الجريدة اليومية الأولى في البحرين


التحقيقات

ندوة حقوق المرأ تكشف عن:
علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢



حرص الإسلام على الارتقاء بالمرأة واعترف لها بالاستقلالية في أمورها المادية وأعطى لها حقوقا تعادل ما عليها من واجبات، وساوى بينها وبين الرجل في الثواب والعقاب، وانطلاقا من اهتمام القيادة بمتابعة تجارب الدول العربية في مجال قانون الأسرة استضافت مملكة البحرين الندوة الترويجية الثانية لمشروع منظمة المرأة العربية بعنوان: حقوق المرأة الإنسانية علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي التي ينظمها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع منظمة المرأة العربية والمجلس الأعلى للقضاء، حيث تسلط الندوة الضوء على الأحكام القضائية الصادرة في الدول العربية الأعضاء التي تميزت بكونها شكّلت علامات فارقة في مسار الاجتهاد وأرست مبادئ قانونية تصون وتحمي حقوق المرأة في الدول العربية الأعضاء وممارسات قضائية منصفة في مجال حقوق المرأة ألإنسانية وزيادة الوعي بالحقوق الإنسانية للمرأة لدى المسؤولين، وردم الهوة بين النص المنصف للمرأة وواقع تطبيقه.
أخبار الخليج ألقت الضوء على تجارب بعض الدول في هذا المجال ورصدت أراء مجموعة من النساء البحرينيات لمعرفة النواقص في قانون أحوال الأسرة ورصدنا أراءهن خلال السطور التالية:
بداية تؤكد أستاذ مساعد بكلية القانون بجامعة النيلين رئيس قسم القانون الجنائي د.بلقيس عبدالرحمن حامد فتوتة ان القضاء السوداني عالج الخلط بين ضرب الزوجة ضرراً والذي تعارف عليه الناس في السودان بادعاء ألتأديب وقرر أنه يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ويستوجب تطليق المرأة. وانتهى القضاء إلى أن ما يستوجب التطليق للضرر كل ضرر يلحق بالزوجة ويتنافى مع تعاليم الإسلام كما قرر القانون أحقية المرأة في حضانة أبنائها القصر وان تزوجت بأجنبيي كما أذنت المحكمة للبنت بالزواج إن كان امتناع الولي عن زواجها منمدون مسوغ شرعي.
قانون الزواج
وعن قانون الزواج بالأردن تقول القاضية الأردنية إحسان بركات :القضاء الشرعي في الأردن حمى وصان حق المرأة الإنساني في المهر وفي إعطائها الحق في المطالبة به قضائياً، ويبرز الأثر النوعي لهذه الأحكام في أنها كرست مبدأً قانونياً منصوصاً عليه في قانون أصول المحاكمات الشرعية الأردني رقم (31) لسنة 1959، وكذلك أعطى المرأة الحق في إثبات عقد الزواج بكافة وسائل الإثبات، بما فيها شهادة الشهود.
كما يحق أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد الزواج عدم زواجه من أخرى أو أن تسكن في بلد معين، أو أن تواصل دراستها أو عملها، أو أن تكون العصمة في يدها (حق بالعصمة)، وغير ذلك من الشروط المشروعة.
أما الأستاذة زبيدة عسول من الجزائر فتؤكد ان اجتهادات المحكمة العليا ساهمت في رفع الوعي لدى القضاة وتشجيع الاجتهادات الجريئة لديهم، فقامت بتعديل بعض أحكام قانون الأسرة 2005 وكذا قانوني الإجراءات الجزائية والعقوبات، ومن ابرز هذه القوانين قانون الخلع، الذي أعطى للمرأة الحق في طلب فك الرابطة الزوجية بالخلع دون موافقة الزوج على أن لا يتعدى المبلغ المقابل لذلك صداق المثل كما أرسى اجتهادا قضائيا جديدا يعتبر أن حق المرأة في الخلع ليس مرهونا بموافقة الزوج بالإضافة إلى ان اكتسابها لجنسية أجنبية لا يسقط حقها في الحضانة، كما تمت إضافة فقرة جديدة تنص على أنه لا يمكن أن يشكل عمل المرأة سببا من أسباب سقوط حق الحضانة عنها.
ويشير الأستاذ المساعد الدكتور على الهلالي إلى ان العراق لديه العديد من القوانين التي تحمي حقوق المرأة إذ أعطاها الحق في استمرار الزواج على خلاف رغبة الزوج في حالة إخفاء زواجها الأول إذ اعتبر ان هذا ليس سببا يستحق فسخ الزواج، كما أعطاها الحق في التفريق القضائي في حال وقوع ضرر بدني أو نفسي كالقذف بالشرف، كما أعطاها الحق بالتعويض عن الطلاق التعسفي في حال تنازلها عن حقها بالمهر والنفقة.
قانون منصف
فيما يقول المدير العام لمركز الدراسات القانونية والقضائية بالجمهورية التونسية زهير اسكندر ان القانون التونسي الذي يعد من أكثر القوانين إنصافا للمرأة، ولكنه أيضا ساوى بينها وبين الرجل من حيث الإنفاق على العائلة واستحقاق التعويض لمن بقي منهما على قيد الحياة عن الضرر المادي أو بالأحرى الاقتصادي المترتب عن وفاة قرينه وهو ما ينصهر في إطار المبادئ الأساسية للمنظومة القانونية للبلاد التونسية إذ سبق أن أقرت أنظمة الضمان الاجتماعي حق الزوج الباقي على قيد الحياة في الحصول على منحة رأس مال عند وفاة زوجته كاستحقاقه لجراية الباقين على قيد الحياة عند وفاة زوجته إذا مارست قبل وفاتها عملا مأجورا.
وعن قانون الزواج يقول اسكندر يمنع القانون تعدد الزوجات فلا يوجد في تونس رجل متزوج من امرأتين، وأيضا لا يوجد رجل يستطيع تطليق زوجته غيابيا، فالطلاق يجب ان يكون عن طريق المحكمة وهى التي تقره، والطلاق يرتكز على ثلاثة محاور، إما بالاتفاق بين الزوجين على مسئوليات كل منهما بالنسبة للأبناء وفي هذه الحالة لا تتدخل المحكمة في اتفاقهما ولكنها تقره مع حفظ حقوق كل طرف، وإما للضرر بين الطرفين سواء كان بسبب سوء معاشرة أو عنف وما إلى ذلك ، أو ان يعبر احد الطرفين عن رغبته في الطلاق لأنه لم يعد يستطيع معاشرة الطرف الآخر مع عدم وجود سبب، وهنا يتم التطليق مع فرض غرامات مالية للطرف المتضرر من الطلاق وفى حالة إقرار المحكمة تطليق زوجين إمكانياتهما المادية متدنية، تستطيع الزوجة اللجوء إلى صندوق النفقة الذي يتم تمويله من قبل الشئون الاجتماعية بغرض مساعدة المطلقات والأرامل على استكمال مشوارهما في تربية الأبناء.
وتشير ليلى عازوري استشارية جامعية إلى ان المرأة تعاني التميز في الكثير من المجالات على الرغم من أنها أصبحت اليوم تحتل العديد من المناصب ألحيوية ومع ذلك مازال ينتظرها الكثير من التشريعات التي تساعدها على الحصول على حقوقها الأسرية نظرا لان التشريعات المناهضة للعنف ضد المرأة وقوانين الأحوال الشخصية مستوحاة من الشريعة ولذلك لابد من خلق فرصة تتيح للمرأة دخول البرلمان كي تحمل لواء إصدار تشريعات لحماية المرأة.
حقوق البحرينية
من جانبها، أكدت عضو مجلس الشورى نانسي خضوري أن دور البحرين في تعزيز حقوق الإنسان كان واضحا في الكثير من المجالات التي تم تطبيقها وكانت أطلاقة جلالة الملك في مشروعه الدستوري الإصلاحي لأكثر دلالة واضحة على اهتمام جلالته بالإنسان والمجتمع، وهذا يشمل بصورة واضحة حقوق المرأة الإنسانية والاجتماعية والذي تم تطبيقه من خلال اعتماد ميثاق العمل الوطني والدستور والقوانين النافذة على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في الحقوق السياسية والاجتماعية، وهو ما تكفل بترسيخه وحمايته المشروع الإصلاحي الشامل لجلالة الملك المفدى، الذي تجلت أهم دلالاته حاليا في إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والشروع في إنشاء محكمة عربية متخصصة لحقوق الإنسان.
ومن جانبه أشار النائب احمد الساعاتي إلى ان هذه التجربة تأتي استكمالا للدور الذي يضطلع به المجلس الأعلى للمرأة لتمكن المرأة البحرينية ودعم حقوقها في مختلف المجالات كي تشارك مع أخيها الرجل في مسيرة التنمية والعمل الوطني في مملكة البحرين، ونحن كنواب في السلطة التشريعية نحرص على دعم هذا المشروع لأنه جزء أساسي من عملنا من خلال الاطلاع على التشريعات والقوانين الدولية التي تنصف المرأة وتمنحها حقوقها في المجال القانوني والقضائي، وهناك لجنة عليا مشتركة بين المجلس الأعلى للمرأة ومجلسي النواب والشورى لمراجعة جميع التشريعات المتعلقة بالمرأة واقتراح القوانين والمشاريع التي تسد النقص في هذا المجال من اجل منح المرأة الحقوق التي اقرها لها ديننا الإسلامي الحنيف والقوانين ألدولية ولابد للمرأة البحرينية في هذه المناسبة ان تشعر بالاعتزاز لصاحبة السمو الأميرة سبيكة لوقوفها وراء هذه المشاريع ودعمها للمرأة.
وقال الساعاتي لا يمكن ونحن نشهد هذه الندوة الهامة إلا ان نشير إلى غياب الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة الذي قامت بعض الأطراف بتعطيله عدة سنوات الأمر الذي تسبب في غياب أهم تشريع يتعلق بالمرأة والأسرة بشكل عام وما يعني الأضرار الجسيمة التي تعانيها المرأة البحرينية نتيجة لغياب هذا ألقانون وبهذه المناسبة تود كتلة البحرين النيابية ان تعلق بأنها سوف تعمل فى دورة الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الحالي على تقديم مشروع متكامل لقانون أحكام الأسرة بشقه الجعفري حتى تستكمل في مملكة البحرين التشريعات الخاصة والمنظمة بالمرأة والأسرة حيث سبق ان اقر المجلس الشق الخاص بالمذهب السني قبل خمس سنوات.
وفي سياق متصل قالت النائبة سمية الجودر انه فخر للبحرين استضافة الندوة الثانية للمرأة العربية بعنوان: »حقوق المرأة الإنسانية علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي» مما يعكس اهتمام البحرين وحرصها الشديد بضمان حقوق المرأة وترسيخ مبادئ العدالة للإنسان بصورة عامة والمرأة بصورة خاصة تؤكده الأوراق المقدمة خلال الندوة وتبين ان هناك اضاءات لابد من الاستفادة منها، والندوة فرصة جيدة لتبادل الخبرات خاصة مع وجود اجتهادات قانونية أو ترسيخ لرأى فقهي جديد والذي يعد مكسبا جديدا للمرأة في كافة حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، مع التركيز على ان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للأحكام القضائية.
وأكدت رئيسة الخدمات الإدارية بوزارة الصحة شمة الدوسري ان هذه الندوة تعد إضاءة هامة لتسليطها الضوء على الأحكام القضائية الصادرة في الدول العربية الأعضاء بالمنظمات العربية للمرأة التي تميزت تلك الأحكام كعلامات فارقة في مسألة الاجتهاد وأرست مبادئ قانونية تصون وتحمي حقوق المرأة وتترقب المرأة باستمرار لاستكمال الأحكام التي من شأنها حماية حقوق المرأة الإنسانية والنظر لها بعين القانون والعدالة.
حقوقها الإنسانية
وأشارت الإعلامية فوزية زينل إلى ان البحرين كانت احدى الدول المؤسسة لحقوق المرأة وتشريع هذه الحقوق فمنذ تولى صاحب الجلالة مقاليد الحكم منح المرأة كثيرا من الامتيازات حتى استطاعت ان تكون وزيرة وسفيرة وقاضية ورئيسة نيابة ووصلت إلى سدة القرار، يأتي بعد ذلك مشروع جلالة الملك الإصلاحي الذي توج المرأة بمزيد من العطاء فمنحها حقها السياسي كاملا بالترشح والانتخاب فاستطاعت ان تكون عضوا مؤثرا في المجتمع، مشيرة إلى ان المرأة في البحرين والوطن العربي تواجه مشاكل ناتجة بين الفجوة للنص القانوني والتصنيفات القضائية، وبالتالي فنحن نأمل ان تستمر هذه الندوات وان تلقي كافة وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي الضوء عليها من اجل ان نقلل الفجوة الموجودة ما بين النصوص والواقع التطبيقي.
