مقالات
للثلثاء.. وكل يوم
اختلاف السياسة... لا يفسد ودّ الاقتصاد
تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢
كتب الكثير عن اختلافات ناشبة بين دول مجلس التعاون حول أمور سياسية أساساً، وأبرزها وآخرها: مشروع لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله حول الانتقال من التعاون إلى الاتحاد. وشحذ ناشطون سياسيون كارهون للاقتراح سيوفهم لمقاومته باسم الديمقراطية. والمهم أن يتسع صدر الجميع للجميع. وأن يستطيع المراقب المتجرد التقاط الجوهري وسط ركام الجدل للتفريق بينه وبين الثانوي.
اللافت للخبر أن المُختلفين سياسياً، برروا اختلافهم بالرغبة في استكمال المجلس لتمتين أسسه الاقتصادية لتشييد بناء سياسي للمجلس عليها لاحقاً. وبغض النظر عمّا إذا كان محتوى مثل هذا جدل، صحيحاً أو أنه يُطرح من باب اللباقة الخليجية، واللياقة البدوية، فهو ينوّه بالوحدة ويختلف في التوقيت. وسيجد المفتش في التاريخ صراعات بين كيانات الخليج وأسرها الحاكمة أوصلت في مرات عديدة إلى الاقتتال. والمهم هو أن يسير أعضاء الاتحاد متفقين على حق الاختلاف، فلا يضغط وحدويون على الداعين لتأخير السياسي وتبني خطوات الاقتصاد، ولا يدفع الأخيرون الداعون الى الوحدة للحد من أفكار يطبقونها لزيادة العلاقات بينهم. وباختصار يجب إبقاء الباب مفتوحاً للجميع وبالجميع.
وكتوضيح لتلك الحالة يذكر أن مدينة الدمام شهدت اجتماع لجنة السياحة الخليجية التابعة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي برئاسة ممثل عمان إبراهيم النبهاني في 23 حزيران (يونيو) الجاري واتفق الكل على المضي قدماً في توحيد الاقتصاد. وناقشت اللجنة العمل الاستثماري السياحي الخليجي المشترك وإصدار تأشيرة موحدة للزائر الأجنبي وتسيير رحلات بحرية بين دول المجلس وتأسيس هيئة سياحة خليجية. وأوصت اللجنة باعتماد مقترحات الأمانة العامة حيال توظيف أبناء دول المجلس في القطاع السياحي ودراسة إمكانية تكوين شركة مساهمة خليجية للاستثمار السياحي.
احتاج تبني بعض تلك الخطوات، بتجارب تكتلات اقتصادية أو سياسية أخرى، الى سنوات أو ربما عقود. وقد ترتدي تلك الخطوات أهمية وتترك آثاراً لا تقل عن خطوات سياسية. ولكن من المهم إيجاد منصة ديمقراطية بقدرها الأدنى وبضمانات استقلال كل كيان لكي يتفاعل الجميع بحرية تكفل لهم القبول بما يريدون ويقع ضمن مصالحهم من خطوات وترك غيرها، من دون توجس من أي رد فعل سلبي. والاقتصاد به أعمال كثيرة تنتظر التنفيذ. ومجموعة الخطوات التي بحثت بالدمام بها إمكانات كثيرة وفرص وافرة للاستفادة منها، وتعد بأرباح تغري مستثمرين محليين أو عالميين.
وتبرز المشكلة أحياناً حين تعقد مقارنات بين المسيرة الخليجية وتجارب عربية سابقة، أو مع مصائب بلدان اليورو فتلتبس أمور وتنتهي الى استنتاجات خاطئة. حينها قد يقع وحدويون عرب في سلبية عكس مرارات التجارب العربية على الخليج. ويجد أصحاب المقارنة مع أوروبا أنفسهم في محاولات قسرية مماثلة، تبدأ في استحضار مطبات الوحدة النقدية واليورو ولا تنتهي إلا بمثل اليونان السيئ الصيت.
والخليج مختلف سكاناً وثقافة وموقعاً ومسيرة، وقراءة تجارب الآخرين تتطلب معرفة الفروق كما التشابه.