تحاربها أيضا إذا ما جرؤت واتخذت موقفا ضد الكيان الصهيوني أو لمصلحة الشعب الفلسطيني، فأمريكا أوقفت مساهماتها المالية في اليونسكو لأن هذه المنظمة قبلت فلسطين عضوا فيها، لتقدم أمريكا بهذا الموقف دليلا قاطعا على عدائها السافر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتبرهن على أنها المعطل الأول لنيل هذه الحقوق.
من دون هذه المظلة السياسية الأمريكية لحماية الكيان الصهيوني، ما كان لهذا الكيان القدرة على الصمود في وجه الدعوات الدولية المتصاعدة والمتزايدة لمطالبته باحترام المواثيق الدولية فيما يتعلق بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتمكين هذا الشعب من إقامة دولته المستقلة فوق أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والاعتراف بالقدس عاصمة لهذه الدولة، فالمجتمع الدولي كله تقريبا يرفض من حيث المبدأ سياسة قضم الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى مستوطنات بشرية، ولكن آلية ترجمة هذه المواقف إلى أفعال تصطدم بالموقف الأمريكي الرافض ممارسة أي شكل من أشكال الضغط على الكيان لإرغامه على الإذعان لهذه الدعوات وللقرارات الدولية ذات الصلة.