الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٦ - الجمعة ٢٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٨ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


مغزى إعلان منظمة الصحة العالمية





أعلنت منظمة الصحة العالمية في يونيو ٢٠١٢ في مدينة ليون )noyL( بفرنسا بشكلٍ رسمي أن الملوثات التي تنبعث من حرق وقود الديزل في محركات الديزل من سيارات ومولدات الكهرباء وغيرهما تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة.

فقد وَضعتْ الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية الأدخنة والملوثات التي تنبعث عند حرق الديزل ضمن المواد «المسرطنة»، مثلها مثل التدخين، والأسبستس، والأشعة فوق البنفسجية، والخمر.

وهذا التصنيف من هذه الوكالة البحثية المتخصصة لم يأت اعتباطاً أو مسيساً أو من أجل مصلحة دولة بعينها، وإنما بُني على أسسٍ علمية وطبية مستخلصة من عددٍ كبيرٍ من الدراسات الموثقة حول التأثير الصحي المزمن للملوثات التي تنطلق عند حرق وقود الديزل، وبخاصة من السيارات.

فالدراسات جاءت متواترة حول انعكاسات دخان الديزل، وأجمع العلماء على خطورتها على الصحة العامة، والأمراض المتعددة التي تنجم عن التعرض المستمر لهذه الأدخنة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك دراسة نُشرت في مارس ٢٠١٢ في مجلة المعهد الأمريكي القومي للسرطان

)etutitsnI recnaC lanoitaN eht fo lanruoJ( تفيد بأن الجسيمات الدقيقة المتناهية في الصغر التي تنبعث من سيارات الديزل والتي تحتوي بداخلها على ملوثات كثيرة أخرى تؤدي إلى الإصابة بالسرطان. كما نَشَرتْ مجلة جمعية الأطباء الأمريكيين

noitaicossAlacideMnaciremAfolanruoJ في العدد الصادر في فبراير ٢٠١٢، دراسة تشير إلى العلاقة بين التعرض لفترة زمنية قصيرة للملوثات الناجمة عن عوادم السيارات وارتفاع احتمال الإصابة بالذبحة الصدرية والسكتة القلبية. وأكدت هذه النتائج، دراسة نُشرت في المجلة البريطانية للطب )lanruoJ lacideM hsitirB( في سبتمبر ٢٠١١، حيث تبين أن هناك علاقة مباشرة بين التعرض للذبحة الصدرية ونوعية الهواء الذي يستنشقه الناس ويتعرضون له في كل ثانية، إضافة إلى أن تدهور نوعية الهواء بسبب السيارات يؤدي في بريطانيا إلى الموت المبكر، وتقدر أعدادهم بـ ٢٩ ألفا سنوياً، منهم ٤٢٠٠ في لندن وحدها.

كذلك أكدت دراسة شملت ٢٥ مدينة أوروبية، واستغرقت ثلاث سنوات على أن تلوث الهواء من الجسيمات الدقيقة يُكلف خسائر مالية تقدر بـ ٤٣ بليون دولار بسبب الأمراض المزمنة التي تنجم عنه، إضافة إلى أن هذه الأمراض تقلل من معدل عمر الإنسان بسنتين.

وعلاوة على ذلك، أكدت دراسة حول العلاقة بين عدد الأموات من حوادث السيارات والموت المبكر بسبب التعرض لملوثات السيارات، أن أكثر من ٥٠٠٠ شخص يلقون حتفهم لإصابتهم بسرطان الرئة وأمراض القلب، مقارنة بـ ١٨٥٠ فرداً يموتون بسبب الحوادث المرورية.

ولذلك من الواضح أن تلوث الهواء من السيارات، وبخاصة السيارات التي تعمل بوقود الديزل له انعكاسات خطرة تهدد حياة الناس، وتسبب لهم العديد من الأمراض المزمنة، وعلى رأسها السرطان.

وقد نبهتُ شخصياً إلى هذه الحقيقة منذ سنوات، وقدمت شرحاً مسهباً لكل الأبعاد المتعلقة بالسيارات في الكتاب المنشور عام ١٩٩٤ تحت عنوان: «السيارات: المشكلة والحل»، وشَخصتُ في الكتاب قضية السيارات من الناحية البيئية، والصحية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية، كما قدمت في الوقت نفسه الحل الذي أراه لمواجهة هذه المشكلة العصرية المعقدة والمتشابكة من خلال تبني ما أطلقتُ عليه «الحل المتكامل والشامل»، بحث تقوم الجهات الحكومية التنفيذية كافة ، والجهات التشريعية، والجمعيات والأندية، والأفراد بدورهم في المساهمة في حل القضية، فيتحمل كل مسؤوليته حسب اختصاصه وإمكاناته.

ولذلك لابد لنا في البحرين أن نتجاوب مع إعلان منظمة الصحة العالمية ونتخذ الخطوات العلاجية والوقائية للحد من خطورة عوادم السيارات على الصحة العامة.

hb.moc.ocletab@wptfcnb



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة