الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


حقائق أمام الرئيس مرسي

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢

السيد زهره



تعهد الرئيس المصري الجديد المنتخب محمد مرسي في أول خطاب يوجهه الى الشعب بأن يكون رئيسا لكل المصريين, وأكد على الوحدة الوطنية. وخطابه بشكل عام كان خطابا تصالحيا.
هذه بداية طيبة وخصوصا على ضوء الحقيقة المعروفة من ان قطاعات واسعة من الشعب المصري وقواه السياسية لديها مخاوف جدية من انتمائه إلى الاخوان المسلمين بفكرهم المعروف, وهم ينتظرون كي يروا كيف سيكون أداؤه والى أي اتجاه سوف يسير.
وعلى العموم, بغض النطر عن النوايا الطيبة وعن الوعود التي قطعها الرئيس الجديد على نفسه, فإن هناك عددا من الحقائق في الواقع المصري اليوم مطروحة أمامه, او بمعنى أصح تفرض نفسها عليه. ومن المفترض ان يتصرف وفقا لهذه الحقائق.
وأهم هذه الحقائق ما يلي:
أولا: من المفهوم بداهة انه ما كان لمحمد مرسي ان يصبح رئيسا لولا ثورة 25 يناير.
الثورة هي صاحبة الفضل الأول عليه, هذا مع العلم كما هو معروف ان الاخوان لم يكن لهم فضل في قيام الثورة أساسا, ودورهم فيها بعد ذلك هو بشكل عام دور محدود.
والثورة لم تقم من أجل تمكين الاخوان أو أي قوة أخرى بعينها من حكم البلاد. الثورة قامت من أجل التغيير الوطني الشامل ومن أجل إقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
الثورة بعبارة أخرى في أهدافها وغاياتها وطبيعتها أكبر من الاخوان بكثير جدا.
وإذن, فإن مرسي كأول رئيس منتخب بعد الثورة وجاء بفضلها مطالب بأن يحكم ويتصرف كرئيس لكل المصريين فعلا, وليس كممثل لجماعة الاخوان, ومطالب بان يسعى لتنفيذ أهداف الثورة الوطنية العامة, لا أهداف وبرامج الاخوان وحدهم.
ثانيا: انه على الرغم من ان الرئيس مرسي فاز بإرادة الشعب في انتخابات حرة, لكن يجب ألا يغيب عن باله ان التأييد الفعلي الذي حظي به من جانب الشعب هو في نهاية المطاف تأييد محدود.
معروف ان نسبة كبيرة من الذين صوتوا له في جولة الإعادة التي فاز فيها فعلوا ذلك ليس اقتناعا به ولا ببرنامجه, وانما فعلوا ذلك مكرهين بمعنى من المعاني. أي انهم صوتوا له فقط لأنه كان الخيار الوحيد المتاح إمامهم كي يحولوا دون وصول مرشح يعتبرون انه ينتمي إلى النظام السابق هو الفريق شفيق.
وحتى مع هذا الدعم الذي حظي به من القوى الثورية ومن قطاعات كثيرة في المجتمع لهذا السبب, فإن الفارق بينه وبين شفيق في النتيجة النهائية ليس فارقا كبيرا بل محدود للغاية.
حقيقة الأمر ان حجم التأييد الفعلي الذي حظي به مرسي من الشعب يتمثل في الخمسة ملايين صوت التي حصل عليها في الجولة الأولى من الانتخابات. أي انه حظي في الحقيقة بأقل من نسبة 10% من أصوات المصريين الذين يحق لهم التصويت.
هذه الحقيقة تعني ببساطة ان الرئيس مرسي على الرغم من فوزه, فإنه في حقيقة الأمر لم يحصل على تفويض شعبي كامل بأن يفعل ما يشاء, أو بتفويض بان ينفذ أفكار أو برامج الاخوان المسلمين, أو حتى برنامجه هو الخاص ويتجاهل البرامج والرؤى الأخرى.
ثالثا: وترتبط بما سبق الحقيقة التي كشفت عنها انتخابات الرئاسة بجولتيها من وجود قوى كبيرة ومؤثرة في المجتمع تحظى تقريبا بقوة متساوية في الشارع المصري.
الانتخابات أظهرت وجود الاخوان – بالطبع - كقوة شعبية. ووجود معسكر الثورة كقوة كبرى عبر عنها في الجولة الأولى المرشح حمدين صباحي بالأصوات التي حصل عليها. ووجود الذين يعتبرههم الكثيرون محسوبين على النظام السابق وهم أيضا قوة كبيرة تجسدت في الأصوات التي حصل عليها شفيق. وبالإضافة إلى هذا, هناك المؤسسة العسكرية بالطبع كقوة في المجتمع.
بعبارة أخرى, الاخوان الذين فاز مرشحهم محمد مرسي, هم على الرغم من فوزه مجرد قوة واحدة من بين قوى كبيرة أخرى معروفة ولها وجودها المؤثر في الشارع.
رابعا: وبالإضافة إلى هذا كله, فإن مصر بشكل عام بتاريخها وحضارتها وطبيعة مجتمعها وانفتاحها ودورها الثقافي والحضاري والسياسي أيضا في المنطقة, لا يمكن ان يدار الحكم فيها انطلاقا من فكر ضيق أو منغلق, أو بفكر ورؤى جماعة واحدة سواء كانت الاخوان أو غيرها.
إذن, هذه هي الحقائق المطروحة أمام رئيس مصر الجديد اليوم محمد مرسي, والتي من المفترض ان يحكم على ضوئها.
بالطبع, من حق الرئيس مرسي ان يعطى الفرصة الكاملة في الحكم, لكن هذه الحقائق تعني انه ليس مطلق السلطة لأن يفعل او ينفذ ما يشاء من دون ضوابط. هذه الحقائق تعني انه يجب ان يكون رئيسا فعلا لكل المصريين, وان يشرك كل هذه القوى المؤثرة في عملية صنع السياسة واتخاذ القرار, وان يخلع عباءة الاخوان فعلا لا قولا فقط.