بريد القراء
رسوم التسجيل العقاري وما أدراك ما رسوم
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٧ يونيو ٢٠١٢
نشرنا في هذه الجريدة الغراء مقالاً في العدد 12302 مؤرخ في 28 نوفمبر 2011، تعرضنا فيه للمشكلة الطامة المتمثلة في إلزام المواطن بدفع رسوم ثقيلة مرهقة لتسجيل عقار ابتاعه للسكن والاستقرار فيه مع أسرته، وليس للاستثمار وتطرقنا إلى نسبة الرسوم التصاعدية التي تصل إلى 3% من قيمة قطعة الأرض إذ بلغ الثمن 120000 دينار أو تجاوزه. ان هذا القرار المجحف لم يراع أبداً الزيادة المضطردة حسابيا، أي انه كلما ارتفع السعر زاد المبلغ المتحصل طالما النسبة ثابتة، بل تمادى وتعدى حدود العقل والمنطق ففرض زيادة أخرى، وهي نسبة الاستقطاع. ولنضرب مثالا صريحا لحالتين، قصد التدليل والإثبات، إلا ولنعرضها لمواطن اشترى 4 قطع قيمة الواحدة 70000 دينار بمبلغ مقداره 280000 ألف دينار فيدفع رسوما تبلغ 2800 دينار فقط بمعدل 700 دينار للقطعة أي بنسبة 1%. اما في الحالة الأحرى فهي لمواطن اشترى أرضا قيمتها 280000 ألف دينار فإنه وفق نسبة الرسم المحدد بـ 3% مضطر الى أن يدفع 6000 دينارا. انظر إلى التفاوت الفظيع اللامعقول. وهكذا يتضح - يكمن التمييز بين من يشترى عدة قطع من الأراضي الصغيرة المساحة، ومن يبتاع قطعة واحدة متوسطة المساحة، فالأول يدفع رسوما أقل على مجموع القطع التي تزيد مساحتها الأجمالية عن مساحة ما اشتراه الآخر، الذي سيدفع مبلغا أكبر لمجرد أن قيمة قطعة الأرض التي ابتاعها تقع ضمن شريحة رسوم غير منطقية غير سوية ولا تمت للعدل والحق بأية صلة، ولا ندري كيف أقرت. هكذا تفرض الحكومة توجها لا يخدم إلا من يتفنن في التحايل على القانون ويعرف كيف يطيعه لصالحه ولاسيما من لديهم أموال طائلة (للتكويش)، اذ يمكنه قبل الشراء التفاهم مع البائع- وهذا غالبا ما يملك هذه الأراضي وغيرها اما بالاستحواذ أو بدفع ثمن بخس لضمها إلى ممتلكاته- على تقسيم الأرض إلى قطع صغيرة فهؤلاء المستفيد الأكبر إذ يشترون عقارات بقيمة متدنية بقصد المتاجرة والاستثمار. فالفرد من هذه الفئة يسعد ويتنعم، بينما الآخر من غير ذات الفئة، الذي يسعى لتأمين عيشا كريما لأسرته، يشقى ويتعب. لنتساءل، أيا يكون في وضع أفضل من الآخر؟ الذي يعقد صفقات مربحة ترفع أسعار العقارات، أم الذي يسعى لتأمين مسكنا لائقا لأسرته. مخففا بذلك على الدولة مشقة توفير خدمة أسكانية تتحمل مسئوليتها وزارة الإسكان، ذلك بحسب الدور المناط بها بموجب الدستور والقانون. إذن لا مناص من قيام الدولة بتحديد نسبة واحدة مقبولة وتربط ذلك بسقف، يكون رقما مطلقا - ألف وخمسمائة دينار على سبيل المثال - لا يتجاوزه الرسم على الأقل في حالات الشراء بغرض الاستخدام الشخصي للعقار أيا كان النوع، ويطبق هذا على الهبات من غير الطلبات الاسكانية وتلك الآيلة بالإرث، على أن تحكمها ضوابط درءا للتلاعب. في هذا السياق قد نما إلى علمنا أن مجلس النواب وافق على مشروع بقانون لتعديل نسبة رسوم التسجيل العقاري بحيث تثبت عند 1% (واحد في المائة)، وأحيل المشروع إلى الحكومة. هذا الموقف المشرف لأعضاء المجلس، ينبغي الاشادة به. ونأمل من الحكومة الاسراع في التعامل معه لإسعاد المواطنين. فان أي فترة انتظار تضر وتؤذي شريحة كبيرة متوقفة ظروفهم على صدور القانون الجديد القديم. اذ لا يختلفان الا من حيث رخص القانون المعمول به حاليا للوزير المختص زيادة أو خفض النسبة. وهذا ما ننشده من مجلس الوزراء باصدار قرار يلغي الزيادة ويبقي على التخفيض، وهو أمر متاح ومشروع، يتفق والقانون ولا يتعارض مع الدستور. فهل نفرح اليوم قبل الغد؟ السؤال موجه إلى سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس مجلس الوزراء المبجل، الذي عودنا على مثل هذه المواقف الجميلة الوقع والتأثير.
محمد خليفة