مقالات
الخديو إسماعيل وحفلات افتتاح قناة السويس عام 1869
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٢
بعد مضي عشرة أعوام على البدء في حفر قناة السويس (1859) والتي اشترك في حفرها عشرات الآلاف من العمال المصريين، بينما قدر من توفي منهم بأكثر من عشرة آلاف عامل مصري نتيجة الاعياء والتعب وسوء التغذية، الى جانب الامراض المعدية مثل الكوليرا والتيفوئيد وأمراض أخرى، أضف إلى ذلك قسوة المعاملة التي راح ضحيتها آلاف منهم. بعد كل ذلك يأتي ذلك اليوم من عام 1869 أو بالأحرى 18 نوفمبر 1869 ليقيم فيها الخديو اسماعيل حفلات اسطورية لضيوفه الذين دعاهم بنفسه لحضور هذه المناسبة الكبرى. وقد قدر عددهم بستة آلاف مدعو من رؤساء وملوك وشخصيات بارزة بمن فيهم ممثلو الصحافة العالمية ورجالات العلوم والفنون وكبار التجار وقد لبوا دعوة الخديو وجاءوا من مختلف دول أوروبا، وكان قد غادر الخديو اسماعيل بتاريخ 14/8/1868 مبحرا على ظهر يخته «المحروسة» لدعوة هؤلاء الرؤساء والملوك بنفسه، لم يكتف بذلك بل طلب 500 طباخ و1000 خادم من فرنسا، وذلك للعمل في خدمة ضيوفه، الذين مكثوا في ضيافته مدة شهر كامل زاروا خلالها مختلف المناطق الاثرية في مصر منها: دار الاوبرا التي شيدت بهذه المناسبة والتي - مع الاسف - احترقت ومعها ثياب وألبسة الممثلين. وقد كلف الخديو السيد أوجيت مارييت لإعداد السيناريو لاوبرا «عايدة»، كل ذلك وتلك الحفلات الكبيرة والبذخ الذي رافق الضيوف وحفلاتهم كلف الخديو اسماعيل أكثر من اثني عشر مليونا من الجنيهات المصرية استدانها عام 1868 من بعض الجهات المالية في الدولة وكانت هي الجانب المظلم الذي عجل بإنها حكمه ومن ثم دخول الانجليز.
كان من ضمن المدعوين الذين حضروا حفل افتتاح قناة السويس الامبراطورة «أوجيني» امبراطورة فرنسا وزوجة الامبراطور نابليون الثالث.
هذه الامبراطورة التي هي القصد من حديثنا هذا كانت اجمل الحاضرين في تلك الحفلات مما جعل الخديو يخصها باهتمام ورعاية من دون غيرها، لذلك عندما رجعت إلى بلادها وقد تأثرت كثيرا بتلك الحفاوة وأرادت أن ترد إلى الخديو شيئا مميزا من ذلك الجميل الذي أحاطها الخديو اسماعيل بالامبراطورة «أوجيني» فقد كلفت هيئة الصداقة الفرنسية الامريكية بصنع تمثال لقروية مصرية تمسك في يدها أغصانا أو حماما على ان توضع على مشارف قناة السويس، وقد بدأ بالفعل في صنع هذا التمثال الا انه بعد ان تهيأوا لإرساله حدثت بعض الحروب والاضطرابات في المنطقة مما تعذر معها ارساله إلى مصر، وبعد مضي وقت طويل على صنع التمثال والحروب مازالت قائمة في المنطقة اقترحت على اثر ذلك هيئة الصداقة الفرنسية ــ الامريكية ان يحول هذا التمثال الى تمثال آخر وبشكل آخر على ان يبعث إلى الولايات المتحدة الامريكية كهدية من فرنسا، وهكذا تم ارساله كعربون للصداقة الفرنسية ــ الامريكية وهو نفس تمثال الحرية الذي مازال منصوبا وقائما في مكانه الحالي في جزيرة منهاتن بنيويورك.