الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


السيادة الوطنية أولا وآخرا

تاريخ النشر : الجمعة ٢٩ يونيو ٢٠١٢



يشعر العديد من المواطنين البحرينيين بالإحباط المتزايد تجاه التدخلات الأمريكية في شأننا الداخلي ويتضاعف هذا الشعور عندما يصبح هذا التدخل مقترنا بأمرين خطيرين: الأول العدوانية المتفاقمة تجاه دول الخليج العربية عامة وتجاه مملكة البحرين خاصة، والثاني تنمر المعارضة الوفاقية وارتفاع درجة الوقاحة في خطابها، وإذا ما ربطنا بين هذه الجوانب الثلاثة أصبح من السهولة بمكان الوصول إلى استنتاج لا نريد الوصول إليه ولكنه استنتاج منطقي وواقعي وهو أن هذه الأطراف الثلاثة باتت تتآمر على شعب البحرين وقيادة البحرين وعلى شعب الخليج العربي وقيادة الخليج العربي قاطبة وهو تآمر لا يحتاج إلى عرض أدلته لأن هذه الادلة تجسدها أقوال وأفعال هذه الأطراف نفسها.
وإحباط شعب البحرين جاء من هذا الثالوث الذي تجمعه أهداف مشتركة تتمثل بالدرجة الأولى في إضعاف وحدة الخليج العربي وفتح الباب أمام الجسر الإيراني للهيمنة على هذه المنطقة وتقاسم هذه الهيمنة من الأمريكان، وقد يقول قائل إن هذا مجرد مخاوف وقد تقول المعارضة المهرجة ان هذا مجرد ادعاءات للهروب من مواجهة استحقاقات الإصلاح السياسي في البحرين والرد على ذلك أن الذي يريد الاصلاح لا يخرج منه وأن الذي يريد الاصلاح لا ينزل من عربته وهي تسير والذي يريد الاصلاح لا يحاربه بشتى الوسائل الحقيقية وغير الحقيقية ولسنا هنا في حاجة إلى استعراض نماذج من هذا التصدي وهذه العرقلة للإصلاح الذي خرجت منه الوفاق وقد كانت شريكا فيه وها هي اليوم تتكلم عن الإصلاح.
أما على الصعيد الأمريكي فإن الإدارة الأمريكية الديمقراطية وممثليها في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في البحرين يعلمون علم اليقين مدى صدق السلطة في اتجاهها نحو الاصلاح الديمقراطي ومتى اخلاصها في تركيز أسس الدولة الديمقراطية وقد كان مشهودا خلال السنوات الماضية حجم الجهد الذي بذلته الدولة سواء على الصعيد التشريعي أو الاقتصادي أو السياسي من جهود لنشر الرفاه وبسط الأمن وتعزيز الشراكة المجتمعية وجعل الديمقراطية جزءا لا يتجزأ من حياة المجتمع البحريني بل كانت شاهدا على سعة صدر السلطة وسعة أفقها السياسي وسعة تعاملها الأمني مع المؤامرات والخيانة والعنف والإرهاب ولكن مع ذلك فإن المواقف الأمريكية بوجه خاص تبدو غير متناسبة بل تفتقر إلى الحكمة السياسية وذلك بسبب ارتهانها إلى استراتيجية المحافظة على الوضع القائم في الخليج العربي إى المحافظة على الوضع الإيراني بكل ما فيه من كوارث، وهذا يعني أن الاستراتيجية المتبعة من الأمريكان منذ عقود وبغض النظر عن طبيعة النظام في إيران تقوم على أساس المحافظة على قوة إيران وهيمنتها على المنطقة في مقابل التسهيلات التي قدمتها إيران عبر التاريخ وخصوصا في ظل الملالي لتحقيق الاستراتيجية الأمريكية ويتمثل ذلك في تسهيل الاحتلال الأمريكي لأفغانستان من قبل السلطة الإيرانية وإسقاط حكومة طالبان وكذلك مساعدة إيران للولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال العراق وبذلك فإن التفاهم الأمريكي الإيراني على الصعيد الاستراتيجي يأتي على حساب أمننا واستقرارنا ومصلحتنا الوطنية والخليجية وقد ظهر ذلك جليا في السلوك الأمريكي والإيراني وأدواتهما المحلية في البحرين التي تجسد الرغبة في إحداث تغيير عبر مؤامرة أمريكية إيرانية لتغيير النظام بأدوات محلية طائفية حليفة قدمت ولاءها الطائفي على ولائها الوطني وخرقت القانون ونقضت العهد والصف الاجتماعي العام لتغير النظام بمختلف السبل بما في ذلك الاستعانة بالأجنبي واعتماد العنف والإرهاب وهو ما لا يمكن تصنيفه إلا ضمن مفهوم الخيانة العظمى.
بقيت ملاحظة مهمة لابد من إبدائها وهي أن ما يثار من مواقف أمريكية إيجابية تجاه البحرين الدولة والشعب مثل تزويد البحرين بالسلاح الأمريكي أو الحديث عن الإيجابيات في بعض مواقف الدولة أو الدعوة إلى الحوار هي في الحقيقة مواقف شكلية مظهرية، ونعتقد أن هذا التلاعب في التصريحات يأتي فقط لخلق بيئة مناسبة لتنفيذ مؤامرة أكثر تقدما من خلال سلوك يتبع تلك الاستراتيجية التي أشرنا إليها والتي هدفها في النهاية اسقاط نظام الحكم في البحرين من خلال نظام عميل لإيران ويتناسب مع التوجهات الأمريكية في ضوء ما يحقق هذه المصلحة دون اعتبار للأبعاد الأخلاقية وللالتزامات السياسية والاتفاقيات والبرتوكولات التي تربط البحرين بالولايات المتحدة الأمريكية.
إن الأمريكان يرتكبون خطأ جسيما في طريقهم في التعامل مع البحرين ودول الخليج العربية خصوصا أن هذه المعارضة التابعة لإيران والطائفية لن يقبل بها شعب البحرين ولا شعب الخليج فضلا عن كونها ليست ديمقراطية ولا يمكن أن تبني ديمقراطية وإن تحققت أهدافها لا قدر الله سوف يعني في النهاية إدخال هذه المنطقة في اضطرابات لا أول لها ولا آخر.
إن سلوك الإدارة الأمريكية والسفارة الأمريكية في البحرين وتدخلاتها المستمرة في الشأن الوطني وفي أحكام القضاة يكشف حقيقة الاستخفاف الأمريكي باستقلالنا الوطني وسيادتنا على بلدنا وعلى قراراتنا الوطنية وأن حل الأزمة في البحرين لا يمكن أن يكون إلا بأيد بحرينية ورؤية بحرينية خالصة ليس من ضمن التدخل الأجنبي ولا التسلل الفارسي ولا العمالة للخارج ولا الخيانة للوطن وقد جربت المعارضة العميلة للخارج كل سبل الحوار والرحمة والتسامح فلم تزدد إلا غلوا وتطرفا وفسادا لأنها تعتمد على الدعم الأمريكي المتوازي مع الأوامر والتوجيهات الإيرانية.