تطور القوانين
وأكدت رئيسة جمعية التطبيق الاستراتيجي هالة صليبيخ وجود تطور في الإحكام والقوانين متمنية كامرأة بحرينية تتويج هذه الانجازات بإقرار قانون الأحكام الشخصية (الشق الجعفري) مشيرة إلى ان عدم التطرق إلى التحديات التي تعيق أو تؤخر أو تفقد المرأة العديد من المكتسبات قد أثار قلقها، خاصة ان المحاضر من تونس ذكر أنهم تخوفوا من الثورة وأثارها في فقدان كل الأحكام والقوانين المتعلقة بحقوق المرأة وفقدان المكتسبات الوطنية إلا انه مع وجود إقرار سياسي وطني في تونس لن يكون هناك مس بهذه القوانين ولا هذه المكتسبات، وكانت تلك رسالة قوية إلى من ينظر من جانب واحد فمن ينظر ويشيد بالثورة التونسية عليه ان لا يكون انتقائيا ويتعلم ان الثورات هدفها المحافظة على المكتسبات وليس هدمها تحت اي ذريعة أو هدف وهذه هي المواطنة الصالحة.
وتقول النقيب عالية عبدالله بوزارة ألداخلية تعد مملكة البحرين من أول الدول الرائدة والساعية للنهوض بالمرأة منذ الأزل فقد دخلت المرأة البحرينية العديد من المجالات وكانت مشاركاتها بارزه وواضحة مقارنه للمرأة بالمنطقة ومن يتبع التنظيم التشريعي بمملكة البحرين يلحظ ان المقنن البحريني اتجه منذ عام 1990 إلى إعطاء المرأة البحرينية مكانتها المرجوة، وبحلول عام 2000 زادت التشريعات وكثرت التعديلات على التشريعات القائمة بغرض تقرير مركز ثانوي أفضل للمرأة في المملكة.
وتتحدث رئيسة بيت المودة الاجتماعي أمل عبيد عن قضايا المرأة المعنفة التي تمر عليهم فتقول: المرأة المعنفة من قبل الزوج ولديها عدد من الأبناء وتكون بلا عمل أو دخل خاص تجبر على مواصلة الحياة معه لاحتياجها إليه، ويصبح من الصعب طلب الطلاق او الشكوى مما يؤدي إلى زيادة عنف الزوج تجاهها ليقينه من انه الملاذ بالنسبة لها، والمشكلة ان القوانين تنصف المرأة وهى موجودة، ومراكز الإرشاد الأسرى تقدم النصيحة والمساعدة، المشكلة الحقيقية في زمن التطبيق إذ يستغرق وقتا طويلا وأيضا في تنفيذ القانون وفي هذه الأثناء تظل المرأة بلا مأوى ولا حياه كريمة.
وعن الحلول تقول عبيد يجب إنشاء «محكمة للأسرة»، مستقلة ومتخصصة للبت في القضايا الأسرية بسرعة، كما هو الحال في جزر المالديف فلديهم محكمة الأسرة ولها صلاحيات تسرع وتبت وتحل قضايا المرأة في الأسرة بآلية مرنة كما صرح لي مدير المحكمة الأسرية بجزر المالديف في احد اللقاءات خارج البحرين.
وتؤكد المحامية غادة عبدالله صليبيخ ان قانون أحكام الأسرة نظم النفقة والحضانة والطلاق والزيارة ولكن مازالت هناك مشكلة كبيرة تختص بمسكن الزوجية وشروطه بالإضافة إلى مسكن الحضانة، ونحتاج إلى تشريع ينظم ويوضح حقوق المرأة في هذه الجزئية بالإضافة إلى تشريع صريح وواضح لتطبيق ما يسفر عنه حكم القضاء إذ نصادف مشكلة في تنفيذ بعض الأحكام كالنفقة في حالة سجن الزوج أو هجرته، وفى هذه الحالة تذهب المرأة للحصول على حقوقها عن طريق صندوق النفقة، وهذا في حال سجن الزوج أو هجرته أو إذا كان عاطلا عن العمل ينطبق عليها شروط الاستفادة من صندوق النفقة، أما في حالة تهرب الزوج من سداد النفقة فيتم استصدار قبض عن طريق الشرطة وإذا إصر على الامتناع يتم حبسه لحين سداد متخلف النفقة.