أخبار البحرين
الشيخ علي مطر:
علينا التخلص من الإيحاءات السلبية في حياتنا
تاريخ النشر : السبت ٣٠ يونيو ٢٠١٢
قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق:
تصرف غريب وخاطئ من البعض ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك، ويتمثل هذا السلوك السلبي في التخوف من الصيام هذا العام بسبب الحر وطول النهار، إذ أخذ البعض في توجيه الإيحاءات السلبية الى نفسه والى من حوله، كيف سنصوم هذا العام؟، لن نقدر على الصيام، تعب ومشقة، ساعات طويلة.
عجبا لقد صمنا وصام الآباء والأجداد في ظروف أصعب من ظروفنا، ولننظر إلى كثير من الدول وإمكاناتهم المتواضعة وهم يصومون ويعملون بل هناك دول تقاتل وتجاهد، فيقال إذن الصيام سهل وميسر والأيام تنقضي بسرعة وبيوتنا ومساجدنا ومكاتبنا وسياراتنا مكيفة والحمد لله.. هذا من جانب.
ومن جانب آخر ما نسمعه من البعض أيضا بالنسبة إلى الجو والمناخ.. ما هذا الحر، «أوف الحر شديد»، لا أستطيع العمل، لا أستطيع أن أمشي وغيرها من العبارات.
ومعلوم أن شدة الحر من فيح جهنم كما بين ذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فكان الأمثل أن نتعوذ بالله من جهنم، إذ تلك الكلمات لن تغير من الواقع شيئا، ومن الأفضل أن نقول: الجو جميل والمناخ طيب، ما هي إلا أيام يسيرة ويتغير إلى الأحسن والأفضل، باستطاعتنا التحمل والله سبحانه أعطانا القدرة على التكيف.
وبصفة عامة فإن هذه الإيحاءات إما أن تكون ذاتية يوجهها الإنسان الى نفسه في أي أمر وشأن إما بالكلام أو التفكير: أنا لا أستطيع، هذا الأمر صعب، أنا عاجز، أنا ضعيف، أنا مريض، من المستحيل أن يتحقق هذا.
فهذه رسائل وتوجيهات سلبية للعقل الباطن لها تأثيرات سيئة على شخصية المرء وقدراته وإمكاناته.. والواجب توجيه الإيحاءات الإيجابية النافعة الى العقل الباطن، أنا نشيط، أنا أستطيع، أنا قادر على كذا وكذا، هذا الأمر بسيط، وهذه المادة سهلة.. وهكذا.. يغير الإنسان تلك الأفكار والإيحاءات كما قال الله عز وجل في سورة الرعد: « إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».
ومنها إيحاءات من المحيطين بالإنسان من أهل وأصدقاء وزملاء وغيرهم فمن ذلك إيحاءات الآباء أو المعلمين السلبية والتي ممكن أن تهدم شخصية الأبناء والطلاب وتؤصل فيهم صفات الضعف والانهزامية والكسل وعدم الإنتاجية، كقولهم: أنت ضعيف، أنت لا تستطيع، أنت فاشل، أنت غبي، أنت فوضوي، ليس فيك فائدة، لا يرجى منك خيرا، عمرك لن تتغير، لن يتحسن مستواك.
فيجب علينا أن ننتبه لكلماتنا وإيحاءاتنا لأبنائنا لأنها تتخزن في عقلهم الباطن، وتؤثر سلبا في حياتهم وقدراتهم.
وعلينا بالكلمات الطيبة والإيحاءات الإيجابية الحسنة التي فيها تحفيز وتشجيع لكي نُثَبِت الصفات الجيدة التي تغرس فيهم القوة والشجاعة والنجاح والتفوق.. أنت قادر، الدراسة سهلة، تستطيع الحفظ، أنت ذكي، أنت مبدع، أنت قوي، أنت شجاع، أنت لا تخاف، جرحك بسيط.
ومنها إيحاءات يسمعها الإنسان ممن حوله من المحبطين والمثبطين مثل: أنت لا تصلح، عملك غير جيد، مشروعك فاشل، لن تحقق شيئا، لا تستطيع أن تعمل هذا العمل أو ما يقال وينشر من خلال الكتابات وغيرها أن فلانا لن يستطيع أن يفعل شيئا، وهذا الرئيس لن يحقق انجازا، أو ذلك المسئول غير قادر.. فهذا الذي ينشر في مواقع كثيرة ومنها على شبكة التواصل تويتر ويسمونها تغريدات بل هي نهيق وصوت الغربان ففرق بين التغريد بكلمات صالحة حسنة والنهيق بكلمات السوء والشر...
فالأمة اليوم بحاجة إلى التفاؤل وترك التشاؤم، فرغم ما حصل في أفغانستان والعراق وسوريا اليوم وأراكان في بورما وغيرها، والأمم المتحدة والدول المتقدمة والمنظمات الحقوقية لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، ولكن مع ذلك فالنصر بإذن الله.
فيقال لأمثال هؤلاء المثبطين: قل خيرا أو اصمت، كما قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ»، قال الله تعالى في سورة البقرة: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا...».
وقال سبحانه في سورة الإسراء: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ».. ليس الحسن بل الأحسن، فهذا أمر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر العباد، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة.
ثم على الإنسان أن يختار الرفقة الصالحة الناصحة المحبة الواعية المتفائلة، فاليوم لا يكفي الصحبة الصالحة في نفسها وينقصها الوعي والتفاؤل، فلا يكفي الصالح غير الناصح والمتشائم، ولا يلتفت الى الكلام الذي فيه تثبيط وإحباط وقتل للمعنويات، ودفن للمواهب والقدرات.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ». وقال: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ».
وكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَليْهِ وآله وسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ.
ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ، قيل وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُم». ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتغيير الأسماء القبيحة لما لها من إيحاءات وتأثيرات سلبية على صاحبها.