الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


أذان في غير وقت الصلاة

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢



في حديث مع اقتصادي معروف قال لي «لو إنني كنت سأشير بإصبعي إلى سبب واحد وراء الوضع الاقتصادي المتدهور في البحرين - غير الكارثة الاقتصادية العالمية التي تسببت في المشاكل في دول العالم كلها - لوجهت إصبعي إلى شخصية بحرينية واحدة كانت السبب الرئيس وراء انتشار الفساد والجشع وغالبية المشاريع غير المكتملة».
وواصل قائلا «فمع بداية دخول هذه الشخصية في المجال الاقتصادي كانت دائمة العبث بجهاز الحاسب (الكالكوليتر) لتحسب بالذات متى ستصل إلى الرقم السحري وهو المليون دينار التي كانت بغيتها منذ أن بدأت في رحلة الغش والنصب التي لعبتها على كل من جنت عليهم وعلى عقولهم بالحلاوة واستدرجتهم بالحيلة والوعود الكاذبة».
واستطرق قائلا «والمدهش في هذه الشخصية أنها ومنذ الوهلة الأولى خططت لعملية الغش التي كانت ستلعبها على عقول المستثمرين، فقد قامت بدهائها وتلاعبها تخيط وتبيط وأبعدت من فريقها العامل كل من كان يخاف الله وكل من كان يمتنع عن الالتفاف على الضوابط والمعايير الشرعية فكانت تعتبر من يقف بضمير في وجهها عائقا لها في طريقها إلى المجد الذي كانت تصبوا اليه من خلال عملية الغش والاحتيال على ذقون الآخرين ومن خلال الصعود على ظهورهم».
«وقد سطعت شخصيتنا بسرعة البرق في الأوساط إلى درجة أن الناس بدأت تنظر إليها على أساس أنها لا تلمس شيئا الا يتحول إلى ذهب في حين أن كل ما كانت تفعله كان غشاً واحتيالاً وعمليات حسابية لا تنطلي على أذهان أي سلطات رقابية في أية دولة أخرى، ولكن استغلالها لأسماء معينة وادعاءها أنها مرتبطة بهم سهلت عليها خططها وأرهبت كل من كان يفكر في مساءلتها، في حين أن هذه الأسماء لم ولن تساندها في مخططاتها الفاسدة».
«ففي طريقها مثلا إلى السطوع قامت شخصيتنا الفارغة ثقافياً والممتلئة مكراً واحتيالاً بتسميم كل من كان في طريقها إلى أعلى القمم فكانت ترشي من يرتشي وتهدي الهدايا لمن لا يرتشي وتُمنّي من تُمنّي وتُربِّح من يحب الربح وتواعد من ترغب في الاستفادة منها وباللغة العامية «تُدسِّم الكل» إلى درجة أن الكل بات متسمما من يد شخصيتنا، وهذا طبعا كان مناسباً لها حيث إن هذا كان معناه قابلتكم في رحلة الصعود وإن اضطر الأمر إلى أن أنزل فإنني سأقابلكم في النزول بل وسأجركم معي».
«فمن أشهر ألاعيب شخصيتنا مثلاً أن شخصيتنا برفقة الفاسدين من الموظفين حولها كانت تضع عينها على شيء معين لتقتنيه للجهة التي تديرها - لمشروع إما وهمي تدعي أنها ستقيمه أو مشروع تعمل على إنجازه من خلال شركات ذات غرض خاص يتم تأسيسها خارج البحرين وتكون خاضعة لقوانين تلك الدول في خارج البحرين لتتوقف في نصف الطريق وتبيع الشركة إلى شركة أخرى وهمية تنشؤها شخصيتنا أو من هم مقربون إليها أو شركاؤها في نفس اللعبة - وللحصول على ما تضع عينها عليه تجند شخصيتنا فلانا وعلانا وتبدأ بعد ذلك لعبتها في اقتنائه عن طريق من تجندهم إما كعطية أو في صورة هبة أو بسعر بخس ليباع بعد ذلك إلى الشركة الوهمية ذات الغرض الخاص بسعر مضاعف اضعافا مضاعفة ولتتقاسم الأرباح بهذه الطريقة مع من جندتهم ضاربة عرض الحائط كل ما هو معروف أو مسلم به من شروط وضوابط وانظمة حوكمة وقوانين «فالفلوس تغير النفوس» والكل في هذه الحالة مستفيد «فلا من شاف ولا من دري». ومن الخسران؟ الدولة؟ أو المساهم العادي؟ علما بأن غالبية أعضاء مجلس إدارتها مسممون من قبلها فلا مساءلة ولا رقيب».
ويواصل خبيرنا «والغريب أنه ولو كنا في أي نظام قانوني آخر لما نجت شخصيتنا بأفعالها كل هذه السنين بل إنها تقول الآن وتكرر أنها أنظف من أن تساءل فقد جربت الجهة الرقابية المعنية بها أن تفتش عليها ولم تجد شيئاً تدينها به - مما نجده غريبا أو غير معقول لأن أي إنسان ذي أنف عادية بإمكانه أن يشم رائحة فساد شخصيتنا من مسافة كذا وكذا - فشخصيتنا تقوم وتقعد وتردد «لم يجدوا ضدي شيئاً إذا أنا نظيف وبمعنى آخر أنا فوق القانون».
«ولم يسلم من التسمم حتى موظفي شخصيتنا حيث أنها سممتهم بطريقة خبيثة أخرى فقد منحتهم الرواتب والمنح المالية (البونسات) الخيالية لتجعلهم بذلك مدمنين على رواتب عالية لم ولن يحصلوا عليها وإن حاولوا في أية جهة مماثلة أو شبه قريبه، وبهذا أصبحوا رهن إشارة شخصيتنا الفاسدة وإن نفشوا ريشهم أو ريحوا أنفسهم أكثر من اللازم فصلتهم ليس إلا لمرض في نفسها أحبت فيه أن تراهم يعانون من شح الموارد، فشخصيتنا لا صاحب لها إلا الدينار»ويواصل خبيرنا ليقول «إن الغريب أن الكل يعلم عن شخصيتنا ولا أحد يتخذ خطوة واحدة سلبية ضدها وهذا ما يحدو بها الى أن تتمادى أكثر وأكثر. والآن تردد وبكل وقاحة وجرأة أنها فوق القانون».
وقد أذنت الآن في غير وقت الصلاة فهل يا ترى سمع الخليفة المعتصم؟
* محام ومستشار قانوني