مصارحات
رمضان وقطار الحياة!
تاريخ النشر : الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
ها هو الضيف العزيز يعود لزيارتنا، ولا نعلم هل سنكون فوق الأرض عندما يحلّ علينا أم سنكون تحتها؟
إنّه آخر الأسبوع، وقد تعبنا من السياسة والساسة، ولنا من حديث النّفس وخواطرها ما يحرّك المشاعر قليلا، ويستنهض الهمم.
يأتي رمضان، والحال غير الحال، فعينَا الأمّة كلتاهما في حالٍ يغني عن السؤال، إحداهما تبكي على التطهير الديني والمذهبي في سوريا، والأخرى تبكي على مجاعة اليمن، ولا نمتلك غيرهما لنفرح قليلاً بالحريّة التي انتصرت وحطّمت الاستعباد والاستبداد في تونس ومصر وليبيا.
رمضان يقترب والنفوس غير النّفوس، فهناك من يكيد كيده، وهناك من يمكر مكره، هناك من يتجرّع ذلك المكر وذلك الكيد، وهناك من يخطّط له ويفرح، وشتّان بين من يضمّ الوطن بيديه وجسده ليحميه من الأشواك، وبين من أثخن فيه الجراح ومازال!
يقترب شهر الخير، وهناك من بيننا من آذى أمّه وأباه، يقطعُ وصالهم، ويسيء معشرهم، يركل برجليه بساط الجنّة الممدود تحت قدميهما، ويتنكّر لهما بعد أن اشتدّ عوده، وما علِم أنّه لولاهما بعد الله تعالى، ما اشتدّ له عود، وما اصطلب له ظهر.
أقبل رمضان، ومن بيننا من هو مصرٌّ على عقوق والديه ووطنه وإخوته وجيرانه وأصحابه، ونسي أنّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين.
تشغلنا السياسة، وتلهينا الأعمال، ويضنينا كدح العيش، وما علمنا أنّ الدنيا فانية، وأنّ ابن آدم، ليس له من حياته إلاّ ما قدّم.
نركُض خلف الدنيا، ونراها تسابقنا الهرب منّا، وذلك لأنّنا بنينا لها سكناً في قلوبنا، ولو انتزعناها ورميناها خارج قلوبنا، لرأيناها تركض خلفنا، ونحن نهرب منها!
رمضان فرصة العمر، ليس بين العبد وربّه فقط، بل هي بين الإنسان وجميع علائقه الاجتماعية، بين الحاكم والشعب، بين الأب وأبنائه، بين ربّ العمل والموظّفين، بين الرئيس والمرؤوس.
ليس من الحكمة، مواصلة الانطلاق من دون توقّف! فالوقوف أحياناً يكون ضرورياً لتكون الانطلاقة التي بعده أقوى من التي قبلها.
كم تعوّد بعضنا على روتين مملّ في حياته، فوجوهُ الأصدقاء تتكرّر كلّ ليلة، في نفس البرامج والسهرات! حتى حكايات السّمر لا تتغيّر، لكن صياغتها قد تختلف قليلا!
أصبحنا نشكو ونتذمّر من روتين حياتنا اليومي، بينما نرفض حتى التفكير في تغييرها.
نخطّط لنفرح مع أصحابنا في كلّ ليلة، بينما ننسى أنّ هناك زوجة وأطفالا، لا نتذكرّهم إلا في الأعياد، هذا إذا تذكّرناهم.
أنسانا الشيطان أنّ هديّة بسيطة للوالدين أو للزوجة أو للأبناء، قد تغيّر حياتنا كثيرا، تلك الهديّة قد تكون كلمة، ومع ذلك البعض يبخل بها على الآخرين، بعضنا لم يبقِ نوعا من الابتسامات لم يزرعها في جلساته مع أصحابه، بينما ترى وجهه مكفهراً مع زوجته وعياله، وكأنّما يرى ملك الموت رأي العين يطلّ خلفهم.
رمضان سيأتي وسيذهب، وأنت من تصنع التغيير في حياتك، فلا تبخل على نفسك أن تصنع من حياتك كتاباً مليئاً بالعمل الصالح والسعادة والفرح والنُبل والشهامة، لأنّ هذا ما ستتركه في صحيفتك وعقول النّاس. ملأ الله أيّامكم بالسعادة والأفراح إجازة سعيدة